قصة قصيرة علي البدر
إلي روائي الشعب شوقي كريم.. بَوحٌ منكَ وإليك..
رغبة شديدة تشدني إليها. ماشيًا مرة أو راكبًا بين أكتاف متراصة وأرجل متداخلة ولأكثر من نصف ساعة تنتظرني وتشدني إليها. فضاءٌ واسعٌ. أبوابٌ مشرعةٌ وابتسامةٌ تمنحني أمان عالم لا متناه..
لسنين وأنا أخط بقدمي مسرىً لا أعرف مداه وإلى أين سيأخذني. صدىً يرن في أعماقي يعاتبني مرة ويشد أزري أخرى. عجيب امرك ايها الشاب المتحمس وأنت تحمل حقيبة كتبك المتهرئة.. أتمارس عشقك وتنصاع لنداء بين سطور قد لا تعرف مداها؟ ألا ينبغي لك التأني والصبر ريثما يثقل جيبك بدراهم معدودات وتتقدم إليها وتقطف ما يحلو لك ويدخل عبيرها صدرك ليشبع شهوتك العارمة؟ ألم تقرأ يومًا ان الأهداف السامية ننالها بوسائل سامية؟ في مقتبل العمر أنت وغايتك تبرر وسيلتك! قطفتَ ما قد يحسدك الغير عليه، تدفعك رغبتك المجنونه وشراهتك التي فاقت المدى وبت تمتلك نفائسًا تعادل الكثير وهاجسك يدفعك وبجنون بأن تكون شيئًا نادرًا مميزًا يومًا ما... عجلة الزمن تدور وقد تدوس عليك يومًا ما وتورثك ندمًا لا تعرف مداه. هيا تقدم واعترف إن بقي هاجسُ الشجاعةِ في أعماقك.
لساعة وأكثر لا أعرف كيف مرت دقائقها. عينان تستفزاني ووجه رُسِمتْ عليه التجاعيدَ السنون ، وشعرٌ أبيضَ كالثلج وقامةٌ تجبرني على الإنحناء عندما أهم ماشيًا نحو لقاء أو ندوة راجعًا الى البيت متعبًا. يا ترى ماذا أقول له؟ وهل يكفي الإعتراف بين يديه؟ أجل. لابد أن أعترف وأسدد دينًا ضاعفتْه الأيامُ ولا أعرف مداه. ها هو الآن أمامي بكل جبروته وروعته وطيبته. إبتسامة ٌعريضةٌ أشعرتني
بالأمان ويدٌ مرتعشةٌ امتدت لتصافحني. نظر إليَّ بإمعان وقال:
- أنت! وأخيرًا جئتَ.
- لأعترف ..
- تعترف! وعن ذنب لم تقترفه! مازال الذي أمامك مباح اليك. خذ ما شئت.
- وهل تعلم بانني كنتُ.....
- وأوصيت الجميع أن يغضوا الطرف عنك. كل العناوين والأسماء كانت متاحة لك. لقد توقعت أن تكون شيئًا رائعًا نافعًا يومًا ما، وها أنك أمامي بنفس الوقار والبساطة..لقد غبتَ عنا، لكنك حاضرٌ بيننا. كل ما تكتبه يعيش بأعماقنا. إنك أمامي الآن وأنا سعيد لرؤيتك لكنني أشعر أنني أغادر قريبا..
تقدمتُ نحوه وطوقته بذراعي فشعرت أن قلبه يخفق في صدري ودمي يسري في شرايينه. لن تغادر وظلك منقوش في أعماقي ولدينا مثلك الكثير. لن تغادر. لن تغادر...
وبرفق مسك يدي وقادني إلى ذات الممرات وكأنه يذكرني بلحظات اضطراب وتردد ولهفة سرت في أعاقي ، دفعتني وبنفس سخونتها أن أكون معه الآن. وبيده الأخرى بدأ يذكرني بعناوين بات لورقها رائحة مميزه. خذ. هذا لك وهذا وهذا... طبعاتٌ جديدةٌ مميزهٌ لكنها ليست نادرة الآن. حملتها وبين المارة مشيت. سيارة أجرة حديثة توقفت. ساح خيالي نحو ذات الباص الخشبي، راكبًا بين أكتاف متراصة وأرجل متداخلة وابتسامة تمنحني الأمان.
علي البدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق