الشاعر الليبي علي صالح الجمل
من مدينة طرابلس
يعمل محاسب ..
شارك بالعديد من المنتديات والأمسيات الشعرية ....
نشرت له العديد من المجلات الورقية والإلكترونية ..
نال العديد من الجوائز وشهادت التقدير ..
كان لنا معه هذا الحوار الحوار القيم الماتع ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذة القديرة ( ليلاس زرزور )
تحية طيبة وبعد ...
1 – متى اكتشفت موهبتك الشعرية ؟ وهل كان للظروف التي عشتها دورها في ظهور هذه الموهبة ؟
منذ صغري كنتُ ميّالاً لقراءة الشعر والإطلاع على قصائد كبار الشعراء العرب ، وانفتح وعي على مكتبة والدي رحمه الله بمنزلنا القديم ، وما كان فيها من كتب ومعاجم ودراسات ، وكنتُ أسعى للحصول على أي ديوان أواقتناء أية مجلة أو كتاب يتضمن بعض الأعمال والنصوص والسير الخاصة بالشعراء ، وكان الفضل لوالدي رحمه الله في تحفيزي على التزوّد بالمفردات اللغوية وحفظ بعض الأبيات الشعرية ، وفي بداياتي كنتُ أعرض عليه ما أكتبه فيُبدي ملاحظاته وإرشاداته ، وهذا جعلني أتجه لدراسة علم العروض ومعرفة بحور الشعر العمودي .
2 – الشعر الحقيقي هو انعكاس لموهبة ولكن ذلك لا يكفي لإنتاج مانصبو إليه من إبداع ..
ماهي العوامل التي تسهم في تشكيل هذه التجربة ؟
الموهبة الشعرية ضرورية ولكن لا تكفي وحدها ، يجب على الشاعر أن ينمّي حصيلته اللغوية وينوّع قراءاته ويطلع على أكبر عدد ممكن من التجارب الشعرية ، وهذا يُتيح له الارتقاء بنصه الشعري وجعله أكثر عمقًا وتأثيرا ، وكذلك الاحتكاك والتواصل مع الشعراء الآخرين سواءً عبر الحضور المباشر في اللقاءات والمنتديات والنشاطات التي تقام أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة حاليا .
3 – كثير من الشعراء لديهم الحظ ولكن ليس لديهم المعجم اللغوي كيف تفسر ذلك ؟
أنا لا أؤمن بالحظ في هذا المجال ، التجربة الشعرية لها خصوصيتها وأدواتها وعواملها ، ربما تأتّى لبعض الشعراء أن ينال اهتمامًا ، وينعم بحضور استثنائي بعض الوقت ، لكن إذا لم تسعفه موهبته وثقافته وتجربته المكثفة فلن يُجدي ذلك له نفعا .
4 – ما رأيك بالحركة الأدبية حاليا خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الإجتماعي السريعة ؟
الحركة الأدبية وخاصةً الشعر في نشاط ملحوظ ، خصوصًا في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ، وهذا جعل الكثيرين من الشعراء ومن يملكون مواهبًا يعرضون نتاجهم الإبداعي على منصات التواصل الحديثة ، صحيح أنّ المشهد الحالي مُربكٌ بعض الشيء حالياً وعُرضة لظاهرة سرقات النصوص والتعدي على ملكية أصحابها ، لكن مع انضباط النشاط الإعلامي وسن قوانين للحماية الفكرية ، سوف تنضج هذه التجربة وتوضع في المسار الصحيح ويكون لها أثرها البالغ والإيجابي مستقبلاً .
5 – هل يمكن القول أن المعلم هو الأساس لإطلاق أي موهبة أدبية ؟
وهل يستطيع المعلم أن يختصر على الموهوبين سنوات طويلة يحتاج إليها الموهوب لتطوير ذاته ؟
المعلم هو المُربي الأول فكريًا والأب الروحي غالب الأحيان ، وهو الذي يرعى الموهوب ويقوم بتوجيهه نحو المراجع ويُبدي له النصائح التي تساهم في تطوير ملكته الشعرية وقدراته المعرفية ، ولكن المعلم وحده لا يستطيع فعل كل شيء ، فالموهوب عليه شق دربه بالبحث والاستقصاء والجهد المتواصل لتنمية قدراته .
6 – ما رأيك بالنقد ؟
النقد حاجة ملحة وضرورية للحركة الأدبية بالأخص ، ما لم يكن مشوبًا بالكيدية والنوازع الشخصية ، والناقد يجب أن يكون على مستوى التطلعات وأن يرتقي بالنصّ نقدًا وتحليلاً وموضوعية
7 – هل ترى أن الشعر العربي حاليا يمر بحالة تقهقر؟
لا.... على العكس أرى أنّ الشعر العربي في أوجّ حالاته وفي ذروة زخمه في الساحة الأدبية ، خصوصًا بعد ظهور الأقلام الشابة من مختلف البلدان العربية . وهذا البراح الافتراضي الأزرق يشهد على ذلك .
8 –ألا تشعر بأن هناك تباينا بين الشعر المعاصر والشعر القديم ؟
لا أشعر بأن هناك تباينًا بين القديم والحديث في الشعر العربي ، بل أرى أن هناك تواصلاً وانسجامًا وارتباطًا وثيقًا بينهما ، والشعر الحديث حاليًا يكمّل مسيرة ما بدأه القديم عبر حقبه ومراحله وضروبه ويُضفي عليها ما استجدّ من مواكبته للعصر .
9 – مانوع الشعر المفضل لديك ؟
الشعر العمودي هو المفضل لدي ، وعندما أقول الشعر فإنني أقصد به العمودي ، والذي ضبط بحوره جدي ( الفراهيدي ) رحمه الله .
أرَقٌ يــَـطــُولُ وَلــَوعـَـةٌ تـــَنـــْتــَـابُ
وَأسـًى يــَحـُـولُ وَعـَبـْرَةٌ تــَـنــْـسَـابُ
وَيـْحٌ لـِجـَفــْنــِكَ لا يـَشـِحُّ وَمـِـيــْضـُهُ
لــَكـَأنـَّـمـَـا قـَدْ حـِـيــْكَ مـِـنــْهُ شـِهـَابُ
سُـقْـيَـا لـِمَنْ رَحَـلـُوا وَمَنْ أوْدَعـْـتـَهـُمْ
وَلـِمَـنْ بـِذِكـْرَاهـُـمْ يــَفـِـيـْـضُ كـِتـَـابُ
أوَكـُلـَّـمـَـا نـَكـَزَ الـمـَـسـَامـِعَ هـَـاتــِفٌ
يــُـنــْعــَى إلـيـْـكَ أقــَارِبٌ وَصـِحـَـابُ ؟
كـَانُـوا شـُـمُـوسًـا لـِلـدِّيـَـارِ وَلـَمْ تــَزَلْ
تـَـشـْـتـَـاقُ دِفْءَ حـُـضُورِهِـمْ وَتـَهـَابُ
وَعَنِ الـسُّـطُـورِ تـَرَجَّـلـَتْ أنـْفـَاسُـهـُمْ
وَتـَـعـَـدَّدَتْ فِي لــَفـْـظـِـهـَـا الأسـْبـَـابُ
مِنْ غَـيـْرِ تـِرْحـَالٍ نـَـأتْ بـِكَ وَحْـشــَةٌ
وَبــِغــَـيــْرِ تــَودِيــْعٍ كــَفـَـاكَ غـِـيــَابُ
لـَو تـَـكـْشـِفُ الأيـَّامُ مـَا حـَـمـَـلـَتْ بـِه
لـَـتــَنــَاهـَـبـَـتْ آجـَـالــَهـَـا الأحـْـبــَابُ
10 – هل الشعر صناعة ؟
الشعر موهبة في الأساس ثم ثقافة ثم تجربة ، والصناعة تكون في أدوات النظم وامتلاك ناصية القريحة ، وتطويعها في الإبحار أو الغوض في موضوع أو استجلاء فكرة أو إبداء رأي ، فهناك الشاعر وهناك الناظم وهناك الشاعر الناظم .
11 –ما رأيك بقصيدة النثر التي تحررت من القافية والتفعيلة والوزن وزاحمت القصيدة التقليدية ؟ وهل أنت مع تصنيفها تحت خانة الشعر ؟
قصيدة النثر أنا شخصيًا لا أعدّها من الشعر ولا أُوافق على هذه التسمية المتناقضة والمتباينة عنوانًا وموضوعاً ، ربما تروق لي بعض النصوص للقصيدة ذات التفعيلة
الواحدة ، والتي تميّز بها بعض الشعراء وليس غالبيتهم أمثال نازك الملائكة وبدر السياب ونزار قباني .... وغيرهم ، والتي اهتمت بقضايا الشارع وشغلت الناس ، فجاء تأثيرها أقوى وأعمق من بعض النصوص العمودية ، ولكنها كانت مرحلة من المراحل وبرأيي لن تتكرر .
أسـْـهـَـرْتَ لــَيــْلــَكَ رَابـــِضـَـاً وَجــِســَا
تــُبــْرِي الـجـُـفـُـونَ وَتـــَزْأرُ الـنـــَّفــَسـَا
تــــَســـْتـــَلُّ مـِنْ مـَاضـــِيــْكَ ذَاكـــِـــرَةً
وَتـُحِــيـْـكُ مِنْ جَـفـْـنـَيــْكَ مـَا اخــْتـَلـَسـَا
هـَـذِي مــُـنـــَاكَ بــِنــَزْفـِـهـَـا سـَـكــَنــَتْ
شــَطــَحَ الــخــَيــَـالُ بــِقــُرْبــِهـَا وَرَسـَا
مـَازِلــْـتَ تـــَحـْــمـِـلـــُهــَا عـَلـَىْ وَهــَن ٍ
ســُـقــــْيـــَـا لأيـــَّــام ٍ غـــَــدَتْ دَرَســَـا
أوْمــَا الــسـُـكــُونُ إِلــَى ســَـرَائــِرِهــَـا
فـَإذَا الـنــَســِيــْمُ بــِشـــَجـْـوِهـَا هـَـمـَسـَا
قـَدْ عــَافَ ســُهـْـدَكَ طـَـيــْفُ هـَـاجـِـرَةٍ
وَبــَقــِيــْتَ تــَرْقــُبُ يــَائــِسـَاً غــَلــَســَا
وَزَفـــَرْتَ مــِلءَ الـــبــــَـوْحِ قـــَافــِيـــَةً
فـِيْ كــُـلِّ بــَـيــْـت ٍ أوْقــَــدَتْ جــَرَســَا
أوْدَعــْتَ طــَيَّ ســُــطــُورِهــَـا حـُرَقــَاً
فــَجــَرَى رَوِيُّ بــــُحــُورِهــَا قــَبـــَســَا
كـــَانـــــَتْ لأشــــْـوَاق ٍ مــُــنــَـــــاوَرَةً
مـَـا زَاحــَـمــَـتْ وَلــِعــَـبــْـرَة ٍ حــَرَسَـا
وَلــَـكــَمْ تـــَنـــَزَّلَ بــِالــهـَـوَى وَلـــَعـــَاً
نـــَبـــْضٌ لـَـهـَا كــَالـمــَارِدِ انــْبــَجـَســَا
نــَظــْمٌ حــَـلا وَقـــَصـَـائــِدٌ عــَـبــَـقــَتْ
صـَفــَحــَاتــُهـَا صـُبــْحـَاً بـِـهـَا وَمــَسـَـا
يـــَمِّــمْ فـــُؤَادَكَ شـــَطــْـرَ أحـْــرُفـِـهــَا
فــَعــَســَاهُ يــَقــْنــَعُ بـِالـحـَنـِيـْنِ عـَسـَى
12 –كيف ترى الوطن في شعرك ؟
الوطن هو البوصلة المحرّكة للقريحة وبالتالي فالشعر لا يكون بدونه ، فهو الذي نحمله في داخلنا بتناقضاتنا وأفراحنا وأتراحنا في كل التجليات الإبداعية .
13 – ماهي العوامل التي أدت إلى الحد من انتشار الكتاب الورقي في عالمنا العربي ؟
وهل تعتقد بأن وسائل الإتصال الحديثة سهلت الحصول على النسخ المجانية إحدى هذه العوامل ؟
من دون شك أن احدي هذه العوامل تكمن في سرعة الوصول إلى النسخ الإلكترونية للكتب ، والتي ساهمت في إضعاف حركة النسخ الورقية والحدّ من انتشاره ، إضافة إلى العوامل المادية كذلك ، غير أنّها ساعدت في ظهور بعض النسخ المزيفة والمغلوطة والتي تعجّ بأخطائها اللغوية والإملائية ، والتي تفتقر إلى المراجعات والتدقيق كغيرها من النسخ الورقية أثناء الطبع .
14 – كيف تنظر للمرأة في شعرك وكيف تجد المرأة كشاعرة ؟
المرأة هي الوطن والأم والزوجة والأخت والصديقة ، وهي الرمز والإلهام والفكرة البكر لكل بيت ولكل نص .
15 – هل توافق على مقولة إن إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولا وأخيرا ؟
إصدار الدواوين عادة دأب عليها الشعراء ، وهي إثبات للحضور وتوثيق للسيرة وللتجربة الشعرية ، ولكن ما نراه اليوم من البعض في استسهال إصدارها ، ممّا يجنح بالصورة نحو الابتذال ، فأرفف المكتبات تئنّ بالدواوين التي لا تجد حتى من يتطوّع لتصفّحها أساسًا فما بالك باقتنائها ومطالعتها ، كما أنّ هناك شعراء ماتوا ولم يُنشر لهم ديون واحد وكانوا من الفحول الأماجد ، بينما نجد لدى البعض إسهال في نشر الدواوين وبدون تأثير يُذكر أو إضافة تُجلى على الساحة الأدبية .
أكـَانَ لــِزَامــًا ... أنْ يــُوَافــِـيـــْكِ وَاثــِقـَا
وَيـُبـْدِي بــُرُودًا وَهـْوَ يــُخـْـفـِي حـَرَائــِقـَا
أكـَانَ احـْـتـِمـَـالاً ... أنْ تـَصـُدِّي سـَلامـَـهُ
فـَيــَنــْسـَلُّ ذَاكَ الـزَّهـْوُ ... عـَنــْهُ مـُفـَارِقـَا
أكـَانَ ارْتــِهـَانــًا ... أنْ يــَـظــَلَّ بــِرِيــْبــَةٍ
وَيـَنـْفِي ...مـَتَى عـَزَّ الـلـِقـَاءُ ... حـَقـَائـِقـَا
يـُجـَارِيـْكِ بـِالـسـَّلـْوَى فـَيــَنــْزَاحُ صـَابـِرًا
وَيــَشـْتــَاقُ لـِلـذِّكـْرَى ... فـَيـَرْتـَدُّ حـَانـِقـَا
وَكـَمْ آنــَسـَتْ مـَـنــْفــَاهُ ... نــَارُ لــَوَاعـِـجٍ
تـَرَاءَتْ مـَوَاعـِيــْدًا ... لــَهُ ... وَمـَنــَاطـِقـَا
يـَرَاكِ ... عـَلـَى وَشـْمِ الـسـُّطـُورِ قـَرِيـْحـَهً
تــُعـَاصـِيــْهِ ... إنْ خـَفَّ الـرَّوِيُّ مـُعـَانـِقـَا
وَيــَـشـْـتــَمـُّـكِ : الآهـَـاتُ وَهـْيَ مـَـطـَالـِعٌ
بـِهـَا نــَزْفـُـهُ يــَهـْمـِي ...طـَهـُورًا وَعـَابـِقـَا
وَيـَذْكـُرُ ... مـَا جـَرَّتْ عـَلـِيـْهِ ... حـُرُوفـُهُ
وَإذْ أنــْتِ تــُمـْلـِيــْنَ الـسـُّطـُورَ دَقـَـائـِـقـَـا
وَتــَسـْتــَعـْذِبــِيــْنَ الـبـَوْحَ بـَيـْنَ ضـِفـَافـِهـَا
وَصـَمـْـتـــُكِ يــَرْوِي مـَا تــَبــَنــَّاهُ صـَادِقـَا
يــَجـَوِّدُ نــَايــَاتٍ ... تـَـمـَـاهـَتْ صـَحـَارِيـًا
تــُعـِيـْرِيـْنـَهـَا عـِطـْرًا...فـَتــَغـْـدُو حـَدَائـِقـَا
وَفـِي رَوْضِهـَا يـَرْعـَى حـَنـِيـْنـًا وتـَسـْتـَقِي
مـَزَامـِيـْرُهُ ... شـَوْقــًا بـِـعـَيـْنـَيـْكِ نــَاطـِقـَا
وَلـَهـْفـًـا تــَشــَهـَّـاهُ ... بــِثــَغـْرِكِ لـَمْ يـَزَلْ
صـَرِيـْحـًا وَلـَمْ يـُنـْكـِرْ حـَدِيـْـثــًا مـُرَاهـِقـَا
16 – ماهو سر نجاح الشاعر ؟
سرّ نجاح الشاعر الحقيقي إنسانيته ومصداقيته وتصالحه مع نفسه وانتمائه لقضايا مجتمعه ووطنه وأمته .
17 – لمن تودع أسرارك وأراءك الشخصية ؟
الأسرار ... أحيانًا أودعها لدى بعض الأصدقاء الذين أثق بتكفيرهم واستأنس بآرائهم وأحيانًا أحتفظ بها لنفسي .
18 – لو جلست وتساءلت حول ما أنجزته فماذا تقول ؟
لا شيء يُذكر على الإطلاق ... !
19 – ماهي كلمتك لجيل اليوم ؟
كلمتي لهذا الجيل عليكم بالعلم ثم العلم ثم العلم ...
20 – كلمة تحب توجيهها إلى القراء ؟
أرجو أنني كنتُ خفيف الظل والدم على
أذواقهم وأنفاسهم الكريم ونظراتهم الوارفات مروءةً ، وهم يُكرمونني بمتابعتهم لهذا الحوار الكريم ...
شكرا لحضوركم ومتابعتكم أحبتي ...
سيبقى باب الحوار مفتوحا حتى السابعة من مساء الغد ...
دمتم بود ..
ليلاس زرزور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق