الشاعر الحسَن الكامَح المغرب
من مواليد مدينة تاونات المغرب في بداية الستينيات، قرب مدينة فاس المغربية، هاجر صحبة أسرته إلى مدينة مكناس (عاصمة المولى إسماعيل في القرن الخامس عشر، وهي مدينة عتيقة، تمتاز بأسوارها القديمة وبواباتها المتعددة)
أقطن في مدينة أكادير منذ أواخر الثمانينات، شاعر ومسرحي وروائي، وإن كنت أميل إلى كتابة الشعر أكثر من أي صنف آخر من الكتابة. إذ الشعر هو العشق الذاتي الذي لا أبرح سريره أبدا، ولا أقدر الابتعاد عنه، فهو نافذتي التي منها أرى الكون، ومن خلاله أقرأ العالم كما يحلو لي عن التناقضات والهموم اليومية.
بدأت كتابة الشعر في نهاية السبعينياتِ، لي أربع عشر دواوين شعرية مطبوعة (اهتزازات شعرية وتقاطعات بين الصورة والقصيدة): بداية من أول اهتزاز سنة 1992، (أسميها اهتزازات، قناعة راسخة، أن الشعر الذي لا يهزك ليس جدير به أن يسمى شعرا، والقصيدة في حالة مخاضها تهز الشاعر قبل أن تهز المتلقي) وأربع تقاطعات بين الصورة والقصيدة.
1)الاهتزاز الأول: " اعتناقُ ما لا يُعْتَنَقُ" 1992 عن دار قرطبة البيضاء المغرب
وعن مؤسسة آفاق للدراسات والنشر والاتصال مراكش المغرب: 2) الاهتزاز الثاني: "هذا حالُ الدُّنْيا بُنَيَّ" 2013
3) الاهتزاز الثالث "قَبْلَ الانصراف" 2014
4) الاهتزاز الرابع «صَرْخَةُ أُمٍّ" 2014 5) الاهتزاز الخامس: "أراهُ فَأراني" 2014 6) الاهتزاز السادس: "بدوي الطِّينَةِ " الجزء الأول سيرة مكان 2015 7) الاهتزاز السابع: "أنتِ القصيدةُ" 2015 سيرة ذاتية للقصيدة 8) الاهتزاز الثامن: " للطِّينَةِ... أنْ تُزْهر مرتينِ" 2016 سيرة من كانوا هنا، وهو الجزء الثاني للاهتزاز السادس: "بدوي الطِّينَةِ " الجزء الأول سيرة مكان، 9) التقاطع الأول بين الصورة والقصيدة: "صرخة يد"، الفوتوغرافيا: الفنان الفوتوغرافي يونس العلوي، الترجمة بالفرنسية: الشاعر حسن أو مولود، الترجمة بالإنجليزية: الشاعر الحبيب الواعي 2017. 10) الاهتزاز التاسع: "وصايا الجسد" سيرة ذاتية للجسد، 2017
11) التقاطع الثاني بين الصورة والقصيدة: "أكادير... أكادير" الفوتوغرافيا: الفنان الفوتوغرافي يونس العلوي، الترجمة الأمازيغية الشاعر صلاح آيت صلاح 2018
12) الاهتزاز العاشر: "صاعدا لا أرتوي" سيرة ذاتية لمتصوف 2019
13) التقاطع الثالث بين الصورة والقصيدة: "أكاديربالأبيض والأسود " الفوتوغرافيا: أرشيف جمعية ملتقى إيزوران نوكادير 2020
14) التقاطع الرابع بين الصورة والقصيدة: "ضوء على جدار البياض" الفوتوغرافيا مجموعة من الفنانين الوتوغرافيين العرب 2021
ولي نصوص مسرحية وروائية، أتمنى أن ترى النور في أقرب الأوقات، بداية من هذه السنة إن شاء الله، بدء بالنص المسرحي: " تصبحون على وطن" والنص الروائي:" الغرفة اثنان.... واحد .... أربعة". و "المرفوض" و" بوابة مكناس".
