هند العميد توظيف الصورةالواقعية ومشاهدها وتقنياتها في قصة القُبحُ فِينّا// بقلم الأستاذ الاديب اياد حسين جاسم النصيري

. . ليست هناك تعليقات:

هند العميد
توظيف الصورةالواقعية ومشاهدها وتقنياتها
في قصة(الْقُبْحُ فِينَا)
أياد النصيري -2018-8-10
***************************************
النص القصصي يأخذ قيمته من دواخله العميقة التي شكلتها ثقافة القاصة ولغتها وتراكيبها وتقنياتها في نص(الْقُبْحُ فِينَا ) عند القاصة (هند العميد) نص مرن الحركة في جمله التي تشكل - مشاهدها ولوحاتها في سلاسة
فقدمت اللغة في هذا النص ذاتها للقارئ بدل أن تُعبِّر فكان توظيف الواقع عندها خاصية من الخصائص التي ارتكزت عليها من أجل تغيير الكتابة وبالتالي التجريب في جنس القصة القصيرة من منطلق تقني لبناء نسق جمالي طافح بالدلالة ومتعدد القراءة
إن شخصيات قصص ((هند العميد))  نعرفها ونعلم بوجودها من خلال الوجود اللغوي الذي يحيل عليها ويتميز بطابعه المزدوج في البناء القصصي وتتحدد من خلال بنيتيها الشكلية والدلالية وفيما استطاعت القاصة أن تنسجها أنموذجا تتصف به كل أعمالها السردية وقصصها الواقعية كما في قصص(جنون كاتبة -والحب الحقيقي أحتراق-وللعقم أنواع))
لاأعرف لماذا كان يُغدق عليَّ بابتساماتهِ البشعة كل يوم عَقبَ صعودي إلى ((الباص"، وكأنهُ ينتظرني بفارغ الصبر كي يبتسم،
حيث نجد القاصة قد بنيت علاقاتها الجمالية في النص القصصي - بفنية القاصة البصيرة التي تعرف هدفها وتحبك أطراف قصتها لتحقق هدفها بدقة
   شخصيتا القصة الرئيستان (الرجل العجوز والطالب) وهما يتقاسمان الحضور والتمظهر والهيمنة على موقع الحدث السردي بفعالياته النسقية يعملان على خلق لغة مشتركة (معوِّضة) أداتها الحركة التنقلية داخل الباص التي تشتغل بكفاءة عالية في هذا المدى القصصي، وتنتج معرفة متبادلة عالية التأثير والقوّة والتماسك نحو مزيد من التواصل الإنساني والوجداني بينهما صورة الرجل العجوز وتنقلاته مابين سائق الباص  وكرسي الجلوس-وصورة الشاب ونظراته للرجل العجوز وتساؤلاته مع وحدته ونفسه))كُنت أبحثُ عن أيّة وسيلة نقل أخرى تنقذني مما أعيشهُ يومياً من البحث عن السبب الحقيقي لتركيزهُ عليَّ، لكن لم يكن هُناكَ عرضٌ مُغرٍ أكثرُ من باص  مجاني
ما ترمي إليه القاصة(هند العميد)في  القصة من ملامح اجتماعية تعالجها ببراعة المصور الذي  يجمع صورة ومشاهده في بناء تقني مقدمة خبرتها بمكر القاصة ودهائها لنتعرف اكثرعن مضمون قصتها هي فعلا  -قاصة أتقنت رؤيتها للحياة كما أتقنت تمثيل تلك الرؤية في نص قصصي متماسك البناء في وسطه وأطرافه
-يابني، "الباص" لم يعد مجانيا منذُ العام الماضي، لكن العجوز -للأسف- توفي يوم أمس، وهو من كان يدفع لكَ الأجرة يومياً.
هنا عند وضوح الصورة لدى ذلك الطالب الشاب وهو الراوي  لكل تفاصيل القصة وعند معرفته  الحقيقة لذلك الرجل العجوز  الذي كان  طوال تلك الفترة هو من يتكفل بدفع اجور الباص له هذه الحالة كما جاءت في النص كانت حدثا عاصفة أي ريحا هبت هبوبا شديدا وقد خلفت خسائر نفسية أو وجدانية في نفسيته
الذي يهمنا هنا هو اسلوب القاصة (هند) واختيارها لعنونة القصص وتطابق الحدث  مع النص  وثناياه محللة نفوس شخوصها وهي تنغمر في تجارب حياتها من خلال صوغ قصصي إتباعي يعنى بتقاليد القص من المقدمة إلى العرض إلى الوصف الخارجي لفضاء القصة بوصفها أمثولة في النهاية يتعلم منها المتلقي والقارئ بعض دروس الحياة من خلال التعاطف الإنساني الذي يرتقي بالفعل إلى مرتبة الإحساس المأساوي بالحياة
( اَلْقُبْحُ فِينَا )
كَانَ "اٰلْبَاصُ" اٰلْعامُّ اٰلْحَدِيثُ؛ اٰلدَّاعِمَ لِطَلَبَةِ اٰلْمَدَارِسِ وَاٰلْجَامِعَاتِ؛ بِاٰلنَّقْلِ اٰلْمَجَانِيِّ مِنَ اٰلْحُكُومَةِ كَوَسِيلَةٍ تَرْفِيهِيًةٍ لِي وَلِصَدِيقِي "بَاسِمٍ"، فَنَجِدُ مِنَ المساحة الوسطى "للباص" مكانا جيداً للهونا ولعبنا، كُنّا فوضويّين بشكلٍ هستيري، ولعل هذا ما كان يجعل من الطريق الطويلة ما بين المدرسة والبيت غير مُملة، ولعل تجاهل الرُكاب لحركاتنا بحجة أننا مُراهقين تملؤهما الطاقة؛ عُذراً جيداً يُغلف جنونا، لكن انتقال الصديق إلى مدرسة أُخرى جعل من الرتابة والروتين بديلين عن غيابه، وما كان يستفزني حقاً، ذلك الرجل المُسن البائس ذو الأسنان المُهشمة. لاأعرف لماذا كان يُغدق عليَّ بابتساماتهِ البشعة كل يوم عَقبَ صعودي إلى "الباص"، وكأنهُ ينتظرني بفارغ الصبر كي يبتسم، ثم يقوم من مكانه ويكلم السائق ويعود إلى مقعدهِ بشكلٍ دوري، مرَّ عام كامل على هذه الحال المُريبة، وأنا أدعو الله أن يأخذهُ لأبعد مكان، كي لا أرى تجاعيد وجهه الوعرة، ولا تلك الابتسامةَ المُريبة، أو تلك الكلمات التي يتكلمها بهمس مع السائق، والتي أجزمُ بأنها تخصني تزامناً مع نظرات السائق التي تتوسط المرآة الكبيرة "للباص" أثناء ثرثرة ذلك العجوز معه، كُنت أبحثُ عن أيّة وسيلة نقل أخرى تنقذني مما أعيشهُ يومياً من البحث عن السبب الحقيقي لتركيزهُ عليَّ، لكن لم يكن هُناكَ عرضٌ مُغرٍ أكثرُ من "باصٍ" مجاني كي يكون أيّ خيار آخر بديلا لهُ، وفي يومٍ ما؛ وبعد شوط طويل ومتعب في المدرسة؛ انتظرتُ "الباص" بفارغ الصبر كي أرمي بجسدي المُتعب على المقعد، الذي تعودته لأرتاح قليلاً من الإرهاق الساكن فيَّ، وما إن فُتح باب الباص وهممتُ بالارتجال نحو المقعد، حتى ناداني السائق قائلاً:
- يابُني، لَمْ تدفعَ الحساب.
-رددتُ عليه مستغرباً:
-ماذا؟! أيُّ حساب؟ أنا طالب، و"الباص" الحكومي يدعم الطلبة.
أجاب باسماً:
-يابني، "الباص" لم يعد مجانيا منذُ العام الماضي، لكن العجوز -للأسف- توفي يوم أمس، وهو من كان يدفع لكَ الأجرة يومياً.
نص القصة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نـــوافــير للآداب والثــقافة ... رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني

أهلاً وسهلاً بك أنت الزائر رقم

النصوص الأكثر قراءة اليوم

اخر المشاركات على موقعنا

بائعة البخور // بفلم الكاتبة // مها حيدر

بحث هذه المدونة الإلكترونية


مجلة نوافير للثقافة والآداب 📰 صاحب الإمتياز الاستاذ الشاعر والكاتب الأديب علاء الدين الحمداني شاعر وأديب / عضو اتحاد الصحفيين/ عضو وكالة انباء ابابيل الدولية/نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة قلم

أحدث التعليقات

Translate

تابعنا على فيسبوك

من نحن

نـــوافــير للآداب والثــقافة ... مجلة عراقية عربية 📰 رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني
جميع الحقوق محفوظة لدى مجلة نوافير الإليكترونية ©2018

تنوية

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة المـجلة ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك