من تَحتِ رَماد الأحْزَان // بقلم الاستاذ الشاعر صاحب الغرابي

مِنْ تَحتِ رَماد الأحْزَان
بَوتَقةُ المِسكُ

صاحب الغرابي... العراق
شَظَفٌ مِنْ العَيْشِ في جَحِيمٍ مِنُ الرِّمال
فَلَوَاتٌ عَظِيمَةُ الاتّسَاع
أقَلّها سَماحاً بالنَدى
مَجاهِلُ يَضِلُّ فيها الدّليل
ويَعْبِس وَجْهُ الأرْض
عَظِيمٌ مِنْ بَنِي الإنْسَانِ أنْبَتَتْهُ أرضُ الُمُعجِزَات
مِنْ لَهيبِ الصَّحْرَاء المُحْرقَة وَهجٌ في عَيْنيَه
نَوْرُ السَّماءِ سِحرٌ في لِسانَهِ، وقَبَسٌ في رُوحُهِ
أَمّا مكّةُ فبَيْتٌ للأوثان
حَيْثُ يعتزّ الدِّرهَمُ ،ويَشمَخُ الدَّينار
براثِنُ أوهام، وخُرَافات *
في طَريقِ  الحَمَاقَة حَثّ لِلْسيْر
في مَهَاوِي الضَّلاَل
لَيِسَ لَهم في الوَأْدِ مِنْ حاجَةٍ
إلااتّباع وَثَنِيَّةُ العادة، وخَشْيَة الإمْلاق**
وما شوّه مِنْ فِتْنَةِ الكون
إليْكُم عَن الوَأد يا عِبَادَ اللهِ
أعْرابٌ يَتَفانون بحَدّ ِ السّيْف
يَتَقارَعُون بألْسِنة كأنّها سِياطُ الجَحِيم
إنَّ للأعْرابِيّ السادِر في مَجَاهيلِ البِيد ***
رِسالةٌ غيّر الَّتي يَزْعُمُون
في سَيْرٍ  مُوعرٍ شاقّ
انْقَلَبُوا مِنْ بَرَابَرةٍ جُفَاة
إلى من يَحْمِلُون إلى الدَّنْيا معانٍ
تَمْتَدَُ بنْورِ الإنْسانِية
لكلّ قَوْم حتى أقاصي الأرض
وتَنَفَّسُ الضَوْء، واِتَّسَعَتْ دائرة النُور
مَرَّ في هذه الأرْض
مُرُور الغَمَامات الخَيِّرة فَوَق الصَّحَارِي البِيدْ
هَطَلَت في جَفَاف اليَبس
غَيْمَةٌ تَحْملُ بَرَكات السَّماء...
نَزِيلُ غار حراء
واتَّسعَ ظِلّ مُحَّمد
عَقَد على جَبِينِ  الشَّمْسِ تاجاً عَظِيماً
طُوبَى لأرْض تَضمَّنته
مِنْ تَحتِ رَماد الأحْزَان
بَوتَقة المِسكِ****
الرُّوحُ العَظِيمَةُ
لاتَعْرِف الْمَوْت...
.............................................
*جمع بُرْثُن: مخالب السَّبُع أو الطَّير الجارح وتستعمل مجازًا في سياق ما يضرّ من العلل أو الظّروف الاجتماعيَّة، أو في الدّلالة على العدوان والشَّراسة.
**الإمْلاق: الافْتِقار، الفَقْر، الإعْواز.
***انسَدَرَ : أسرعَ في عَدْوِه .
****للصّائغ بوتقة خاصّة لصهر الذّهب والفضّة وعاء يذاب فيه المعدن.