(أنْتِ القصيدةُ...
التي تكْتُبُني كُلَّ حين عمْرا لا يَنْتَهي
أنْت القَصيدَةُ...
التي تراودُني عنْ ذاتِها
في كل اهْتزاز شعريٍّ أشْتهي
أنْتِ ...فسلامٌ لكِ
وسلامٌ لكل من عشِقَ الحرْفَ
وفي اهْتِزازهِ اسْتَمْتَعْ
وسلامٌ لكُلِّ من نامَ على جَمْر الحَرْف
وعلى نَشيدهِ أقْنعْ
وسلامٌ لكلِّ منْ غاص َفي يمِّ الشِّعْر
ولإيقاعاتهِ يُنْصتْ، وفي ولعٍ يَسْتَمِعْ
سَلاما ...
سلامٌ أيتها القَصيدةُ التي لا تبْرحني إلا لِماما
تنامُ على قلبي سَنواتٍ أعُدُّها اهْتزازاتٍ أعْواما
سلامًا سلامًا
طالما الحرفُ الساكن الذاتَ
يسافرُ عبر الاهْتزازات اهْتزازا
طالما العمْرُ يمضي بينَ أيدينا
رويْدًا روْيدًا ويتركُ التجاعيد
تحْتلُّ البياضَ امتيازا
طالما الحَرْفُ يَضمُّنا على سريره
ليالٍ نعدُّها قصائدا
قدْ تجلَّتْ على ترانيم الذاتِ مجازا
يُفاجِئنا في كل مخاض
كالرِّيحِ في أقْصى حالاتهِ
يُعرِّينا منْ رُكوضِنا وقدْ ضَمَّ الذَّاتَ اجْتيازا
كالغيثِ يأتي من حيْثُ لا ندري
يسقي الروحَ
وقدْ تباعدتْ أرواحنا بين ربوات الأنا
نرْفُضُ الآخر الآتي منْ بعيد انْحيازا)
كان لنا معه هذا الحوار القيم الماتع ...
حوار مع ليلاس زرزور
1- متى اكتشفت موهبتك الشعرية؟ وهل كان للظروف التي عشتها دورها في ظهور هذه الموهبة... ومن كان له الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية...؟
الشعر لا يطرق بابك كي يستأذنك للدخول إلى ذاتك، كي يمنحك بوحا، أو اعترافا مباشرا على البياض... الشعر يأتي من حيث لا تدري لا يحتاج إلى إذن من أحد... ولا إشارة من أحد... ولا جوازا ولا رخصة، إنه يقتحم البيت كما يشاء.
هكذا طرق الشعر ذاتي، ربما كنت في عزلة خفيفة عن إخوتي وأصدقائي وأنا لا زلت صغيرا، أبحث بين الأوراق عن حروف تجذبني إليها من خلال الكتب التي كنا نستعيرها من عند العسكري (لقب بائع الكتب الذي فتح دكانا لبيع الكتب واستعارتها بعد أن تقاعد من الجندية)... كنت حينا في الابتدائي، لكن الشعر طرق بابي لا زائرا ولا عابرا بل سيختار شرفة الذات ليستقر فيها، كنت حينا في نهاية الإعدادي، كلمة من هنا... جملة من هناك... فقرة من هنا.. ونص قابل للكتابة وإعادة كتابته، إلا أن أول نص هجائي كان في نهاية الابتدائي، ولا زلت أحفظ البيتين الشعريين الغير الموزونين وبقافية. كانت الكتابة الأولى عبارة عن المزاح مع الأصدقاء أو أبناء أختي. أكتب عن هذا وذاك... مواضيع متعددة غير محددة. أكتب لأني كنت أعشق الكتابة.
بصراحة لا أحد له الفضل علي في دخول جنان الشعر لكن هناك وجوه وأسماء في نفس الوقت لها فضل كبير عليَّ في دعمي وتشجيعي وصقل موهبتي ( ومن خلال عمود سيرة الاهتزازات التي أنشرها في مجلة مدارات الثقافية)، فهناك عشر أسماء بين أساتذة وأصدقاء وأخي وأمي، كلهم لهم الفضل علي بطريقة غير مباشرة أو مباشرة. إما لتشجيعاتهم أو لكوني تغذيت شعرا من تجربتهم الحياتية.
2- الشعر الحقيقي هو انعكاس لموهبة ولكن ذلك لا يكفي لإنتاج ما نصبو إليه من إبداع.. ما هي العوامل التي تساهم في تشكيل هذه التجربة؟
لا يمكن لمبدع ما أن ينتج عملا، دون كسب معرفة في الميدان وصقلها وتطويرها ومحاولة تجديدها من حين لحين، فالقراءة هو
العنصر الأساسي في عملية الكتابة، لكي تنتج لا بد أن تقرأ... لكي تبدع لا بد من القراءة، لا يمكننا أن نستغني عن القراءة إلى آخر رمق فينا، إذا شئنا أن نمارس فعل الكتابة، فالكتابة تتغذى من القراءة، ومن بعد تأتي ما نسمي بالصنعة أو التجربة، وهي مرتبط بكل مبدع، يعني صياغة ما يكتب من شعر أو نثر أو سرد، وهناك التجريب بطبيعة الحال، لكن قبل الوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة من فعل الكتابة، لا بد من القراءة وصقل الموهبة من خلال الاستماع للآخرين، حتى نطور أدواتنا الفنية والتقنية، والتجربة لا تأتي من فراغ، ولا تنزل علينا من السماء ذات مساء أو صباح وأنت في تأمل للكون، بل يتأتى لها بالمثابرة والاستمرارية في صقل الموهبة، الموهبة في الأول تكون محدودة بين عشق الكتابة ومحاولة الكتابة لا غير لكن لا بد من تطويرها، وهذا شرط ضروري لا غنى عنه.
3- كثير من الشعراء لديهم الحظ ولكن ليس لديهم المعجم اللغوي كيف تفسر ذلك ؟
بكل صراحة أقول: لا يصح إلا الصحيح، قد يكون لشاعر ما حظ في كتابة قصيدة ما أو ديوان ما، ويفوز به في مسابقة ما أو ينشر على صعيد واسع، لكن الاستمرارية هي التي تحدد الشاعر الصحيح من الشاعر العابر، لأن الشاعر في حذ ذاته قصيدة شعرية واحدة لا غير، منذ أن بدأ في ممارسة فعل الكتابة إلى أن يتوقف آخر حرف في عروقه، المبدع عليه أن لا يهتم إلا بالنصوص الجيدة التي تحركه وتضيف إليه رؤية جديدة، أما النصوص التي تركب على الحظ والمعارف والعلاقات الخاصة والحزبية فلا تمت للشعر بصلة. للشعر لا يعترف بالعلاقات الوصولية، ومع الأسف هذا أضحى هذا منشرا بسرعة كبيرة مع وسائل التواصل الاجتماعي.
4- ما رأيك بالحركة الأدبية حاليا خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي السريعة
بظهور وسائل التواصل الاجتماعي، صار للأدب أفقا جديدا وانفتاحا شاسعا على القراء أكثر فأكثر، رغم أن للورق متعته ونشوته، فأنا من عشاق القراءة من الورق، وكثيرا ما أطبع كل ما هو إلكتروني على الورق لأستمتع به أكثر، ولأحتفظ به كمرجع.
فالكتاب له طابعه الخاص والاختلاف شاسع بين القراءة من شاشات الحاسوب أو الهواتف الذكية والقراءة من الكتاب، لكن هذا لا يعني أننا لا نستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي، فعلى الكاتب أو المبدع والقارء أن يتأقلم مع الوضع الحالي وإلا سيكون على الهامش وخارج إطار الحياة الجديدة التي تتطلب أدوات جديدة ومفهوم جديد لفعل الكتابة والقراءة.
5- هل يمكن القول أن المعلم هو الأساس لإطلاق أي موهبة أدبي. وهل يستطيع المعلم أن يختصر على الموهوبين سنوات طويلة يحتاج إليها الموهوب لتطوير ذاته
اللقاء الأول مع الحروف والكتاب ينطلق من البيت والمدرسة أو الروض، فالمعلم له دور قوي في إرساء قواعد القراءة وبعده الكتابة، فالحروف الأولى لا نتعلمها تلقائيا بل تلقيناها، والموهبة يمكن أن يساعد المعلم أو الأستاذ في ترسيخها وصقلها، من خلال الدعم والتشجيع والتوجيه الصحيح لحب القراءة ثم الانغماس في متعة الكتابة، فالمعلم له دور فعال في تكوين شخصية المتلقي، فكثيرا من الكتاب لا زالوا يذكرون المعلم الأول الذي ساعدهم في مسيرة الكتابة، فالمعلم يمكنه أن يختصر الطريق الطويل إن له تجربة في الكتابة، لذلك خلقت نوادي للقراءة والكتابة في مؤسسات تعليمة لتعود بالنفع على التلاميذ الذين لهم رغبة في تطوير أدواتهم القرائية والكتابية، والأجمل في ذلك أن مؤسسين هذه النوادي تجدهم كتاب، يعشقون القراءة والكتابة.
6- ما رأيك بالنقد...؟؟
النقد هو قراءة ثانية للنص الأصلي، وهو مصاحب للنص الأول وللمبدع، فهما يتقاطعان ولا يفترقان ولا يمكن لواحد منها أن يقوم ويستقيم إلا بمساندة الآخر، ثنائية الحياة... فإذا كان النقد في واد والنص الأصلي في واد، فهذا دليل على أن الأدب أو الإبداع به مرض عميق، فالنقد في حذ ذاته إبداع لا تطبيق لأدوات ولطرق درسناها في الجامعات حرفيا، فهذا ينتج نصا نقديا لا أساس له من الصحة، لا أحب أن أنتقد النقاد، ولكن أحب أن أتحدث عن النقد، فدائما ما أقول أن النقد هو كتابة إبداعية للنص الأول لاستخراج جماليته وبلاغته وصوره الشعرية والذهاب به بعيدا للمتلقي، لا أن تحاول إخراجه من ظروفه الطبيعية التي أنتجته إلى عوالم لا علاقة له بها. وهذا مجرد كتابة لا تمس بصلة بالأدب بصفة عامة ولا بالنقد بصفة خاصة، ولا علاقة له بالنص الأصلي.
7- هل ترى أن الشعر العربي حاليا يمر بحالة تقهقر...؟؟
لا أقول ذلك، ولا أتفق بتاتا مع هذا المعطى، لأنه يخلق صراعا بين أصناف الإبداعات، ويفرق بين الشعر والسرد والنثر، والأصل أننا نتحدث عن الإبداع مهما كان نثرا أو شعرا. ولنتساءل كم عدد الدواوين الشعرية التي تصدر في السنة في العالم العربي وفي العالم بصفة عامة، قد يقول قائل لي: وهذا ليس مقياسا لجودة الشعر، أتفق معه، لكن فهل يمكننا أن ننتج نصوصا إبداعية دون هذا الكم الهائل من النصوص الشعرية، فما وصلني من الشعر سوى الجيد أما الشعر العادي العابر فلا مكانة له، لأنه لا يصح إلا الصحيح، ولا يدوم إلا من له جذور قوية وعميقة، ففي الفصل حين كنا ندرس مثلا في الابتدائي أو في أي فصل، لا يمكن أن يكون فصل كل تلامذته متفوقين مائة في المائة، وفي كل المجالات الرياضية الاقتصادية ..الخ لا بد من التنوع... لا بد من وجود الجيد والمتوسط والضعيف، إنها سنة الحياة، ورغم ذلك أقول أن للشعر مكانته وقيمته.
8- ألا تشعر بأن هناك تباينا بين الشعر المعاصر والشعر القدي...؟؟
لا طبعا، فلولا الشعر القديم لما كان هناك شعر جديد، وحين نتكلم عن التجربة الشعرية بصفة عامة، ننطلق من ملحمة إلياذة وملحمة جلجامش مرورا بالمعلقات دون نسيان فن الشعر لأرسطوطاليس والشعر الأوربي والأمريكي والأسيوي، بل أقول أن هناك تداخل بين التجارب وكل تجربة لا حقة تستفيد من التجربة السابقة وهي عملية متواصلة ومرتبطة كسلسلة لا حدود لها.
9- ما نوع الشعر المفضل لديك ؟
هناك شعر واحد هو الشعر بكل تجلياته ومواضعه ودلالاته، أرتاح للشعر الصوفي... وللشعر الإنساني بصفة عامة، طريقتي في الكتابة أن أختار موضوع الكتابة وبعد ذلك
أكتب قصائد الدواوين، فكل ديوان له تيمة خاصة به، هذه هي طريقتي في الاشتغال مع كل مشروع شعري، أما أن أكتب بدون تحديد الموضوع أو التيمة فطبعا لست من هذا النوع.
10- هل الشعر هو تعبير عن الإحساس..؟
الشعر تعبير عن الإنسان أو عن ذات الإنسان بكل أحاسيسها المتناقضة.. وهمومها وطموحاتها... وحين نتكلم عن الذات فنحن لا نقصد سوى ذواتنا المبدعة بل كل ذات منصهرة في هذا العالم المتناقض بين الخير والشر.. الحرب والسلم... الحب والكراهية... الأمان والاضطراب.
11- هل الشعر صناعة...؟؟
لا شك في ذلك، ولكن قبل أن يتحول إلى صنعة لا بد من إتقان الأدوات المعرفية والفنية والتقنية، وصقل هذه الموهبة بالقراءة وبالتجارب الأخرى، ولا يصل الشعر إلى صنعة إلا بعد أن تقطع أشواطا من الكتابة وبعد ذلك تأتي مرحلة التجريب لإيجاد قالب خاص بك..
12- ما رأيك بقصيدة النثر التي تحررت من القافية والتفعيلة والوزن وزاحمت القصيدة التقليدية ؟ وهل أنت مع تصنيفها تحت خانة الشعر ؟
الشعر شعر والشعر الذي لا يهزك ليس أجدر به أن نسميه شعرا، أما القوالب تختلف، فقد يهزك شعرا غير موزون ولن يثير فيك شعر موزون مقفى، تشعر أنه نظم لا غير وهذا ما يضر بالشعر العمودي، لكن هناك موجة من الشعراء العموديين المحدثين في تصاعد، وأنا لا أهتم بالقالب قدر ما أهتم بالشعر في حذ ذاته، قد أكتب قصيدة يجتمع فيها كل القوالب الشعرية، المهم أن أرتاح في النص هذا ما يهمني، فحين أسمع لنص لابد أن أستمتع به وإلا لا أعتبره شعرا مهما كان قالبه.
13- كيف ترى الوطن في شعرك.
الوطن تيمة من التيمات التي يمكننا أن نشتغل عليها، فلا أحب القصائد المباشرة التي تتحدث عن الوطن بدون فنية وصنعة وبدون مخيال. لأن الوطن أكبر من أن نكتب عنه لنسمي أنفسنا أننا "مواطن"، ونرسخ في القصيدة حب الوطن، الوطن حاضر في كل قصيدة نكتب: المرأة... الأم... الأرض... الشجر... البحر... الغربة... العزلة...الخ.
14- ماهي العوامل التي أدت إلى الحد من انتشار الكتاب الورقي في عالمنا العربي؟ وهل تعتقد بأن وسائل الاتصال الحديثة سهلت الحصول على النسخ المجانية؟
بكل بساطة العمل السياسي هو الذي أدى إلى الحد من انتشار الكتاب الورقي، ولا غيره، إذ الحكومات العربية لم تعد ترى الثقافة والأدب مجرد توابل الحياة، وليس عنصرا من عناصر الحياة الإنسانية، الإبداع والأدب صار مجرد تسلية وفسحة نفسية. ولم تعد تدعم الكتاب الورقي كما تدعم المواقع الإلكترونية.
15- كيف تجد المرأة كشاعرة؟
لا أفرق بين شاعر وشاعرة، ولكن أفرق بين نص إبداعي ونص عادي. أحترم الشاعرة المبدعة كما أحترم الشاعر المبدع ولا فرق بينهما، فالنصوص هي التي تمنحنا الارتياح أو النفور.
16- هل توافق على مقولة إن إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولا وأخيرا...؟؟
لا أتفق أبدا لأن الشاعر يحرق ذاته كي يبدع على حساب صحته وعائلته وعمله، فإن لم يصدر هذه النصوص ستنسى كما ينسى هو بعد موته، من يذكرنا بشعراء المعلقات... أبو نواس... المتنبي ... أبو العلاء... بدر شاكر السياب... أمل دنقل..الخ، طبعا نصوصهم التي أبدعوها ضد النسيان والإهمال التي تداولت مع مرور الأزمنة.
17- ما سر نجاح الشاعر
ليس هناك سر وراء ذلك، بل كل ما في الأمر مثابرته وجديته في التعامل مع النصوص ومحاولة الابتعاد عن التقليد، وخلق بصمة خاصة به.
18- لمن تودع أسرارك وآراءك الشخصية...؟؟
طبعا لزوجتي، فهي الجنب الذي لا يغيبُ... وهي القصيدة التي تكتبني ولا تنتهي... وهي إلهامي الذي يشتهيني وأشتهيه... وهي المتلقي الأول لنصوصي، مادام الشعر هو الذي يجمعنا أكثر من ثلاثين سنة، وهي الناقد الأول لنصوصي... والمدعمة الأولى لتجربتي، وتحضر دائما معي الأماسي الشعرية.
(أنتِ القصيدةُ ...
التي تُعانقني في كل مساءاتي حُلما إجلالا
حين آوي إلى فراشها
عاريا من تعَب الوقتِ
أرتوي من شفتيها بخمرها ولا أخجلُ مِنْ
أنْ تمْكث فيَّ غارقة في الوضوح
تعشق الاستعارات جمالا
تذوبَ في المجاز استحالةً وأمثالا
وترقص في جنون
على إيقاعات الاهتزاز تَنَوُّعًا أشْكالا
أشكالٌ ترَتِّبُ القوافي ختْما لا أغلالا
أنْتِ القَصيدةُ... يامنْ لي أفقٌ بدا
اكتبيني كما تشائين على تفاصيل الأنا
وامتدي فيَّ أزمنة وأجيالا
قدْ أضيعُ يوما إنْ ضيَّعتك ِ
في هذا المدى سرابا واغتيالا)
19- لو جلست وتساءلت حول ما أنجزته فماذا تقول..
سأحتاجُ إلى وقت إضافي حتى يمكنني نشر ربع ما كتبت من دواوين شعرية ونصوص سردية منذ نهاية السبعينيات إلى الآن رغم أني نشرت أربع عشرة ديوانا شعريا ما بين اهتزازات شعرية وتقاطعات بين الصورة والقصيدة.
(سأحتاج إلى وقت إضافي
كي أركب عرش القصيدهْ
وأمتد في هذا البياض سنبلة
وخمرة معتقة ترويني من عطش الذات
حين تأبى الدنى أن تمنحني أحرفا جديدهْ)
20- ماهي كلمتك لجيل اليوم
القراءة أولا والقراءة ثانيا والقراءة ثالثا ثم الكتابة مع الاستمرارية. والاستماع إلى التجارب السابقة.
21- كلمة تحب توجيهها إلى القراء:
(اكتبوا اسمي على هذه الأرض
ولا تذهبوا عني بعيدا
اذكروني حين تضمني هذه الأرض
قصيدة امتدت في المدى نشيدا
أنا منكم شهيد
مات على حدود هذه القصيدة
وطنا ووعدا وعيدا.)
شكرا لحضوركم ومتابعتكم أحبتي ..
ليلاس زرزور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق