قصة قصيرة علي البدر
- يقول الأستاذ..
- عفوا. ماذا يقول؟
- يقول.. يقول. ماذا كتب علي البدر عن بابا.
- للأسف لم أكتب أي شيء.
- وعليه تكون النتيجة واضحة. لقد تم رفضك يا أستاذ بصورة قاطعة.
- كتابك الذي قدمته لنا مع اضبارة متورمة لنسخ الجرائد التي كتبت قصصك فيها بعيدة عن واقعنا. وانك لم تكتب شيئا عن حربنا طيلة هذه السنين.
- تقصد مع إيران؟
- مع الفرس المجوس!! أما الرسام الذي رسم قصصك في الكتاب هو رسام جريدة الحزب الشيوعي.
- وما الضير في هذا؟ الرسام ناصر حسن خانه، رسام مقتدر ويحب الأدب وقد أعجبه أسلوب كتاباتي والأفكار التي تعالجها.
- وقصة الشاب الذي يوزع المنشورات، التي تدعو للثورة، في الأزقة وسوق الخضارة في البصرة تثبت أنك شيوعي.
- مستحيل. أنا مستقل. ولو كنت كما تزعم لأيدتك فورًا.
- آسف.
- والإضبارة؟
- حاولت إحضارها لحضرتك لكنني لم أجدها. أنصحك أن تنساها. أما "سليمان الحلبي يحيا من جديد"...
- ما به؟
- غريب أمرك أستاذ. هل أنت من كوكب آخر. لقد استغربنا كيف حصل على موافقة الوزارة. أنت محظوظ. تنتقد الجمعيات الفلاحية التي يقودها الحزب ويدعمها ويعتبرها مركز قوة وازدهار!
- وما حيلتي عندما يكون رئيس الجمعية من أحفاد الإقطاع أو "سركالًا" لديه ويستغل فقر الفلاح ليشتري محصوله على الأخضر؟
لحظات صمت مرّت. نهض من مكانه. مسك يدي بقوة. ملامح ألم وأسف رسمت على وجهه.
- لا تحزن ولا تندم على شيء. الجواهري نفسه قد طُرِدَ وسحبت العضوية منه، بل سُحِبَتْ الجنسية أيضًا وهو الآن خارج البلاد. الملايين تعرفه حتى الجنين الذي في بطن امه. لا تحزن. لا تحزن.. إحترس وانس ما قلت لك أرجوك..
وقد شعرت أن نظراتنا قد تداخلت بصورة لم أألفها. أشرت له بيدي مودعًا، وأيقنت أننا بخير رغم الإرهاب الفكري والجسدي. لابد أن يكون الأديب العراقي رمزًا للصمود والتضحية ونكران الذات.
أيام مرت حيث اختفت السيارة التي رابطت أمام داري لأسبوع، لكن ملامح من ساهم مجبرًا في إخفاء جزء من تأريخي الأدبي الإنساني ما زالت عالقة في مخيلتي. ليتني التقيه لأصافحه على الأقل وأقول نحن بخير. نحن بخير. لابد أن يتعافى ، ويكون بألف خير...
علي البدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق