قراءة فنية موجزة في نص "قال .. فقلت " للشاعر المغربي "عبد العظيم التمسماني"
النص :
في زمن الوباء.
قال:
حدثني
و كنت مترعا بالأحزان
فقلت:
عمَّ ؟
قال:
عن حال هذي البلاد..
قلت ..و القهر يحاصر لساني :
عليلة
تنتابها بذاءات ضريرة
قال:
أو حل بها زمن التفجع ؟
قلت :
هو الآن ..في الدرب الينا
هو الآن.. طلقة في الرأس صامتة !
قال..متنهدا :
و ما حال العباد ؟؟
قلت:
أتلفهم الفزع
و أعيتهم السطوح..و النوافذ.
متوجعون..
يتوجون هامة الموت..
بأكاليل الصمت.
قال:
فما حال الرجال ..و البحر ؟
قلت :
كلاهما أغنية ..على وتر الجرح
ساريتا اغتراب..
رجال يتوجسون..و بحر ينتظر.
قال :
فحدثني عن النساء
قلت:
يتزين كل مساء
يقرأن سورة الفرج
في رعشة الحناء
يشعلن البخور..
عند أعمدة القبور.
و يترقبن بشارة من لغة خرساء.
قال:
فما بال الطيور الطليقة ؟
قلت:
الحمامة تستبق خوفها المباح
و الصقر يحرق الغابات..
و كل العصافير..خفق جناح.
قال :
فحدثني عن القمر..
قلت..محاصر
في زمن القهر..و في أقداح السمر
قال:
و ماذا عن الحب !؟؟
فقلت:
في الهجر..كلون الأرض.
بلا نكهة و لا لون..
و لا حيلة للعاشقين..عدا الصبر.
أطرق كئيبا ..ثم قال:
فحدثني عن حال الشعر بينكم .
قلت..
لم يبق لنا غير الشعر..
يتدفق بين ثنايا الجراح
كنبع ماء بارد..
يتسرب بين غيابات الليالي..
كعطر الورد..
و كعصافير طليقة ..
يتفتح عنها شوك الأرض.
يعبر الينا جسر حب..
في زمن الحصار.
يأتينا وهج كلمات..
فيضيء الحياة.
هو الشعر وحده يسعفنا
في كل اللحظات.
هو الشعر وحده يسعفنا
في كل اللحظات.
.............
القراءة :
يتجاوز النص في اسلوبه الحواري ، جنسه الشعري ، ليتقارب في بنيته الشكلية، مع شكلية القصة ، فهو يتكئ في عرض حدثه على مفهوم الاستفهام بركنيه :ـ المستفهِم / سائل ( قال)
ـ المستفهَم منه/ مجيب ( قلت ) .
بحجب هوية الاثنين ، ليفسح مجال التأويل واسعاً، كي يأخذ القارئ دوره في تقديرهما ، بقصدية خطابية تواصلية( اشراكه في انتاج المعنى النصي )، فالحوار قد يكون منولوج داخلي ( بين ذاتَي الشاعري ؛ الخارجية / الواقعية( الخاضعة لسطوة الرقيب السلطوي ) ، والداخلية / المنسحبة من الواقع ( الآمنة من تلك السطوة ) ، وقد يكون المتحاوران شاعر / آخر منقطع او بعيد عن الواقع ، وقد .. وقد ،
الحدث النصي يخوض في موضوعة ان يكون وجود الانسان في مجاله الزمكاني( ومقاربته الحياتيةهي:الوطن ) ، مفتقداً المعاني والقيمة الانسانية :
(( قال:
حدثني ..
وكنت مترعا بالأحزان
فقلت:
عمَّ ?
قال:
عن حال هذي البلاد..
قلت ..و القهر يحاصر لساني :
عليلة
تنتابها بذاءات ضريرة ..)) و (( قال:
أو حل بها زمن التفجع?
قلت :
هو الآن ..في الدرب الينا
هو الآن.. طلقة في الرأس صامت?!
قال..متنهدا :
و ما حال العباد??
قلت:
أتلفهم الفزع
و أعيتهم السطوح..و النوافذ.
متوجعون..
يتوجون هامة الموت..
بأكاليل الصمت.))
منفلتاً من مدارات الحياة النابضةالامان والمحبة :
(( قال:
فما بال الطيور الطليقة ?
قلت:
الحمامة تستبق خوفها المباح
و الصقر يحرق الغابات..
و كل العصافير..خفق جناح.
قال :
فحدثني عن القمر..
قلت..محاصر
في زمن القهر..و في أقداح السمر ))،و(( قال:
أو حل بها زمن التفجع?
قلت :
هو الآن ..في الدرب الينا
هو الآن.. طلقة في الرأس صامتة!
قال..متنهدا :
و ما حال العباد??
قلت:
أتلفهم الفزع
و أعيتهم السطوح..و النوافذ.
متوجعون..
يتوجون هامة الموت..
بأكاليل الصمت.))، و (( قال:
و ماذا عن الحب ??!
فقلت:
في الهجر..كلون الأرض.
بلا نكهة و لا لون..
و لا حيلة للعاشقين..عداالصبر))
تتقاذفه فيه مشاعر الغربة :
(( قال:
فما حال الرجال ..و البحر ?
قلت :
كلاهما أغنية ..على وتر الجرح
ساريتا اغتراب..
رجال يتوجسون..و بحر ينتظر.))
و ضياع الاحلام وافول الامال وفقدان احضان الالفة والسكينة :
(( قال :
فحدثني عن النساء
قلت:
يتزين كل مساء
يقرأن سورة الفرج
في رعشة الحناء
يشعلن البخور..
عند أعمدة القبور.
و يترقبن بشارة من لغة خرساء)).
فهذا الوجود هو اذاً وجود عدمي = وطن مصادر .
وهي دلالة تسكت عن معناها الحقيقي كما في هذه المقاربة :
وطن مصادَر = حاكم شمولي ، قاهر، وقامع لحرية الانسان/ المواطن ،ومغيِّب لمعناه الوجودي
والمعنى المسكوت عنه يكافئ دلالة العدم ، وهو شعور يفضي الى فقدان المرء سلامه الداخلي / توتر مقلق (اثر لمؤثر سلبي خارجي )، يحمل من يعتمل في اعماق ذاته الداخلية ، على البحث عمّا يعيد اليه اتزانه، فإلّم يجده في واقعه الملموس ، يستعيض عنه ب(المتخيَّل ) فيما وراء ذلك الواقع (( في زمن الوباء))، كملاذ مكزماني مقابل ، تنعتق فيه روحه من شراك سجانها ، وليس من ملاذ هنا اكثر مراحاً من فضاء القصيدة ، ومديات الشعر الممتدة الافاق:
(( أطرق كئيبا ..ثم قال:
فحدثني عن حال الشعر بينكم .
قلت..
لم يبق لنا غير الشعر..
يتدفق بين ثنايا الجراح
كنبع ماء بارد..
يتسرب بين غيابات الليالي..
كعطر الورد..
و كعصافير طليقة ..
يتفتح عنها شوك الأرض.
يعبر الينا جسر حب..
في زمن الحصار.
يأتينا وهج كلمات..
فيضيء الحياة
هو الشعر وحده يسعفنا
في كل اللحظات.
هو الشعر وحده يسعفنا
في كل اللحظات.))
ـ باسم العراقي ـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق