قراءة نقدية عن قصيدتين// للأستاذ الشاعر // سعدي عبد الكريم // بقلم الاستاذ الأديب //علاء حمد

. . ليست هناك تعليقات:

شرَّفني الصديق الناقد علاء حمد بهذه القراءة النقدية الرائعة عن قصيدتين لي.. (امير صعاليك بغداد) و(ياسمين).
خالص الشكر.. وجميل التحايا.
...............

الأنساق الفنية والرؤى الجمالية
في شعر الشاعر العراقي
سعدي عبد الكريم
سيمياء اللغة والنصّ الأدبي
الحفاظ على وحدة النصّ

علاء الحامد

النصّ الشعري بأدواته الفنيّة هو ملك الباث في جميع الأحوال ، يعكسه الى الأخر ( المتلقي ) ويقف الباث كأنه المنافس الوحيد لنصّه الشعري ، وكيف طرحه في مزاد الطقس ، ليتناوله هذا ويقرأه ذاك ، ولم يعد ملكه في جميع الأحوال عندما يطرحه خارج طاولة الشعر ويخرج عن الذهنية الذاتية ، الا أنّه كان نتيجة حسرات جرّها وعاشها الشاعر مع لغته الشعرية وكذلك أدواته لُيخرج لنا بأسلوبية تعد صورة خاصة بصاحبها ، فالأسلوبية هي الرجل الحامل على كتفه (الأنا والـ هو والآخر) ، فمن خلالها تتبين طريقة تفكيره ، وكيفية نظرته إلى الأشياء ، وتفسيره لها ، ومن ثمة فالذاتية هي أساس تكوين الأسلوبية التي لا تقتصر على مجرد إظهار إحساسات المنشئ وانفعالاته ، وكذلك لا تتوقف عند حدود بيان الخصائص اللغوية التي يتميز بها هذه الأسلوبية أو تلك ، وإنما تتخطى ذلك كله إلى حد التمازج الكامل بينه وبين صاحبه ، بحيث تصبح الأسلوبية وكأنها مرآة عاكسة لشخصية المنشئ الفنية وطبيعته الإنسانية .
إنّ الدخول في عملية الحفاظ على حركية النصّ وآليات انتظامه وذلك بناء على ما فيه من عناصر إشارية متجانسة فيما بينها متناسقة موحدة زمنيا يؤازر كل عنصر الذي يليه و الذي بعده على نحو لا يسمح بخلخلة نظامه الذي تتعاقب فيه الوحدات اللغوية بصورة يكون فيها كلّ عنصر محبوكا متواصلا مع مجمل العناصر الأخرى المشكلة للنسق)، وهو ما يضفي على البناء الشمولي درجة أكبر من الكثافة الدلالية / دروس في الألسنية العامة / وكذلك التوليد الدلالي في البلاغة والمعجم: محمّد غاليم.).. والقصيدة لدى الشاعر العراقي سعدي عبد الكريم ومن خلال العنونة التي وضعها هي شمولية الشاعر وما ينتمي اليها من أدوات شعرية تتحرّك نحو التجدد والذي يطلق عليه عادة ( بالابداع ) ومن ثم فان القصيدة تنحول إلى استثمار جميع المستويات اللغوية لتنفخ فيها روح التصوير والترميز والتكثيف, ابتداء من الصوت المنغم ذاته إلى التكوين الكلي للنص…
************
أمامي بعض نصوص الشاعر والناقد العراقي سعدي عبد الكريم .. الشاعر لا يكتب بشكل إرادي وإنما له توقيته المكاني والزماني واللجوء الى حيثيات النص الشعري ..
إن البوابات التي ندخل منها إلى عالم القصيدة تختلف حتماً باختلاف ثقافة كل شاعر وكاتب وحسب ميوله ومزاجه ، فالمزاجية والحلة النفسية لها الأثر الفعّال وإيجاد وسائل أكثر تعبيرية والتلاعب باللغة من زوايا عديدة ، وهنا لاأستثني المتلقّي للنصّ أيضا ويعد الشخص الثالث ، بين القصيدة والانا وبين المتلقّي ، يمثّل الأنا بالنسبة لي هو الباث ومدى استيعاب الحدث والانتماء اليه ، ومن المؤكد أن أول بوابة وأضمنها للوصول هي اللغة لأنها الحوامل التي يعبّر عنها الفكر أو الرسالة المراد تمريرها، والقصيدة بصفتها بناء لغوياً مرتباً بكيفية خاصة، فإنه من العبث إغفال مواد البناء هذه واعتبارها كائنات لا شأن لها في توصيل معنى معين، بل هي مجموع الوظائف والمعاني التي تبنى عليها القصيدة.
وبوابة اللغة هي المدخل الأساسي للدخول إلى عالم القصيدة لكن هذا لا يحجب عنا النظر لنقول إن هناك طرائق أخرى للولوج إلى عالم القصيدة، وأزعم أن اللغة الأدبية بصفتها تحمل شحنة معينة، فإنها تدلَّنا منذ البدء على شكل هذا العالم ، ومع الرمزية ، تتكامل لدى الشاعر ، مدخله اللغوي ، كي يقدّم ديمومة شعرية لها شأنها مع الحضور والغياب .
القصيدة الأولى للشاعر العراقي سعدي عبد الكريم حملت اسم ( ياسمين / قصيدتي التي لم أكتبها بعدُ)
أما القصيدة الثانية فكانت : (أمير صعاليك بغداد)
النصّ الشعري هو أكثر النصوص تنظيما ، لذلك هو دائما يعدّ إحدى التشكيلات المهمة في توليد الدلالات ، ولو تأملنا العنونة التي اعتمدها الشاعر العراقي سعدي عبد الكريم لقلت عنها : عنونة تصب في سيمولوجية اللغة التي ينقيها الشاعر وهي استعارة لتشبيه الحدث وما هو أمامي .. وإن كان باعتبار النص الشعري عينة، يعني أنه يعكس بحدّ ذاته ملاك اللغة ومن خلال انزياح الالفاظ التي تعتمدها ، أي كل ما يتعلق بها بصفتها نظام علامات لغوية تستخدم كوسيلة اتصال بين المتكلمين بها ، فأياً كانت اللغة التي تنتمي إليها المادة اللغوية التي ندرسها، فالعينة منها، عندما تكون محل الدراسة.. ومنها نبحر نحو مراد الشاعر وما ينوي عليه من رؤى يرسمها مع القلب تارة وتهبط من المخيلة تارة أخرى .. لنقرأ :

أنا ..
أمير صعاليك بغداد
سأهشُ على غنمي
بعصا موسى
واشطرُ البحر نصفين
واُقربُ إليَّ من الجواري
اثنين ..
اثنين ..

من قصيدة أمير صعاليك بغداد ..
التئام القصيدة وعدم بعثرة مفرداتها ، مهمة شاعرية ، تنزل مع المحسوسات وثقافة الشاعر التي يحملها ، فالشعور وعن قدرة الشعر على الإيحاء الذي يعزّ على الفهم أحيانا ظل المقياس الأول في النظرة إلى الشعر هو مدى قابليته للفهم وقبوله للتفسير. فبين عصا موسى والانا التي رسمها الشاعر ، هنا اختلاط بين الضمير ( المتكلّم ) وما هو متواجد في قديم الزمان على يد سيدنا موسى ( ع ) والمعروف بعصاه السحرية ، التي كان يشقّ حتى الطرقات في البحر ، كلّ الذين أمام الشاعر ، ينساقون بما جاء من آراء ، فالغنم تحت طاعة الغنّام ، وليس غيره ، يعرف أن يتماشى مع القطيع ، ولكنّ العصا التي استعارها الشاعر من النبي موسى ، سخّرها أيضا لشقّ البحر والحصول على الجواري ، اثنين أثنين / وكما هي في سفينة نوح وحالة الطوفان ، سيختار النبي نوح من كلّ جنس / إثنين إثنين ، لينقض العالم من الغرق ، وكانت السفينة هي الوحيدة التي استخدمها النبي كأداة فاعلة في تسخيرها للاخرين ، حبّا في الحياة ، وحبا باستمرارها …
بعد أن نتعرّف على السياقات المختلفة يتعيَّن علينا النزول إلى الحسّ الشعري المتوفّر لدى الشاعر ، لأن السياق الشعري قد يخالف السياقات المختلفة التي وردت في القاموس أي تحديد نقطة التقاء (القرابة/ الألفة) حسب مفهوم ع. كليطو وذلك قصد قراءة أدقّ وأعمق، والحسّ الشعري يعتمد على الذوق الفني ومحاولة تمثل التجربة. فالتجربة الشعرية للشاعر سعدي عبد الكريم أعطت للقارئ بعض مميزات النهوض بالقصيدة ، مما تجعله مستنفرا للكتابة والدخول الى عبقرية الفلسفة للغة الشعرية ، وإن مرحلة التعرّف على الشكل اللغوي للقصيدة تعني التمعّن في الظواهر اللغوية المثيرة للانتباه ، كالتراكيب المخالفة للقواعد النحوية أو التجوّز في بعض الكلمات أو الاشتقاقات المخالفة للميزان الصرفي وبنية الكلمة العربية ..الشاعر العراقي سعدي عبد الكريم يقودنا بين هاملت وناظم الغزالي ، مرورا ببكاسو مثلا ،
لكن ما يهزّ القارئ أكثر تواصل الشاعر مع :
وارتكبُ كل الجرائم الممنوعة
وابتكرُ أنواعا أخرى للتعذيب
لم يجربها الجلادون
في أقبية التحقيق السرية
هنا يمنح مساحة جميلة وهو يدخل دهاليز أقبية الامن العراقية ، وما توارثه الجلادون والتحقيقات السريّة .. ولم يكتف الشاعر عبر لغته الشعرية التي عرضها علينا ، فهو الشاعر المبحر مابين الدولة الأموية وتشوييهم للفترة التي حكموا فيها ( المسلمين ) حيث وقعت حاثة الطف ومقتل الحسين بن عليّ ( ع ) … ومابين الحجاج والمتنبي ، يمكث السيّاب بأشعاره وفترته الثورية ، وإدارة دفّة الشعر واعتناق القصيدة الحرّة … بين الصعاليك وأميرهم تطلّ طنجة علينا ، وهنا الفارق باقة ياسمين ، أو إحدى الأسماء من الصديقات التي احتفظ بها الشاعر …
ياسمين / قصيدتي التي لم أكتبها بعد … يكرر الشاعر في بداية قصيدته بأنه لم يكتبها بعد ، وهي حالة تأتي عموما للتأكيد والإشارة الى نصّ شعري هو بين ثنايا المفردات التي تنتابه عبر الذهنية الأريحية في غرفة الشعر … فلاش باك مرجعي مع تقنية واستخدام الأدوات التي نزلت عليه وما يحمله الشاعر من ثقافة ، هنا اودّ أن أشير حول تكرار التعريف ضمن جسد القصيدة أعطى بعض ملامح الطريق التي سلكها الشاعر نحو الشاعرية والدخول بشكل مباشر مع الدلالات الى وحي القصيدة .. من خلال تحديدي لمفهوم النص ، يمكن توضيح سبب اعتبارنا الإشارة السابقة ضمن مسالك نحو النص .. فنحو النص هو الحديث عن تماسك عناصر النص وترابطه استناداً إلى سياق لغوي آخر مرتبط به، أو سياق غير لغوي، كأن يكون سياقاً مقامياً أو اجتماعياً أو نفسياً أو بلاغياً :

ياسمين …
يا زنبقة شممتُها على شواطئ (طنجة)
وقصيدة كتبتُها في حانات (مراكش)
وأغنية ترنمتُ بها على مشارف (كازبلانكا)

اشتغل الشاعر العراقي سعدي عبد الكريم هنا على السياق الخارجي للنص ، فالمدن التي أمامي ، هي مدن مغربية / طنجة ، مراكش وكازبلانكا ، وكأن الشاعر قد زار هذه المدن ، علما إنّه في بغداد ويتلو مابين الرصافة والكرخ .. السياق الخارجي الذي يعتمده الشاعر يشكّل جزءا من تماسك النصّ الشعري ، وفي نفس الوقت اشتغلت الذاكرة مع المخيلة عبر الفلاش باك بتحديد تلك المدن واللجوء اليها كمخيلة ناصعة ، وهنا عنصر الخيال مابين الشاعر سعدي عبد الكريم ومما سبقوه من شعراء ( ناظم حكمت وبابلو نيرودا ، كأمثلة حيّة بماكتبوه:

اشرب قهوتي
كخراب افترشَ الكون
حتى مسه الجنون
واقترب من حتفه
ليل المنون !

الاشتغالات الثانية التي ينتمي اليها الشاعر ضمن نصّه الشعري هي السياقات الداخلية والتي توحدت الدلالات من خلالها ، وتوحيد الدلالات حالة مرضية واجبارية في تماسك النصّ الشعري ، والتفريط بذلك ، يعني الخروج عن الحالة الفنية والقاسم المشترك الاعظم .. هنا الضمير الغائب أنا .. والانا الحسية هي حالة انعكاس الرؤيا لدى الشاعر والانتماء الى الاخر ، فليس من الضروري أن تكون الذاتية منحازة مئة في مئة لمفردة الشاعر التي رسمها في القصيدة ، وانما تخرج عن حالته وتكوّن دلالة جديدة بمحسوسيتها الداخلية ، لتخرج الى الاخر الّذي حسب ماذكر الشاعر اسم العلم ( ياسمين ) …
اللغة الشعرية تشكّل نمطا خاصّا تختلف عن اللغة العادية وكذلك تختلف عن الخطاب النثري من حيث الشكل ومن حيث الوظيفة. وليس حقا ما يزعمه البعض بأن اللغة فارق أساسي بين القولين (الشعري والنثري)، لأن اللغة من حيث هي لغة لا تتميز إلاّ بالعودة إلى الإطار المرجعي الذي تحيل إليه وتتخذه كسياق (الاجتماعي، السياسي، التاريخي، الثقافي..) وقد تحيل إلى هذه السياقات جميعها مرّة واحدة مع تغليب واحد فيها على السياقات الأخرى.
فاللغة – في حدّ ذاتها- لا تتميز في التعبير الشعري والنثري إلاّ بالخصائص التنظيمية التي تبنى بها وبالوظيفة التي تشغلها أو الرسالة التي تريد توصيلها. ويصبح في هذه الحالة الشكل / فنّ النظم ، هو الفارق الأساسي بين اللغة الشعرية واللغة العادية أو باقي الاجناس الادبية مع توفر قدر غير قليل من “القصدية” في إنتاج خطاب متميز عن الخطابات الأدبية الأخرى التي تتعايش ضمن فضاء ثقافي واحد وداخل بنية فنية متجانسة. وهنا تصب الشعرية في سياق القصدية والتي تعتمد على المفهوم الجاكبسوني للشعر … وهذه المفاهيم الشعرية انطلق منها الناقد رومان جاكبسون عبر كتابه قضايا الشعرية …
الشاعر العراقي سعدي عبد الكريم ومن خلال متابعتي وما يكتبه بشكل متواصل ، يروّض الحدث لصالح الشعرية ، كي يوصل إلينا فاكهة ناضجة لها طعمها اللذيذ ، فاللذة الشعرية ، يتم إيصالها عبر الإصغاء ، ولم يتم الإصغاء الا إذا هناك ما يحرّك الذهنية والدخول إليها بعبقرية فلسفية ، تسبق الآخرين بالانطباع والتطبيع الشعري .. فجسد القصيدة يحمل الكثير الكثير من لغة ومغامرات وكذلك الانتماء الى الصور الشعرية وصهرها بهذا الجسد …

قصيدة أميرُ صعاليك بغداد
نصّ/ سعدي عبد الكريم

أنا ..
أمير صعاليك بغداد
سأهشُ على غنمي
بعصا موسى
واشطرُ البحر نصفين
واُقربُ إليَّ من الجواري
اثنين ..
اثنين ..
وأنامُ مع الجواري
من كل لون
اثنين ..
اثنين ..
واقضمُ من الفاكهة من كل زوجين
اثنين ..
اثنين ..
واحتالُ على السحرة في مسرحية (هاملت)
ولن اقتل الملك القاتل
وأعفوّ عن (أوديب)
لأنه تزوج أمه
وأسمَلَّ عينيه
وأخلصهُ من عقدة الذنب
وأطلقُ للريح أمنية (انتيكونا)
ليتسامى،
ويمسك القمر
سأنامُ على شواطئ دجلة
وعلى ضفاف الفرات
واسبرُ أغوار (تيمات)
في عالمها السفليّ
واعتلي صهوة الفرس الداهم
وظهر الجمل النائم
في السنة الأولى للهجرة
وابتكرُ لنفسي لغة أخرى
غير العربية !
سأكتبُ بلغة (بيكاسو) التكعيبية
سأرسمها بألوان الدم
وألوان الضّيم
وأحزان الوطن
واعزفُ سيمفونية (موزات)
على إيقاع (التانكو)
وأترنمُ بأغنية (ناظم الغزالي)
على نغم (الفالس)
وأطلقُ سراح
ذوات الرايات الحمر
وأبيحُ شرب الخمر
في حانات الكرخ
وفي مقاهي الرصافة
وأساوي ما بين العبد
وسيده !
واركبُ بحر الموت
وامكثُ في بطن الحوت
وارتكبُ كل الجرائم الممنوعة
وابتكرُ أنواعا أخرى للتعذيب
لم يجربها الجلادون
في أقبية التحقيق السرية
وأمحو تاريخ الأباطرة
واقتلُ وعاظ السلطان
وشيوخ الفتنة
والعنُ كل الطغاة
والساسة الحفاة
فأنا أمير صعاليك بغداد
وملك أموي
مرعوب في الشام
وأمير مختل
من أمراء بني العباس
وسياسي مُستجد أحمق
جاء ممتطيا دبابة محتل أخرق
آه .. يا هذا الحب
وهذا الموت
لا تقتربا !
فأنا .. احمل سيف (الحجاج)
وخنجر (عورة بن الورد)
ورِقة شعر (السياب)
وحكمة (بهلول) المجنون
وقصيدة رثاء على الوطن المنكوب
آه .. يا هذا الصعلوك
المقتول بالحب بريئاً
كما قتل (المتنبي)
في جوف الصحراء !
* ياسمين *
قصيدتي التي لم اكتبها بَعدُ
ياسمين .. يا زنبقة العمر
ومَليّكة الدهر
وقصيدتي التي لم اكتبها بعدُ !
يا ربيع السِفْر
وابتهال الشعر
ورذاذ المطر
يا أيتها المبتكرة الحرف في قصائدي
والمخبوءة في قلبي
وبين أضلعي
أجسها حين معنى
في بريق العيون
وابتكار الشجون
واشتعال الحنين !

……….

قصيدة ياسمين

نصّ/ سعدي عبد الكريم

ياسمين

يا زنبقة شممتُها على شواطئ (طنجة)
وقصيدة كتبتُها في حانات (مراكش)
وأغنية ترنمتُ بها على مشارف (كازبلانكا)
يا ماء البحر
وماء النهر
يا أيتها الدنيا
كل الدنيا !
التي غادرتني
على حين غفلة منها
ومني !
أربعون عاماً
وأنا أتلظى بين الحب
وبين الحرب
وبين شتات القهر
وضيم العمر
وسطوة الشعر
وأنت تَشُعيّن مثل أيقونة ضوء
في ليلي
وترنيمة سومرية كبرى
في بوحي
وفي صمتي
وما بينهما !
……….
ياسمين …
يا (طنجة) الأنوار
وعطر الجلنار
يا شاطئ البحر
الذي فارقته
من عشرين عاماً ونيف
واشتهي أن أعود إليه ثانية
كلما جنَّ الليل
وحال الحوّل
وكلما ضّجَ صهيل الخيل
في رأسي
في ارتهان الليل
وامتحان السيل
وفي خطايّ المتعثرة بالحروف
إليكِ !
……….
ياسمين …
يا أنتِ
يا جمار النخل
وضوء الليل
يا زنبقة نائية
اشتهي أن أشمها
وقت الشروق
وعند الغروب
وأنا ملتحف بأوراقي
وأشعاري،
متكئٌ على أريكتي
اشرب قهوتي
كخراب افترشَ الكون
حتى مسه الجنون
واقترب من حتفه
ليل المنون !
……….
ياسمين …
يا زنبقة الذهول
ويا زهوّ الفصول
ويا مليكة توجها الله
على قلبي
وأغنية ترنم بها العاشقون
في ضواحي ( فينا )
………..
ياسمين ….
يا فسحة موشومة بالسكون
وحدائق مجبولة بعطر الياسمين
وقصيدة اكتبها الآن بدمي
أضمها الى صدري
حين شوق
وحين معنى
مثلما ضَّمَ النخل
عروش السعف
ومثلما خبأ الله لؤلؤة
في لّج البحر
وأنا المبحر فيه
وأنا الغارق فيه
والمقتول فيه !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نـــوافــير للآداب والثــقافة ... رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني

أهلاً وسهلاً بك أنت الزائر رقم

النصوص الأكثر قراءة اليوم

اخر المشاركات على موقعنا

بائعة البخور // بفلم الكاتبة // مها حيدر

بحث هذه المدونة الإلكترونية


مجلة نوافير للثقافة والآداب 📰 صاحب الإمتياز الاستاذ الشاعر والكاتب الأديب علاء الدين الحمداني شاعر وأديب / عضو اتحاد الصحفيين/ عضو وكالة انباء ابابيل الدولية/نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة قلم

أحدث التعليقات

Translate

تابعنا على فيسبوك

من نحن

نـــوافــير للآداب والثــقافة ... مجلة عراقية عربية 📰 رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني
جميع الحقوق محفوظة لدى مجلة نوافير الإليكترونية ©2018

تنوية

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة المـجلة ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك