لأصطيادها حية داهشة في شباك المعنى
وأقفاص التأويل .. هذا التماهي مع الموروث
المحض يؤشر بؤر الخلق الشعري المتصاعد
لأثير المعنى رغم الاسهاب في نص لكنه
استوفى وحدانية الحفاظ على مجانيته
ووحدة البناء وشراء المتلقي دون مقدمات
دمت لنا شاعرنا الأشم بهذا التجلي البهي ..
تحياتي .."
هذه شهادة ذهبية أخرى تباغتنا من العراق العريق...
كتبتها انامل الشاعر المميز و المبحر في مياه النقد الأدبي العميق الأستاذ حميد العبادي تفاعلا مع نشري لقصيدتي الرحيل إلى بهاء المكان في وتريات قصيدة النثر الراقية.....الشكر الجزيل لهذا الأديب الذي فاجاني بهذا التحليل المفعم بالعمق و الثقافة النقدية الأدبية رغم ان كاتب هذه السطور لا تجمعه اي علاقة صداقة بالرجل البهي النبيل المنتصر للفكر المستنير و الإبداع.
الرحيل إلى بهاء المكان
البشير عبيد / تونس
لا تخف من ذاكرة البلاد الغارقة في نفق
الانكسار
بل كن قريباً من دفاتر الرعاة
و صياح الباعة المتجولين
و صراخ أطفال الشوارع...
كن بعيدا عن صمت الحياد
و إخضرار العشب قبل الغروب..
لست وحدك هنا
الكل يسال عن ورقات الرحيل
و إنفتاح المرء على فضاءات
الدهشة....
انت الآن هنا
وحيد مثل زقاق قديم
يبحث عن رفاق ضاعوا في الطريق.....
ربما كانوا فرادى أو جماعات
ذاهلين
و سابحين بابصارهم في الفيافي
ليس لهم في ورقات الزمان
ما تقوله الأمهات
وما تبطنه الروح
بالامس صباحا باغتني الولد الكسيح
بالسؤال:
لماذا كل هذا الهروب من صمت الحياد؟
و إرتباك الأصابع حين تلمس جمرات
النهوض...
ليس بامكانك ان تنام وحيداً
قرب الزقاق المتاخم للضباب
ها هنا نساء شاحبات
و أولاد يبحثون عن اسماءهم
في الخراب
كل صباح يباغتني بالعناق و زهرة اللوتس
على طاولة الذكريات
الآن تكتب الأيادي ورقات الاحتجاج
لا تخف من ذاكرة البلاد الغارقة في نفق
الإنكسار
كن قريبا من دفاتر الرعاة
و صياح أطفال الشوارع
كن بعيدا عن صمت الحياد
و باحثا عن غروب الزمان
ها هنا جدار الأجداد و متاهة
الأحفاد
كاني بهم يستعجلون الرحيل
و تاخذهم خطاهم إلى البيادر
بلا مدد أو سند
فجأة يصيح الفتى في الجموع:
خراب هذا أم بلد؟!
لست ادري..يجيب شيخ هارب من ضباب
المرحلة
ربما قطعة من عاصفة الجنوب...
ماسكا باحلامه قبل الغروب
تراه النساء الشاحبات
لا تهمه اخبار الفنادق
و ما تكتبه تقارير الحرس القديم...
هو العاشق دوما للفيافي و الروابي
هو الهارب من ضجيج العواصم
و إحتماء الثكالى بالصقيع
ليس في الأقاليم البعيدة ما تترقبه الروح
و ليس في المسافات القريبة عشاق
الغنيمة...!
هنا أولاد و أحفاد و موسيقى
هنا ذاكرة الأجداد و متاهة الأحفاد
على الطرف الآخر من المكان البهي
ورقات يتيمة
و أصوات خارج الأسوار
قبل غروب الشمس٫يصيح الفتى في الجموع:
لابد لي من حبر و جمر و نساء ذاهلات
لابد لي من ذاكرة عصية على النسيان
ترسخ آخر ما تبقى من الحصون....
ليس لي ما ادعي ما ليس لي
سوى ان الكلام المسافر إلى الأقاصي
هو دربي و بوصلة الهاربين من ضباب
المرحلة.....
البشير عبيد
شاعر و كاتب تونسي
جانفي/يناير 2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق