(لا تشيح بنظرك عني) .
بقلم الكاتب والباحث علي محمد العبيدي
=====================================
لاتشيح بنظرك عني
لاتشمئز من أعاقتي
لاترني ضحكتك الصفراء
يا اخي انت مثلي..
لك روح كروحي
وقلبك مثل قلبي
لماذا تصد بوجهك عني
بصيرتي نقيه..
خالية من الامراض
الحسد لا يراود تفكيري
اعيش حياتي..
ابتسم للجميع..
اغدق الحب على الكل
وافرح حين تهمس الزهور
بصدى عبيرها انفاسي
أشتاق مثلما تشتاقون
واحزن كما تحزنون
وأحلم كما تحلمون
لكن فرق بين احلامي واحلامكم
أحلم بالخير للجميع..
وانتم تحلموا بالتكبر
أحلم ان امازح الاطفال..
وانتم تحلموا بالأنفه
أحلم ان اسير كما انتم..
وانتم تحلموا بالعدو سريعاً
قدري هكذا..
هذه ارادة ربي..
وان صبور عليها..
محتسباً لله
فيا اخي انت مثلي..
لاتتكبر عليّ..
وتيقن ..
ان الله قريب منك
وما هو عنك ببعيد
=====================================
أطلق الشاعر العراقي اليعقوب هذه الصرخة المزلزلة بكل شجاعة واقدام الى المجتمع والانسانية لكي ينبهوا من غفلتهم عن هذا الموضوع الخطير، إلا وهو موضوع ذوي الاحتياجات الخاصة، وكيفية التعامل معهم بتعاطف ولطف ومحبة وود، ولا نتكبر عليهم أو نرمقهم بنظرة شزر دونية.
فقد قال الشاعر في مطلع قصيدته:
لا تشيح بنظرك عني
لا تشمئز من أعاقتي
لا ترني ضحكتك الصفراء
يا اخي انت مثلي..
لك روح كروحي
وقلبك مثل قلبي
لماذا تصد بوجهك عني
أشار الشاعر في هذا المقطع الى حالة سلبية في المجتمع شخصها عن تجربة وذكاء وفطنة، لذلك وجه الخطاب إلى ذوي النفوس الضعيفة والمريضة بالجهل والتخلف وعدم الثقافة وعدم الاطلاع على احكام الشريعة الإسلامية السمحاء فاظطر الشاعر لمخاطبة هذه الشريحة من المجتمع بصيغة النهي نستخدمها الاداة (لا الناهية) التي يليها الفعل المصارع والتي تكفه عن العمل . فقال: (لا تشيح) (لا تشمئز)
(لا تريني) وفي هذه الصيفية زجر عن فعل مرفوض تأباه النفوس النقية وتترفع عنه الأشخاص التي تحترم الآخرين على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم الاجتماعية .
وبحكم ثقافته ومعرفته باحكام الشريعة السمحاء استطاع أن يشخص جميع السلبيات التي تواجهها هذه الشريحة الاجتماعية التي هي جزء لا يتجزأ من المجتمع واستطاع ان يضيع يده على نقاط الضعف في هذه التصرفات المشينة والقبيحة التي يكرهها كل انسان سوي يرفض كل تصرف ينتقص اي شخص مهما كانت الأسباب . لذلك قال (لا تسمئز مني) ثم رد على كل أحمق يحمل هذه الروح المريضة وبكل شجاعة بقوله:(لا ترني ضحكتك الصفراء) .
وهنا علينا ان نذكر أن الباري جل وعلا حذرنا من هذه الافعال المشينة في سورة الحجرات فقال عز وجل (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) (الاية11).
نعم لقد حذرنا الباري عزوجل من الاستهزاء بالآخرين رجالا وعطف بنهي النساء وعدم تتبع المعايب.
وهذا نهي عن السحرية من الناس واحتقارهم والاستهزاء بهم. وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح(الكبير بطر الحق وغمط الناس) .
وقد تتبع الشاعر كل هذه المخالفات الشرعية والاخلاقية بدقة وصورها احسن تصوير لتكون تنبيها وتحذيرا من الوقوع في هذه الاخطاء والمخالقات المهلكة والمدمرة للنسيج الاجتماعي.
بصيرتي نقيه..
خالية من الامراض
الحسد لا يراود تفكيري
اعيش حياتي..
ابتسم للجميع..
اغدق الحب على الكل
وافرح حين تهمس الزهور
بصدى عبيرها انفاسي
أشتاق مثلما تشتاقون
واحزن كما تحزنون
وأحلم كما تحلمون
لكن فرق بين احلامي واحلامكم
أحلم بالخير للجميع..
وانتم تحلموا بالتكبر
أحلم ان امازح الاطفال..
وانتم تحلموا بالأنفه
أحلم ان اسير كما انتم..
وانتم تحلموا بالعدو سريعاً
ثم عكف الشاعر على صفات هذا الشخص الذي تعرض للاعاقة فاصبح من ذوي الاحتياجات الخاصة وهو لا دخل له بها ولا ذنب وفصلها بحكمة وأسلوب جميل، فوصفه بانه نقي البصيرة وهو ذو علم ويستطيع أن يفكر ويعمل مثل الاخرين.
وانه سليم من كل الأمراض وخصوصا الأمراض النفسية مثل الحسد والتكبر ، وانه يستطيع أن يشعر بما يدور حوله ويستطيع محاكاة الطبيعة والاستمتاع بجمالها ، وانه يفرح ويحزن ويحلم بغد أفضل ويمازح ويلاعب الأطفال بعكس هؤلاء المرضي ضعاف النفوس الذين يحتاجون الى تأهيل نفسي قبل الانخراط في المجتمع وممارسة أي عمل .
قدري هكذا..
هذه ارادة ربي..
وان صبور عليها..
محتسباً لله
فيا اخي انت مثلي..
لاتتكبر عليّ..
وتيقن ..
ان الله قريب منك
وما هو عنك ببعيد
ثم ينتقل الشاعر انتقالة تريح النفس وتبعث على الشعور بالطمأنينة ، الا وهي ٱلإيمان بقدر الله سبحانه وتعالى وارادته في خلقه ، فما علينا إلا ٱلإيمان والتسليم .
وختم الشاعر قصيدتة بالايمان المطلق بأسماء الله الحسنى وصفاته وانه قريب يراك ايها المتكبر المستهزء يا صاحب الضحكة الصفراء المسمومة، فاحذر بطشه الشديد واحذر عقاب النار فما هو عنك ببعيد .
قال تعالى(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا بره)(ومن يعمل مثقال ذرة شرا بره) وفي هذا نهي عن كل محرم أو مكروه ، ووعيد بالعقاب على كل محظور جليله وحقيره.
لقد اجاد الشاعر في اختيار هذا الموضوع الذي تناول فيه شريحة مهمة في المجتمع وسلط عليها الضوء ونبه إلى ضرورة الاهتمام بها ورعايتها ، وحذر من الإساءة لها أو الانتقاص من اي شخص يعاني من هذا الضرر الذي تعرض له كما وان الشاعر انتقى الحالات المختلفة واستنبطها من احكام الشريعة ومن فكر العلماء النير الذي يدعو إلى محاسن الأخلاق واحياء القيم النبيلة وترسيخها في المجتمع.
كما وركز الشاعر على الاستدلال في كل ما قالة بالرجوع إلى المبادئ والقيم الإنسانية ، ووضع عظمة الباري عز وجل نصب عينيه وخصوصا في خاتمة النص التي أبدع فيها بتعابيره التي تميل وتهفو اليها النفوس النقية الطاهرة.
في اعتقادي نجح الشاعر نجاح باهرا في كشف وتوضيح الكثير من الأمور التي يغفل عنها العديد من شرائح المجتمع وكان له من الشجاعة والثبات في قول كلمة الحق بدون اي تجاوز أو زلل يذكر وهذا ليس غريبا عن شاعر عربي يتمسك بالاصالة وروح الاباء في سبيل خدمة الامة والمجتمع والانسانية في كل مكان
علي محمد العبيدي
19/5/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق