شكل النص المعترض " - دراسة سيميائية لنص " محكمة "- للشاعر العراقي " فياض المبروك"ـ

. . ليست هناك تعليقات:
شكل النص المعترض "
- دراسة سيميائية  لنص " محكمة "- للشاعر العراقي " فياض المبروك"ـ
النص :
*****
حاجب....
ومرتشٍ....
وقاعة مرافعة....
حق...
باطل...
ومحكمة.....
طربوش...
جناية...
وقتلة....
سرقة
جرم
وكسر معادله...
جلاد
ومناوره....
قرار عدل
ومشاوره....
شعب يموت
ومداولة.....
صفح وتصفيق ولمظ...
انتهت المحاكمه....
؟؟؟؟ / ؟ / ؟
..........
الدراسة :
-------
بنية العتبة العنوانية النحوية ، تضمر دلالات مسكوت عنها مماجعلها مشفرة
فبنيتها التركيبة مزاحة بحذف المبتدأ جوازاً ، فتنكير ( محكمة ) جعلها خبرا واجب التأخير ،والحذف المذكور بقصد تركيز اهتمام القارئ على هذه الاشارة وماستثيره في ذهنه
من اسئلة وفضولية تحمله على الدخول الى عالم النص بحثا  عن اجابات عنها، والتعاطي بفاعلية مع النص والمشاركة في تحديد معانيه والكاتب هنا يدعوه لتقدير الخبر، كأن
يكون ( هذه )، كما ان دلالة المحكمة منقوصة فهي اسم مكزمان كلاهما مبهمان غير مخصصين بصفة او اضافة مما غيب حيزهما المكاني ( المدينة / الدولة .. الخ ) ، و الزماني
( تأريخ انعقادها ) ، فعوضاً عنه  ينتهي النص بعلامات سؤال مبهمة الدلالة
( ؟؟؟؟ / ؟ /؟ ) ، وسكتت عمن هو الحاكم ، ومن الجاني والمجني عليه ، وما  جريمة انعقدت للنظر فيها هذه المحكمة ؟ وما هو قرار حكمها بخصوصها ؟
مما يحيلنا الى المتن للبحث بين طيات اشاراته عما يفك شيفرة العنوان بعد ان تخلى عن مفتاحيته .
ـ البنية الشكلية لمتن النص  / هيكلية بنائه :
اعتماد الشاعر المستوى العمودي لكتابة اشارات المتن كي تقرأ رأسياً من الأعلى الى الأسفل ، كسر قيد تقليدية المستوى الافقي ، وجعله متمرداً على اصوليته المؤسساتية الممثلة في تليد
دبيب الكلمات على سطر وحيد الاتجاه ، مطلقاً مقرداته محلقة في  فضاء النص الفسيح  ،
تكون المقاربة القرائية لهذه الهيكلية البنائية :
نزوع الشاعر للتحرر رتابة الواقع ، تمظهر بكتابته الشاقولية المقابلة للكتابة المؤسساتية
الاصولية
ـ الاختزال والفراغ :
بقصد التمويه على الرقيب ، جاء الشاعر بجميع اشارات نصه  نكرات ماعدا الاخيرة  ، كما انها تخلو من الزمن ، فكلها اسمية مما يعني مجهولية موضعتها المكزمانية ، والجمل الاسمية تعني ثبات دلالتها، ودوامها رسوخها في الواقع ، ومع اختزال العبارات النصية الى اشارات معدودة بواقع اشارة واحدة عن كل عبارة فتح النص لتعدد القراءات وبالتالي التأويلات  حيث انه  خلق مساحات واسعة من الفراغات الموحية بوجود محذوف بعد كل اشارة يستدعي تقديره لمقاربة دلالتها معنوياً ،
كما انه جعل كل اشارة تسكت عن دلالة  قد تمثل معناها تحتاني ،  وكما في هذا
المقطع  :
(( حاجب....
ومرتشٍ....
وقاعة مرافعة....
حق...
باطل...
ومحكمة.....))
فحاجب : اشارة سكتت عن حقيقة دلالته المعنوية ( معجمية ام  احالية خارجية / تدرس لاحقاً )
مرتشٍ : سكتت عماهويته ؟، اهو مرتشٍ سلطوي  ام من العامة ، اهو القاضي ام الحاجب الخ؟!
وهكذا بالنسبة لباقي الاشارات :
قاعة مرافعة : اشارة مركبة سكتت عن ماهية المراقعة والمترافع
الحق والباطل : اشارتان نسبيتان سكتتا عن معيارهما ، فما هو حق للظالم هو باطل بالنسبة للمظلوم  وبالعكس .
محكمة : سبق التطرق اليها اعلاه
ويمكن تعميم هذه القراءة على باقي مقاطع النص .لملاحظة ان اشاراتها
سكتت عما يجلي معناها ، وابقاها مبهمة الدلالة .
وعودة على الاشارة  ( حاجب ) ، و استدعاء الاخرى ( طربوش ) ، نجد انهما مقاميتا السياق /احاليتان خارجيتان :
الاولى ـ ذات سياق تراثي عربي ، دلالتها : منصب وظيفي ، تكون مهمة من يتولاه  إدخال / لا ادخال  الناس على الخليفة في بلاطه ، حسب ضوابط محددة مقررة مسبقاً .
الثانية ـ  سياقها التراث الانساني ، غطاء الرأس ، أصل الكلمة فارسي ، انتقل الى الدولة العثمانية ومنها الى ( ولاياتها ) العربية التي احتلتها ومنها ولاية ( العراق ) ، وكان ممن يرتديه  كبار الموظفين والولاة .
الاشارتان بمعنيهما هذين لهما دلالات زمانية تاريخية ، مقارباتها المعاصرة تكون  :
عربية / عراقية ، فارسية / ايرانية ، عثمانية / تركية
وباستحضار عتبة التاريخ   / ؟؟؟؟ / ؟؟ / ؟ العديمة الدلالة  / مفقودة الزمن
التي تشير الى عدمية الزمن او سقوطه من حسابات التاريخ ، كذلك استحضار دلالة المحكمة التي تعني في جوهرها ميدان صراع بين قوى الحق ومرادفاته وقوى الباطل ومرادفاته ، من اجل كشف حقيقة  جريمة / جرائم ، دلت عليها الاشارات (جناية ، قتلة ، سرقة ، وجرم ) وقعت على مجنٍ عليه (شعب يموت ) . وبالرجوع الى ماحوليات النص / هوية الشاعر العراقية . يمكننا  مقاربة الدلالة التحتانية  لمكزمانية هذه المحكمة كالتالي  :
العراق في حالية زمنه المفقود / زمنه المعاش اليوم ، يموت شعبه جراء ماتقرف بحقه من جرائم من قبل قوى باغية عربية ، ايرانية ، وتركية ، او من ينوب عنها ،
جرائم يفترض ان يبتُّ فيها  قاضٍ / رئيس محكمة  وفق جدلية ( حق / باطل ) ، غير ان الشاعرحدد صفته  (( مرتشٍ ، جلاد  )) ، يلتف ويتحايل  في قراراته  على  قواعد القانون بما يصدر عنه من :
(( كسر معادله...
.....
ومناوره....
.....
ومشاوره....
.........
ومداولة.....))
وتنتهي احكامه دائما بـ (( قرار عدل )) ، بتبرئة الجاني والعفو عنه (( صفح وتصفيق )) ،  ثم (( لمظ )) وهي اشارة الى احتفاء الجاني ، المبرّأ الساحة ،  بنتيجة فعله الجرمي
وبعد ان تحققت العدالة (( تنتهي المحاكمة ))،
المقاربة الدلالية للشكل الكتاباتي  والفراغات / التنقيط ، والعتبة العنوانية للنص :
ـ اعتراض الشاعر على الواقع = التمرد على شكلانية الكتابة المؤسساتية واتخذ جانبين :
أ ـ كسر الاسلوب الافقي الموحي بالمألوفية الرتيبة ، بكتابته نصه بشكل شاقولي / عمودي ، المشعر بالتحرر والانعتاق ، كما مر التطرق اليه آنفاً .
ب ـ الوقف بحرف ( الهاء ) بدل ( التاء المربوطة ) في نهاية بعض اشاراته وهو كسر للقاعدة الاملائية الثابتة في الموروث اللغوي .
ـ التنقيط الطاغي بعد وبين اغلب الاشارات النصية ، للايحاء بوجود دلالات مسكوت عنها يتطلب من القارئ  المشاركة بمقاربة او تقدير معناه ، ضمن السياق النصي .
ـ عتبة العنوان بعد فك شيفرتها = هي في معناها المسكوت عنه :  ادانة لمهزلة المحاكم التي تعقد للحكم في جريمة ( موت الشعب ) ، وتبرئة قتلته .
- باسم الفضلي العراقي -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نـــوافــير للآداب والثــقافة ... رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني

أهلاً وسهلاً بك أنت الزائر رقم

النصوص الأكثر قراءة اليوم

اخر المشاركات على موقعنا

بائعة البخور // بفلم الكاتبة // مها حيدر

بحث هذه المدونة الإلكترونية


مجلة نوافير للثقافة والآداب 📰 صاحب الإمتياز الاستاذ الشاعر والكاتب الأديب علاء الدين الحمداني شاعر وأديب / عضو اتحاد الصحفيين/ عضو وكالة انباء ابابيل الدولية/نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة قلم

أحدث التعليقات

Translate

تابعنا على فيسبوك

من نحن

نـــوافــير للآداب والثــقافة ... مجلة عراقية عربية 📰 رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني
جميع الحقوق محفوظة لدى مجلة نوافير الإليكترونية ©2018

تنوية

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة المـجلة ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك