ما اسمها بغداد .!// بقلم الأستاذ // عبيد العياشي

ما اسمها بغداد.!

شعر: عبيد العياشي / تونس

ــــــــــ ♥-♣-♥ ــــــــــ

.

نصْفٌ هنا متَشوّقٌ وهناكَ نصْـــفُ

فبأيّ قلبٍ ليسَ يهفو سَوفَ أهفو؟

ولأيّمَـــــــــا وطنٍ سأمنَــــــحُ وُدَّه؟

والقيروانُ مباهجٌ و الكرخُ لُطــــفُ

أنا عالقٌ والشوقُ ملءُ عباءتــــــي

ومسافرٌ والشّوق مثلُ الرّيح يسْفو

تنقاد بي نَحوَ الأمام مَــــــــــــــودّةٌ

ويشدّني لروابط الأرحام خَلــــــفُ

إنْ جفّ دمعٌ للعراق بتونُـــــــــــسٍ

فَدموعُ تونسَ في الرّصافةِ لا تجـفُّ

أوْ صَاح إلْفٌ : وَيْ هَلِي مِنْ وَحْشةٍ

طال المَدى عنْه فلمْ يسْمعْه إلْـــفُ

هندٌ هنا .. زيتونـةٌ شمَختْ بنـــــــا

والتوأمانِ هناك .. أعْذاقٌ وسعْـــفُ

قدْ كنتُ إذْ آتيكِ أمْسحُ دمْعتــــــي

ما للرحيل؟ وأنت لي باب وسقـــفُ

لي فيك أحفاد يعزّ فراقُهـــــــــــــم

وأحبّةٌ صانوا مودتنا .. و أوْفـــــــوا

هم أخلصُ الموفين عهدا للفــــتى

و إزاء كره الكارهين .. همُ الأعـفُّ

أحنو لذكراهم ، ولا أحنو لهـــــــــا

نسيانُهم خوفٌ وبعضُ الذّكر خــوفُ

واليومَ تدعوني الدّيارُ و أجتــــــــوي

أنا يا صديقةُ موطني المعمورُ حرفُ

حريتـي هو .. لا أماهي غيـــــــــرَه

مهما تكدّرُني الحياةُ ، فليس يجفـو

قمرا يزور بيادري وينيرُهـــــــــــا

وجناحَ عصفورٍ بشبّاكي يـــــــرفُّ

قلبي على شفتي يسامِر بوْحــــه

والرّوحُ مثقلةٌ أسًى والشِّعرُ نــــزْفُ

داران لي .. في كلّ دارٍ محنــــــــةٌ

لا القيروان مَباهجٌ لا الكرخُ لطـــفُ

وأنا المُهجّر فيهما ، كأســــــي دمٌ

خَضـِل .. وحظي منهما فقر ونسـفُ

هل كان ذنبـــا أن نحبَّ بلادَنــــــــا

أم أنّ ما نأتيه : إرهاب وعنــــــــفُ

حتّى يُباعدَ أهلُنا ما بيننـــــــــــــــا

ويقومَ بينهمُ وبين الفُرس حِلــــفُ؟

لأكاد أصرخ فيهمُ : أهلي كفــــى !

وأغصُّ حدَّ الموت : يا أعداءُ كفّـوا

ما همّـني تنأى الخطى بي مرغما

لو ظلّ في الآفــاق عوْدٌ يُستشـــفُّ

أوْ طائرُ البلَشونِ أقْـفل عائــــــــــدا

فأنامُ فوق جناحـه الواني و أغفـــــو

وأقول يا بغداد جئتُ مجاهـــــــدًا

ومعي كتابُ الله مختَتما و سيــــفُ

نصرا أعلّقه على جبين حبيبتـــــي

وبه شموع الحبّ زاهيةً .. تحــفُّ.

ــــــــــ ♥ ــــــــــ

.

ما شئتِ ، نحن بنوك نمضي تــــارة

ونعودُ تسبَقُنـا أمانينـا .. فـنقفــــــو

كالرافدين .. أنا وأنت ، تماثُـــــــلًا

أو نخلتين طواهما في القفر جُــرفُ

جذْعان مغْتربان .. ظلّا واحـــــــدا

وتَعانَقـا ، فكأننا : نحوٌ وصَــــــرْفُ

فلتهنَئي ـ دارَ السّلامِ ـ ففي غـــــدٍ

ستضمّنا بغدادُنا و الدهرُ يصفــــوُ.

ــــــــــــ عبيد العياشي