(أعتقد أن الأحلام هي وليدة مايطبع بشكل لا إرادي على لوحات العقل الباطن...نتيجة لمشاهدات يومية أو قراءات لصفحاتٍ، صور فيها جانب حياتي مر به بعض البشر...
كانت لي تجربة في ذلك...أحببت أن اسطرها كأنفعال انساني يمر على الكثيرين ويأخذ أشكالاً كثيرة...)
في احدى مطالعاتي لسيرة ذاتية لأحد الأشخاص...سارداً فيها معاناته في زنازين الأعتقال، قرأت هذه الصفحات وانهيت مطالعتي...
لجأت الى فراشي لأرسل جسمي في اجازة لسويعات من تعب اليوم...
فجأة...!!!!
دخلت مجموعة مسلحة ترتدي ملابس بدون أي علامة تدل على جهة ارتباط هذه المجموعة...
اقتادتني من فراشي وقيدت يدي الى الخلف وبعثرت أشيائي في الغرفة ولم تسمح بتدخل أي شخص من عائلتي....
وضعوا كيساً رمادياً قذراً على رأسي حجب عني الرؤية...
اقتادوني الى الخارج وأركبوني في سيارتهم وانطلقت السيارة الى أن توقفت في مكان ما...
أُنزلتُ مع عزف الركلات على كل جسمي....
ادخلت الى غرفة التحقيق...لم يسألوني أكثر من أسمي...
بعدها...
نادى المحقق على شخص وطلب منه اخذي الى الزنزانة...
هنا بدأت القصة...
حرر السجان يدي ورفع الكيس من رأسي ودفعني داخل حجرة بأبعاد قبر.... نظرت حولي لم أجد سوى جدران خط عليها بأظافر من كانوا قبلي...((كلمات وخطوط وتواريخ ورسوم بلا ملامح))...
كانت الجدران صمّاء الا من تلك الأشياء...وشباك صغير بحجم الأمل...
مرتفعاً قليلاً... يطل على المجهول....
أصوات الأنين تصلني من الفتحات الصغيرة التي صنعها تأكل اطار الباب...أصوات مرعبة...كأنما الموت يقتطع من الحياة قطعاً بسكين العذاب ليطعمها لسياط الجلادين...
لاأعرف لماذا لم أشعر بالجوع...وكانت هناك وجوه ادمية تشبه الكثير من أحبائي وأصدقائي..
توقف تفكيري..
ترى ماذا سيفعلون بي؟ ...
أشعر ان جوف الزنزانة هو فم حيوان خرافي...يحاول أن يبتلعني...الرائحة العفنة التي تصدر من فم هذا الوحش هي طفح المياه الثقيلة من مرحاض الزنزانة...
دخل علي بعد ساعة من المتاهة داخل الزنزانة...سجان سمين مترهل وقيدني ووضع كيس التقطه من الأرض...غير الكيس الذي كنت البسه أو هو نفسه ولكنه أصبح رطبا قليلاً...لامتصاصه بعض رشح المياه من الأرض...
عندما البسني الكيس كدت أختنق من عفونة القماش الذي أصبح متماساً مع أنفي...أخذني في ممر أسمع خلاله أصوات مختلفة...لاتوصف الا بانها أصوات للموت في قبر ضيق...
جعلني انتظر على كرسي حديدي في غرفة مظلمة استشعرت ظلمتها من انقطاع رشح الضوء من خلال الفراغات بين خيوط الكيس الذي البسه...
قيدني الى الكرسي...
جاءني المحقق ورشقني بأسئلة كثيرة لم أفهم معظمها فانا لا أعرف لماذا جاءوا بي أصلاً...
فجأة...أرعبني طلبه الى السجان أن يأخذني الى غرفة التعذيب...وبدأت كوابيس سوداء تترائ لي لما سيفعله التعذيب بي...
أدخلني غرفة ليس لها لون...يملأ جوها الأنين ....مضطربة من لون الدم أو من الدم نفسه...
علّقني على الحائط وجردت من القسم العلوي من ملابسي وأخذتْ أنفاسي تتسارع...بدأ العرق يتصبب من كل جسمي...
مع أول ضربة من ضربات الجلاد...صرخت بأعلى صوتي...
سقطت من الحائط...لأجدني لا أزال في فراشي...والعرق يتصبب مني...وقلبي يدق بقوة من فزع الرعب الذي سببته الضربة الأولى للجلاد...
نظرت حولي...تأكّد لي أنني كنت في كابوس من الكوابيس التي تزور الفقراء.....
قررت بعدها...أن لا اطالع أي كتاب يتصدى لحالات التعذيب أو يصف زنازين الاعتقال...
ويكفيني منها هذا الكابوس الأسود...
محمد موفق العبيدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق