ملاحظة – كل ما يرد من اسماء او احداث متطابقة مع الواقع لاتخص احدا انما هي من نبت الخيال
القاضي حسين الموسوي ومذابح الأرمن
صالح جبار خلفاوي
يقولون ان الجندرمة كانوا يذبحون الأرمن بلا رحمة ويخربون بيوتهم لا لشيء إلا إنهم أرمن .. وارتكبت فضائع يندى لها جبين الإنسانية ..
تذكرت ذلك حينما أغلق الهاتف بوجهي متوعدا .. استغربت موقفه المتشد د الذي لا مبرر له سوى انتفاخ الأنا عنده الى درجة يتصور فيها كل رد عليه عدائي ومقصود لا يترك للصدفة مكان تحبو فيه مع مجايليها من الأفعال الأخرى التي رسمتها الطبيعة في وفرة الأشخاص الذين يتكلمون بتلقائية دون ان يؤذوا احد ..
بدت الحكاية معه بعد ان حضرت ابنة أخيه الى مكان عملي طالبة مني مساعدتها قائلة :
سألت عنك اخبروني انك نزيه ومنصف ..
ما مشكلتك سيدتي ؟
والدي استلم قرضا من المصرف مقابل حجز دارنا .. سددنا ما علينا من ديون لكن لم يرفع الحجز عن البيت ولم يتوقف الاستقطاع في تحصيل الدين المفروض ..
اللون اللامع لحقيبتها اليدوية يعكس الضوء المتسرب من الشباك الذي يقع خلف المنضدة التي تفصل بيني وبينها ما يجعلني أغمض عيني اليمنى فيما اليسرى أتمعن بها نحوها .. يبدو أنها تعدت العقد الثالث شعرها الأصفر مصبوغ بعناية المكياج الذي يغطي ملامحها اظهر معالم أنوثة جميلة ومحببة ..
في بداية الصيف المنصرم كنت على علاقة افتراضية مع صديقة من بلاد السنغال عربية الأصول .. أبانت لي عواطف شتى ..
في الفترة الأخيرة من هذه العلاقات العابرة .. طلبت مني الارتباط .. حسبت انه طلب مجنون لصعوبة تحقيقه .. سألتها عن السبب .. أجابت إنها لم تعد تتحمل وسوف تنزلق الى علاقة مشبوهة .. بعد يومين أرسلت لي صورة كوب مهشم .. كتبت جواره :
انتهى كل شيء فقد انزلقت مع أفريقي يطفِ نيراني كل يوم بلا كلل .. أنهت صداقتي بكبسة زر كما قالت ..
تصحو عوالمنا على لقًط متنوعة مثل زائرتي .. التي أخرجت الموبايل من الحقيبة اللامعة صارت تتكلم بصوت منخفض يجعل ساقيّ الهزيلتين ترتجفان تحت المنضدة ..
احضروا اضبارة التسليف الخاصة بها .. رحت أراجعها بهمة .. فيما بقيت هي وموظف التحصيل الذي جلب الاضبارة يتكلمان بصوت مسموع عن معاملتها ثم بدت النبرة تخفت بهدوء مريب..
جلسا متجاورين نظراتهما رسول من رغبة محسوسة .. بقيت غارقا وسط الأرقام المتراكمة .. أنهيت التدقيق .. الحق الى جانبها التقصير واضحا من المصرف .. كتبت هامشا بعد ذلك سلمت الاضبارة للموظف خرجت معه رمقتني بنظرة أحسست معها ان القلم يكاد يسقط من يدي ..
في الساعة العاشرة صباح اليوم التالي وقفت أمام منظر الجسر الذي يقع خلف البناية التي اعمل بها .. أراقب الازدحام المروري .. رنّ الموبايل المتكلم ذا صوت أجش اسمعه لأول مرة ..
شكرني كثيرا على ما ابديته من تعاون واظهار الحق لابنة أخيه .. قبل ان ينهي مكالمته أضاف :
المتكلم معك القاضي حسين الموسوي
لا اعلم لم في وقتها كرهت الوظيفة والعمل في الدوائر .. أحسست بهلامية الأشياء وعبثية ما يدور .. لو كان الأمر يخص فقيرا هل اتصل أحدا لأجله ..؟ تسالت داخلي ممتعضا بلا إجابة .
أحاول عبثا الاتصال بصديقتي الافتراضية وحشتني أمسياتها المليئة بالقصص والحوادث التي ترويها .. أفكر دائما ثمة رابط بينها وبين قريبة القاضي الأولى بصوتها وغنجها والأخرى بنظراتها .. عاملين مرتبطين ليشكلا وحدة تطفو في هياكل فارغة ..
أحيانا يكون بعض الحديث غير ممل ويشعرك بالراحة مثل الأحاديث الدينية السلسة .. لكن الشعور بالتناقض مع الجو المحيط يمثل شوكة تنبت بين أصابع القدمين تمنعنا من السير .. هكذا وجدت العلاقة مع القاضي حسين الموسوي ..
حاله حال الجندرمة العثمانية تذبح الأرمن باسم الله .. وكأنهم يذبحون شياه
وضع بائس القتلى بلا عدد والنساء يسبيّن ويغُتصبن بدون ذنب سوى إنهن ارمنيات .. يا ناس هؤلاء خلق الله .. لم كل هذه الفظاعة ؟
الرابط بين الجندرمة والقاضي حسين طبيعة التفكير كلاهما يعتقد انه مع الله وطريقه طريق الخلاص ..
لم أر الرجل لكني أحسه مع كل إساءة تصدر من مسؤل حتى وان كان شرطيا .. انه تعبير مكرر لفظائع الجندرمة .. جسدَ لدي بذاءة الهكر .. يسيء الى الآخرين دون أن يراهم .. أو يعرفهم ..
معادلة تفترض اختلال القيم وانحسار نسيج الأخلاق لتظهر عورات متدنية .. تحتار في توصيف ما يحتويه من عطب ..
عشرة مرات كررت عليه .. تفضل سيد ما تحتاج .. يزعق في أذني كيف تنكر معرفتي ! اجزم صادقا أني لا أعرفك .. أرجوك لا تذبحني كما فعل الجندرمة .. أتوسل أليك الله لنا جميعا فلا تضعه في خانتك .. وتحرمنا منه .. كيف أوصل لك مشاعري وأنا لم أراك ؟
حينما يحل المساء .. اهرب الى البيت اختبئ خلف جدار مظلم وأصيخ السمع صرخات الجندرمة وضحايا الأرمن تتداخل صوت يعوى في أذني سأذبحك .. كيف تنكر معرفتي ؟
همس يأتي من خلف الدولاب .. انه صوتها صديقتي الافتراضية تستحم مع عشيقها الأفريقي وقت الغروب على ساحل البحر .. هل تسمحين لي بالمكوث معكم .. تغلق حسابها في الشبكة ولم اعد اسمع إلا الضجيج عين ترصدني برغبة مكبوتة لامرأة باهرة الجمال لكنها أضاعت أنوثتها في مفرق الطريق ..
استمر هاجس رد الفعل داخلي .. عما يمثله هذا القاضي اللعين .. اشعر انه يود إبادتي دون رحمة .. أو يطالبني بدفع الجزية خلافا للشرع .. اليس هو قاضيا ..
انه ألان يمتلك سلطات واسعة يستطيع من خلالها أن يجعلني ارمنيا فيما يكون هو من أقارب الخليفة يصدر الفرمانات بإبادة جماعية جديدة نترحم بها على ضحايا الأرمن ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق