جموحُ الرغبة للاستاذ الشاعر كامل عبد الحسين الكعبي / بقلم سما سامي بغدادي
....................................
النص
جُموح الرغبة
.. ...........
إذا كنتَ تسألُ عنّي
فإنّي لستُ بخير ..
فقدْ ألقيتُ ظلِّي
علىٰ صخرٍ أصمّ
وتماديتُ في إطلاقِ أجنحتي
بهواءٍ محتبس
لا التبكيتُ يعصمني من عُقَدِ الملح
ولا التَمَرّد يخفّفُ هالة الدهشة
شرايينُ القفارِ تقطّعتْ عطشاً
وبيننا وبينَ المُلتقى
حريقٌ يضجّ بنبضٍ
تردّداته انعكاسيّة
تفيضُ جنوناً مرهفَ الحسِّ
يجسّ عفوَ الخاطرِ
بنسائمهِ القهريّة
ولا زلتُ أتحاشى هبوَ أخيلةٍ
تدخلني الدربَ ..
دونَ أنْ تفقدَ أقدامي خطوتين
ولا أحلامي غفوتين
لذا توقّفتُ برهةً ومضيتُ
ثمَّةَ غناءٌ شَفّ عن ومضٍ
تحدّرَ في فضاءٍ مفتوح
وقلبي قبرٌ يحنّ لمواراتِ السوءآتِ
والرغباتِ المتخمّرة
مرآتهُ لم تعدْ تهدي للشمسِ صفحتها
ووتينهُ مرتهنٌ بنشعِ حواسٍ
تكشفُ عن رمادِ الشرخِ
بينَ دمي وذاكرتي .
كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي
العِراقُ _ بَغْدادُ
يقدم لنا اليوم الاستاذ المبدع كامل عبد الحسين ، نص إبداعياً من لون خاص ، يعبر عن أزمة الانسان في العصر الحديث ، ومعضلة الذات التي تصطدم بالواقع المتحضر الذي يفصلها عن مسمياتها الاصيلة ، التي ترتبط بها مع مفردات الكون ، الانسان كائن خُلق كي يتحرر من أسر القولبة والاطر ، عبر الشاعر عن أزمة الذات عبر صورة شعرية معبرة عن عمق تلك الصدمات التي تعيشها في الواقع كصخر أصم يتشظى بعده كل ملامح الحياة فيها ، عبر عن شعور الذات وهي تحاول الافلات من اسر الواقع في اعماق أقبيتها التي تُحبس داخلها ، في واقع مليء بالقيود والمسميات وفي غرف تفصله عن واقع يلتهم كل معانيه الانسانية ، يحاول التحرر في ذلك الخيال ليجد ماتبقى من روحهِ الحبيسة وسط الشتات ، النص يحمل من الحزن الكثير ، وصورهِ الشعرية تتحدث بعمق شديد وتنفرد كل صورة عن غيرها كمشهد كامل في معرض هذهِ الحياة ، بين تمردٍ يحبس الدهشة ، وعطشِ بين القفار التي تحتل الروح فيشتد عطشها لمعاني الارتواء بالحب بالسلام بالعودة للفطرة الاولى التي هجرتها النفوس ، وبين الملتقى الذي عبرعنه الشاعر بلغة صوفيه رائعة في مقطع النص
وبيننا وبينَ المُلتقى
حريقٌ يضجّ بنبضٍ
تردّداته انعكاسيّة
تفيضُ جنوناً مرهفَ الحسِّ
يجسّ عفوَ الخاطرِ
بنسائمهِ القهريّة
ولا زلتُ أتحاشى هبوَ أخيلةٍ
تدخلني الدربَ ..
حيث الرغبة الحقيقة في العودة الى الاندماج في الوحدة الكونية والالهية في محبة خالصة كجنون، مرهف الحس ينبض داخل الروح التي تعيش إحتضارها وتتمنى ان تعود للحياة ،
ومن ثم يعبر الشاعر عن شعور مرهف وندي وقدسي يهمس له وسط تلك الازمات في الواقع ويعبر عنها بلغته التجريدية والسريالة التي تفصل الانوات ، عن الشعور وتعبر عن مسميات الذات ومشاعرها بشكل منفصل عن كل ماحولها يحمل العموميه وينقل النص من ذاتية الشعور الى ان يحتوي تلك الرؤية بشكل متكامل بعيد عن اي شيء اخر ليعود بتلك الرؤية الصوفيه في
مقطع النص الاخير
ثمَّةَ غناءٌ شَفّ عن ومضٍ
تحدّرَ في فضاءٍ مفتوح
وقلبي قبرٌ يحنّ لمواراتِ السوءآتِ
والرغباتِ المتخمّرة
مرآتهُ لم تعدْ تهدي للشمسِ صفحتها
ووتينهُ مرتهنٌ بنشعِ حواسٍ
تكشفُ عن رمادِ الشرخِ
بينَ دمي وذاكرتي .
لرسم معاني القدسية التي يتنفس فيها فضاء الكون تلك الترانيم العلوية التي تأتي من فضاء حر ترتبط فيه كل مفردات الكون ، تلك الرغبة في التطهر من درن الواقع في قبر يحن الى موارات السورآت ، تلك المرآة الصافية للذات المزكاة التي تعكس مرآة الشمس فتكون دليلا واضحاً لها في هذه الحياة ، وتلك البصيرة التي تكشف شروخ وندوب خلفها الذنب ، والصراع ، والمتاهة في ازمات الحياة ، لينهي النص في حروف بهية ندر ك معها ذلك النصل الطاهر الذي يرتبط بالفطرة الالهية ، وتلك الذاكرة التي يملأها الوجع في عالم مأزوم كل التقدير لشخصكم المبدع نص نثري مميز دام العطاء استاذنا الفاضل
سما سامي بغدادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق