قصة قصيرة علي البدر
بين فرح وحزن وجوع وشبع وحرب وسلام وتلك اللحظة التي رفع بها مدرسنا خارطة العراق وهي تقسمه الى ثلاث أقسام. شمال ووسط وجنوب. تقسيم أرعبنا وخارطة حروفها لم تغب عن فكري. أفكار باتت تهددني وأنا أغلق باب سيارتي في طريقي إلى الوزارة.
- تذكروا جيدا عندما تكبرون وتساهمون في قيادة شعب هو شعب العراق، انكم التقيتم بمدرس يحب العراق ويسري عشقه في شرايينه. تذكروا كيف حذركم وهو يرفع هذه الخارطة وعندها قد اكون تحت التراب.
- ما هذا يا استاذ؟ كتابة غريبة عليها بلغة لم نفهمها .
- نعم. إنها في ذاكرة من صممها. سنتقاتل فيما بيننا ويفرض علينا من يحكمنا ليدخلنا بحروب طاحنة ليحل اليأس في نفوسنا وقد تتحول انهارنا الى شوارع ونحفر الارض من اجل قطرة ماء أو نقايضه بما تبقى لنا من بركات والحكام نيام. يجوب شوارعنا الصغار ويفترش شبابنا الرصيف ونبحث عن الذي على تربة وطنه يغار.
تداعيات تعصفني بين ان واخر تنقلني لعالم مضطرب متصارع لكنني في كل الامور أحس بنشوة الانتصار وكانني خارج من امتحان قد يكون افتراضي او واقعي. هذا لايهم. الأهم هو ذلك الموقف المتمسك بحب االبيت الذي تربينا على تربته. أرض ثمارها من ذهب.
- سعيدٌ جداً لتطور العلاقات بيننا سيادة الوزير. لقد أصر الرئيس على أن تتفضلوا بزيارتنا . سنكون مسرورين لاستقبالكم في بلدنا.
- بالتأكيد ستكون لي زيارة في الأيام القادمة. لابد أن تستمر العلاقات المتوازنة بيننا لخدمة شعبينا.
- ومن أجل تطوير التبادل التجاري، قررنا استيراد ما يمكن استيراده من تراب العراق، لتحسين وتطوير محاصيلنا الزراعية خاصة تلك التي استوردنا بذورها منكم، وأيضا من أجل سرعة نمو فسائل النخيل العراقية مثل البرحي والمكتوم وغيرها...
- للأسف.
- عفواً لم نفهم.
- صفقة فاشلة هذه المرة. قل لمن أرسلك أن ترابَ العراقِ لايُباع. إنه خطٌ أحمر.
- خط أحمر! جواب لم اتوقعه.
- فعلاً لم تتوقعه، فقد توغل الدخلاء في بلادي وماتت بعض الضمائر.
- أراك تفرط بعلاقاتنا وتسيء الظن بنا. مجرد تراب وهو جزء من أرضكم الواسعة. أنا متأكد إنه سيحل مشاكلكم الإقتصادية بأسرع وقت، عند موافقتكم بالطبع.
- لن تحصل عليه. ترابٌ ممزوجٌ بدمٍ زادَ مِن قَدسيتِهِ.ِ وإن وجدتَ غازياً يُدنِّسه الآن، فاعلم أن تلك الأقدام سَتُقطَع. أيها المستشار. رَتِّبْ رجوعهم فَورًا.. قال ذلك وصدى غضبه كسر حجب الصمت. على تراب العراق لن نساوم. أرضنا ثمارها ذهب وشعبنا عزيمته لهب.
- ألم أقل لك أنه الرجل الخطأ في المكان الخطأ. لابد من معالجة الأَمر.
- بالتأكيد. يبدو أنه نسيَ تناثرَ أشلائِهم. سنجعلُ نفطَهم بِرخصِ الماء، لكنني أشكُّ أنهم سيركعون صاغرين.
- وأنا أيضاً .. سنرى من ينتصر. نحن أم ترابُهُم الممزوجِ بالدم. قال ذلك وهو يصعد سُلَّمَ الطائرةِ مُغادِراَ.
علي البدر/ العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق