تحليل ونقد لقصيدة الشاعرة // وسن عباس(أحببتك بلا سبب) // بقلم الأستاذ الناقد // علي محمد العبيدي

. . ليست هناك تعليقات:

تحليل ونقد لقصيدة الشاعرة وسن عباس(احببتك بلا سبب)/ بقلم علي محمد العبيدي
************************************************
أحببتكَ بلا سببٍ
وسأبتعدُ لأكثرِ من سببٍ ،،
سأقيمُ حفلةَ وداعٍ للحب
وسأدعوكَ كي نودعه معاً
سألبسُ فستانَ سهرةٍ
وسأختاره بلونِ الحزنِ
لونُ الكبرياءِ والشموخِ
كي يداري ضعفي
وأظهر بمظهر مختلف
لعلي أُخبئ وجعي ولاترى خيبتي
وأداري الدموعَ الغافية تحت الجفن
سأشعل الشموع
وأرقص كالطير المذبوح
وذاك القلب
من وجعهِ يئن ويتمزق
سأضع رأسي
على صدرِكَ دقائق
وأسمعُ كلماتَ النبضِ المفضوح
هاهو قلبك
يبكي ويذوب مثل تلك الشموع ،،
أشتريت لك الهدايا تذكارا
لأشعر إن هناك شيئا مني بحوزتك
إخترتها بقلبي
وأنا كلي عشق
وتلك آخر ما سيبقى مني معك
أعلم أنك لست لي
وأعرف جيداً أني لن أكون لك
وأيقنت تماماً
أن قوانين العشق بيننا لا ...ولن تتفق
ولكن تذكر حبيبي
أني أحببتك لا بل عشقتك واهديتكَ مشاعري بكل صدق

************************************************

مطلع استهلالي جميل للغاية يجتذبك روحا وجسدا ويهز اعماق الروح التي تتوق إلى النقاء والصفاء لان الشاعرة استهلت قصيدتها بمطلع بديع ياخذك إلى عدة محطات في مسيرة حياة رسمت من أجل أن تكون مثالا وشعارا للحب الصادق المعبر عن نفس بريئة براءة الاطفال ولولا هذه البراءة لما كان ذلك الحب بهذه الطريقة الخالية من كل اطماع ورغبات الدنيا وزخرف الحياة الخادع وسراب الوعود المعسولة التي هي اشبه بغبار تذروه الرياح ليذهب هباء وما يبقى بعده الا الحزن والحسرات ... (احببتك بلا سبب) انه حب بلا مصلحة او غاية ويشعرك انه كان حبا صادقا مفعما بفيض من المشاعر نابعا من اعماق الفوأد باحت به النفس مودة وقربا املا في ان يبادلها المشاعر والأحاسيس بنفس الحرارة ونفس اللهفة لانها احبته حبا نقيا نقاءً مطلقا طاهرا صافيا كالماء الزلال ... ولكنها ابتعدت عنه... قالت الشاعرة ( لأسباب كثيرة) لانه لم يبادلها المشاعر والأحاسيس بنفس الحرارة ... وحين يغيب عنها حتى ولو لبرهة من الزمن تطير روحها شوقا إليه لتحتظنه حين عودته ... لكنها لا تحس بدفء صدره ولا حنان روحه ولا حتى بريق لهفة في عينيه حتى نبضات قلبه كانت احسها باهتة وغير مسموعة ولا تبدر من شفتيه همسة حب ويديه على الدوام خالية من أي هدية ... انه يسرق الاحساس بالحب من صدرها ... ويقتل في اعماقها الشوق والحنين لتبقى كغصن غض طري انقطع عنه الغيث في أرض يباب ... وامست وجفونها تفيض دمعا بعدما كانت تكحلهما بصوره وخياله الماثل امامها ... وبعد ان يئست منه قررت أن تقيم احتفالا لوداع هذا الحب الذي خفتت جذوته وانطفأت نيرانه ولم يعد اي مبررا لاستمراره ... كما وانها ستوجه دعوة له لحضور حفل الوداع لكي يشاركها وداعه أنهما سيودعان هذا الحب بكل ما يحمل من رقة وعذوبة وجمال ولكن بدموع حزينة مرة .... وقد هيأت لحفل الوداع فستانا اسود اللون يحفظ لها كبريائها وهيبتها لان اللون الاسود سيد الوان الهيبة والوقار ورمز الرفعة والانفة والباعث على السيادة والعظمة والشموخ وفي نفس الوقت يعلوه الحزن ... لان الأعراف تقتضي هذا اللون في المواقف الجليلة ... لكي يغطي ما سلب من قوتها وصلابتها وشجاعتها وحنكتها وفي نفس الوقت تفقأ به عيون الشامتين وترد عن نفسها كيد الحاقدين عليها والذين يتربصون بها ويتحينون لها المزلق ... لكي يقضوا عليها وعلى حبها وحياتها بالكامل ... ومن جانب آخر إداري به ضعفها ان ظهر منه شيئا لانها أمرأه ذات حس مرهف ومشاعر جياشة تتأثر بما يحيط بها وتتفاعل مع حياتها بكل ايجابية ... بالإضافة إلى ذلك سيكون مظهرها مختلفا ستظهر بانها تعيش حالة من الفرح والسعادة وتضفى عليها طابعا من الارتياح والبهجة... لعلها تخفي الأحزان والألم الذي احتملت جذوره وناره وكما غير قصير لعلها تظفر منه بشئ يغير ما كان من الجفوة وبعد الروح ... كذلك تحاول ان تخفي الدموع تحت الجفون المثقلة بها التي سكبتها زمنا طويلا من أجل حب جفت سواقيه ...وانها ستشعل الشموع ايذانا ببدء الاحتفال لان الشموع دليل بهجة وفرح وهي التي تعبر عن الفرحة والسرور ... وترقص كالطير المذبوح ولكن سيكون هذا الرقص ترافقه حالة من الألم وضيق النفس من ألم الضياع وخسارة الأيام والشباب المهدور ولما تعاني من مرارة وأحزان ويبقى قلبها يئن ويتألم كمن يحتضر في سكرات اشبه بسكرات الموت...وانها ستهوي عليه بكل جسدها لتضع رأسها على صدره عسى ان تشعر بشئ من الامان أو انها تحس بمساحة حنان وتسمع دقات قلبك التي تفضحك والذي يبكى حزنا وألما كما وانه يتلاشى ويذوب شيئا فشيئا مثل هذه الشموع لانه ضيع حبه وضاع في طريقه المجهول ... اشترت له هدايا كذكرى لانها تريد أن لا تنساها ويبقى جزء منها ملتصق بقلبك وهي اختارتها باحساس قلبها مفعمة حبا ملونا وشوقا اخضر ا لانها تعرف جيدا ان الهدية لها وقع في النفس ويبقى أثرها في القلب لانها اختارتها اختيارا خاصا ليس ما تستلطفه عينها وتحس ملمسه يدها ... لا انه اختيار القلب الموجوع كما وصفته الشاعرة ... واختارتها وهي تنبض حبا له وتشع عشقا كأنها ترفل في مملكة خيالية يحيط بها الجمال والرخاء من كل جانب وهذه الهدايا ربما تكون حسية اكثر منها مادية ابهمتها الشاعرة تشويقا لاستقبال الحدث التالي ... علما انها تعرف جيدا انها لن تكون له ولن تستمر معه وأنهما وصلا خط النهاية وأصبح الطريق مسدودة أمام مسيرتهما التي يعتريها التعثر الدائم .... وهي على يقين أن قوانين الحب (وهذا تعبير مجازي لأن الحب لا يخضع للقوانين) لا تنطبق عليهما لان خط سيرهما صار مختلفا واتجاهه غير اتجاهها وقد ايقنا انه انتهى كل شئ وصار من ضرب الماضي ... ولن يكون هناك توافق ... ولكن تذكر ايها الحبيب انها احبتك بكل مشاعرها ووهبتك احساسها ومنحتك قلبها الذي احبك بكل صدق وحمل لك وفاء وحنينا لا حدود له كأنه سيل يتدفق او بركان يتفجر .... وهي تزيد فوق كل هذا الحب انها تعشقك عشقا لامثيل له وانها صادقة المشاعر معك بكل صفاء ولكن هيهات ان تعود عقارب الزمن إلى الخلف ليصلحا ما افسدته يد الزمان الغادرة .... لقد ابدعت الشاعرة في الأسلوب والصياغة وترابط المعنى ... وصورت المواقف تصويرا فنيا بكل ابداع وقدرة متميزة وتمكنت من الموازنة بين حالتين مفترقتين .. بأسلوب ذكي ممتاز ولغة شاعرية معبرة عن حالة الحزن التي كانت تعتريها ... بالرغم من أن الشوق اخذ مأخذا من قلبها ... انها مزاوجة بين حالتين مختلفتين تمكنت الشاعرة من رسم صورة واحدة لهما بكل براعة وامكانية ... كما وانها صاغت عبارات التشبيه بطريقتها الرومانسية المعروفة مما أضفت على النص رونقا رائعا .... كان لانسيابية و سلاسة النص تذوقا وعذوبه متميزة لمن يطالع النص ... الخيال الرومانسي المعبر أعطى صورة ذات معنى وتصورا بديعا عند التعمق فيه  ... أعطت الشاعرة املا مشرقا لاستمرار الحياة من طرف خفي ... وأكدت على الجانب الأخلاقي في صدق المشاعر والحب وانه ذات قيمة عليا في الحياة وليس نزوة او لعبا بمشاعر الاخرين ... سيدتي الشاعرة ... ابدعت وتألقت وكتبت النص بأسلوب غاية في الروعة ... تحياتي وباقات الورد
                                           
                                               علي محمد العبيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نـــوافــير للآداب والثــقافة ... رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني

أهلاً وسهلاً بك أنت الزائر رقم

النصوص الأكثر قراءة اليوم

اخر المشاركات على موقعنا

بائعة البخور // بفلم الكاتبة // مها حيدر

بحث هذه المدونة الإلكترونية


مجلة نوافير للثقافة والآداب 📰 صاحب الإمتياز الاستاذ الشاعر والكاتب الأديب علاء الدين الحمداني شاعر وأديب / عضو اتحاد الصحفيين/ عضو وكالة انباء ابابيل الدولية/نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة قلم

أحدث التعليقات

Translate

تابعنا على فيسبوك

من نحن

نـــوافــير للآداب والثــقافة ... مجلة عراقية عربية 📰 رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني
جميع الحقوق محفوظة لدى مجلة نوافير الإليكترونية ©2018

تنوية

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة المـجلة ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك