_____________ / حسين السياب
حينَ تنفستُ جيدَها
تسرّبَ إلى قلبي ذاكَ العطرُ المجنونُ
وهي تمارسُ غوايتها على منصةِ أفكاري
وتجتاحُ شغفَ القصيدةِ
يا لهذا الصباح الذي يغويني لفتنةِ المواعيدِ..
لا الزمنُ ولا غبارُ السنينِ حَجَبا إشراقةَ وجهكِ
ما تزالُ صورتُكِ معلقةً في اللحظةِ التي قَبَّلتني فيها
وارتحلتْ إلى مدنِ الجليدِ..
أين ذاك الصخبُ؟
أين تلكَ الصباحاتُ البغداديةُ؟
أين أمواجُ النهرِ وتلك الرياحُ القادمةُ من الضفةِ الأخرى
وهي تلاعبُ شعركِ المجنون؟
لم يبقَ سوى صيحاتُ النوارسِ
التي تحلّقُ في صحراءَ روحي..
وهذا المطرُ الحزينُ يجعلني كطفلٍ يبكي
لم أرتّبْ الليلَ قداساً للفجيعة..
لن استسلمَ للمتاهاتِ التي ترسلُها الأقدار
تلك مزاميرُ العشّاقِ لا تعنيني..
سأنتظرَكِ في الطاولةِ الأخيرةِ
في المقهى الذي نرسمُ فيهِ القصائدَ
كلَّ مرةٍ تدركنا شمسُ بغدادَ اللاهبةُ..
نصدحُ بالصمتِ ونتبادلُ النظراتِ
قبلَ أن تسقطَ قلوبُنا على الورقةِ الصغيرةِ
التي نقتسمُ عليها الشعرَ والحبَّ والجنون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق