الشاعر السوري
د. إبراهيم الرفيع -
من مدينة الرقة-
- حاصل على إجازة في الشريعة، ودبلوم -وماجستير دراسات إسلامية، وماجستير تربية، ودكتوراه في أصول الفقه – ويعد أطروحة دكتوراه في التربية.
- كاتب وباحث له ما يزيد عن ثلاثين بحثاً مطبوعاً وقيد الطبع ومخطوطاً في مجال الدراسات العربية والإسلامية والتربوية.
- عمل في مجال تدريس اللغة العربية وعلوم الشريعة في سورية والكويتً، ومحرراً ومدققاً لغوياً لعدد من الدوريات وإصدارات مكتبة عالمي الممتع ودار الظاهرية، وشارك في إعداد مناهج السراج المنير في الكويت كمؤلف ورئيس للجنة العلمية، وعمل باحثاً في المركز العالمي للوسطية، وألقى العديد من المحاضرات وشارك في العديد من اللقاءات والندوات والمؤتمرات العلمية والأمسيات الشعرية، إضافة لمناقشة بعض الرسائل الجامعية أو الإشراف عليها. وأعمال أخرى لا مجال لذكرها.
- مدرب دولي معتمد حاصل على العديد من الشهادات الدولية في مجال التنمية البشرية
- مؤسس منتدى صفوة الأدباء، الذي أصدر عنه مجموعة من الإصدارات الأدبية وقدّم لها.
- وهو شاعر وناقد يكتب الشعر الفصيح والشعبي ومن أعماله في مجال اللغة والأدب .
- الفوائد النحوية بشرح متن الآجرومية و يعد أول كتاب صدر له في عام 1999.
- زاد الشاعر من العروض والضرائر.
- ديوان عزف بلا آثام.
- ديوان غربة الروح.
- طرائق تدريس اللغة العربية لذوي صعوبات التعلم.
- أبدع مانظم في الأخلاق والحكم ( تحقيق بالمشاركة)
كان لنا معه هذا الحوار القيم الماتع ...
1_ حدثنا عن الشاعر الإنسان وكيف كانت بدايته مع الشعر والأدب؟
لا يمكن في الغالب فصل الشاعر عن ذاته وحياته الشخصية، لذلك يعد الشعر أقرب شكل تعبيري للنفس، لأنه صورة عن حقيقة الشاعر كإنسان في معاناته وأحاسيسه ومشاعره وانفعالاته والحوادث المؤثرة في بيئته ومحيطه، وصورة عن حقيقته كشاعر يستوعب كل ما في ذلك الإنسان، و يتمثله، فيترجم ما بنفسه بأمانة وصدق وإخلاص للفن الشعري في استقلال وابتكار وفكر منسّق وخيال متوثب خلّاق .
الشاعر الإنسان لم يكن طريقه في هذه الحياة سهلاً مزيناً بالورود، وقد بذل ما يستطيع دون كلل أو ملل في سبيل تحقيق ما يطمح إليه مع المحافظة على قيمه ومبادئه.
ولولا البدر ما حزت الثريا
ونفسي للعلا باتت تطالبْ
تراني سيداً في كل ناد
وصدر البيت غير لا يصاحبْ
وذي الغيد الأصائل كم تمنت
وصالاً عنه تلقاني مجانبْ
وفيّ العهد لم أخفر ذماماً
كريم النفس أرعى من أصاحبْ
ولعل أقسى ما عاناه الشاعر الإنسان غربة الروح التي سبقت غربته بمعناها الحقيقي وتجاوزتها في قسوتها، لذلك جعلتُ من هذا العنوان علامة لمجموعتي الشعرية الفراتية ( غربة الروح) إذ لا مانع من تصور الغربة بدلالاتها على المحسوس والمعلوم، ثم الولوج في أعماق الفكر واستحضار اللامادي تلك الإرهاصات التي أثرت في وجدانيات الروح فجعلت منها كياناً منكسراً غريباً جزاؤه الجحود والنكران مهما اجتهد في الخير، لاوجود لمن يدرك ماهيته في عالمه الفكري، و لا يقدره حق قدره مهما تميز بالعلم والمعرفة .
ومع ذلك فالشاعر الإنسان فيّ لم ييأس وجعل من التفاؤل والطموح شعاراً ملازماً.
سأظل أكتب في الصباح تفاؤلي
لو كان صدري قد علته جبال
أما ما يخص البداية فليست خاصة بالشعر وحده، بل بحب اللغة العربية وفنونها والتعلق بها وكثرة المطالعة وحفظ النصوص النثرية والشعرية والبحث والكتابة و المدارسة ومحاورة الشعراء والهواة ولم تكن لي رغبة في أن أدون أو أحتفظ بما أكتب من شعر أو الظهور في مجال الشعر إلا في مرحلة متأخرة.
2_ داخل كل شاعر طفل ما، ينصت لسكتاته وحركاته هل طفلك الساكن في أعماقك مشاغب أم مدلل؟
هذه المقولة داخل كل رجل طفل أو داخل كل شاعر طفل لا تصح على وجه الحقيقة كما يدعي البعض فالطفولة مرحلة عمرية انقضت، لذلك يمكن أن يكون طفلاً في تصرفاته وأفعاله من باب التشبيه، ويحسن ذلك في مكان ووقت لا يمكن فيهما الإنكار عليه أو توجيه اللوم أو الانتقاص من شخصه. أما الطفل الساكن في أعماقي بالمعنى المجازي أو الإجرائي وليس الزمني هو الحافز والمحرك الذي يبعث الأمل في الحياة دائماً في النفس واستشراف المستقبل والطموح عن طريق الخيال والتأمل والانفعال، طفولة دائمة الحركة واللعب تتفاعل مع كل ما يحيط بي بعيداً عن استحضار الطفولة السالفة بحلوها ومرها ومحاولة تعويض ما فاتها ، فالطفل الشاعر يمكن أن تعتريه مجموعة من الأحوال ويمارس ماشاء من الفوضى والأفعال التي كانت عصية عليه في الطفولة الحقيقية فهو لايقف عند حال، مادام خياله خصباً فكل شيء عنده في المتناول، ويبدو ذلك جلياً لأهل الفن عند المرور على إنتاجه الشعري.
3_ هل القصيدة عصية كامرأة متكبرة؟
القصيدة ليست عصية على الشاعر الحقيقي، لأنها هي التي تأتيه ولا يسعى إليها.
4_ يقول الشاعر لويس أراغون " لولا الشعر لأصبنا جميعا بالسكتة القلبية"
أليس العالم بدون شعر خواء؟
في كلام لويس أرغون هذا مبالغة الغاية منها بيان مكانة الشعر وأثره في حياتنا، ولا أؤيد صدق الخبر وتقرير الاستفهام، فالحياة كانت قائمة قبل ظهور الشعر، وحتى لو لم يظهر لاستمرت ولتحايل الإنسان على اللغة لاستحداث فن آخر يجد فيه ضالته ومتعته، كما نجح في انتاج مجموعة من الأشكال الأدبية والفنية. ولا نختلف معه في تميز الشعر وعلو المقام الذي وصل إليه على مر عصوره.
5_ القصيدة رسالة مفتوحة للعالم ماذا كانت رسالتك من خلال قصائدك؟
التزام القيم النبيلة والسلوك القويم واحترام ذائقة المتلقي والتعبير المشاعر والأفكار والرؤى و والمعاناة الذاتية ومعاناة وآلام الأمة والبيئة التي أنتمي إليها.
6_ يقول مالارميه " القصيدة سر "
هل لقصائدك أسرارها الخاصة
بالتأكيد لقصائدي أسرارها الخاصة، والأمر ذاته عند كل شاعر، والقارئ النابه هو الذي يدرك وجود هذه الأسرار، ويتتبعها، و لا يعني أن السر خاص دائماً بحدث يخصني مباشرة إنما السر قد يكون في الدافع لكتابتها.
7_ تتغذى القصيدة من الأمكنة هل بمقدور الشاعر ترويض المكان باللغة وإبداع قصيدة بأي مكان؟
الشاعر المثقف المتمكن من
المتمكن من أدواته وأساليبه وفنه لايحتاج لترويض المكان، فأينما يحل فهو قادر على الإبداع بما يتناسب مع البيئة المكانية.
8_ هل القصيدة قلعة الشاعر الدائمة التي يحتمي فيها وبها من عواصف الحزن والاغتراب والشجن أم نافذة يطل منها على أشيائه السرية والعاطفية؟
الشاعر ليس هارباً أو طريداً كي يجعل من القصيدة قلعة أو حصناً يتحصن به الشاعر، بل القصيدة رسول الشاعر الذي يعبر عن أفكاره ومشاعره ويسهم في تقديمه للقراء ونافذة يطل من خلالها عليهم بملامح أسراره.
9_ هل القصيدة تحكي أسرارنا؟
يمكن للقصيدة أن تحكي أسرار الشاعر أو تجربته، وليس بالضرورة أن تعبر دائماً عما يعانيه بنفسه، فهذا يضيق الأمر على الشاعر، ويجعله ينهل من مورد واحد قابل للنفاد كما يصبح بعيداً عن مواقف وأحداث يمكن أن يشاركها بخياله، ويخرجها بمهارته، ويجعل القارئ يستشف منها بعضاً من أسرار نفسه ومشاعره وانفعالاته. فالشاعر الموهوب يستعين بخياله وتأمله وملاحظته في تأليفه الشعري وخلق الجو الشعري الذي ينقل عبره أحاسيسه إلى أي موضوع.
قصة الأوهام
رُفِعَ الكتابُ وجفَّ بالأقلامِ
حِبْر وعادَ الشوقُ بالأسقامِ
تهدي ورودكَ في دروبي راضياً
و الشوكَ تُرْسِلُهُ بكلِّ خصامِ
ما الحبُّ إلا نبضُ قلبٍ خافقٍ
بالشوقِ و الذكرى مدى الأيامِ
يا ساكناً بينَ الضلوعِ تهزُّها
و الروحُ منكَ تظلُّ في أوهامِ
إنّي دفنْتُ الحُبَّ فيها حُرْقَةً
فَمَشى عليهِ اليأسُ هدَّ عِظامي
َأرْنو إلى الطّيفِ الأَخيرِ بِصَبْوَتي
وأَعاتِبُ الأحْلامَ في أحلامي
آوي إلى بيتِ القَريضِ يظلني
أروي حكايةَ حسرتي و هيامي
في قلبِيَ المكلومِ نَبْضٌ مثْقَلٌ
ما ملَّ مِنْ عَزفٍ بلا آثامِ
ما زالَ حبُّك يعتلي قممَ الأسى
ما ضرَّ لو أَلِفَ الأسى أيامي
وكأنَّ حبَّكَ مسني من جِنَّةٍ
فَثَملْتُ ليلاً دونَ كأسِ مدامِ
في القلبِ آهاتٌ ممزّقةٌ بها
بَوْحٌ يخاصمني لِجورِ صِيامي
ما كانَ أوْلى أنْ أَقصَّ حكايتي
يا قِصَّةَ الأوهامِ يا آلامي
لِلدّمعِ باتَتْ أعْيُني كمساكبٍ
تروي حنيناً فيهِ سِرُّ حِمامي
شِعْري بُكاءُ الروحِ في عينِ الهوى
وبهِ الحصادُ لِمَوْسِم الأقلامِ
10_ هل تفوقت القصيدة النثرية بسهولة ترجمتها إلى لغات عن القصيدة العمودية؟
- لم تتفوق القصيدة النثرية إن جازت التسمية رغم تعدد ترجماتها، لأنها لم تستو على سوقها، فهي مازالت في طور إثبات الذات، والسعي وراء الحصول على الجنسية الشعرية.
11_ قراءة الإبداع بمختلف أجناسه على الشبكة العنكبوتية؟ هل عوضت عن حميمية ودفء ومتعة الكتاب الورقي.
الكتاب الورقي أكثر أماناً لحفظ المعلومات، والأبحاث والدراسات وغيرها. وقد نشأت عليه وأمضيت زمناً طويلاً أبحر بين سطوره، وأستنشق هواءً ممزوجاً برائحة أوراقه أثناء القراءة والبحث والنظر فيه، ولا يمكن للشبكة العنكبوتية أو ملفات الكتب المحملة على مختلف الوسائل الإلكترونية أن تمنحني مثل هذا الشعور، أو تغني نهائياً عنه، مع اعترافي بالخدمات الجليلة التي تقدمها للقراء والباحثين في المجالات كافة، وحرصي عليها، لأنها من الوسائل الضرورية.
12_ عملية اختيار عناوين الدواوين والقصائد صعبة ..
كيف تختار عناوين قصائدك؟
العنوان سمة أي كتاب أو نص وتتفاوت العناوين في معانيها وقدراتها التوصيلية والدلالية وارتباطها بالمضمون، لذلك فالعنوان من أهم العتبات النصية الموازية للعمل الذي تعنونه، وهو وحدة اتصال ومفتاح دلالي مهم، ويشكل أيضاً فكرة مختزلة تسمح بخلق تصور عام عن أفكار منسجمة ضمن إطار شامل من الرؤية المعرفية والجمالية فهو نص منجز بذاته.
وتتنوع صياغة العناوين من المفرد إلى الجملة الفعلية والإسمية المركبة أو الصيغة الاستفهامية أو المركب الإضافي وغيرها ويعود اختيار العناوين للشاعر وفق ما يراه مناسباً وحسب وفرة المادة فقد يعبر العنوان عن موضوع مشترك في الديوان بين القصائد جميعاً إن استقل بقصائد دينية أو وطنية أو غزلية
وقد يختار الشاعر عنوان قصيدة كعنوان للديوان وأنا أفضل أن يكون عنوان أي ديوان أو قصيدة معبراً عن فكرة جامعة لمضمونه.
13_ حدثنا عن قصيدة أو فكرة عذبتك كثيرا قبل ولادتها الأخيرة وكيف كان صداها؟
لست من الذين يجلسون، ويخططون مسبقاً لكتابة قصيدة، لذلك لا يريحني طلب البعض كتابة قصيدة عن موضوع معين أو لشخص ما أو لمناسبة، وهذا لا يعني أنني لم اكتب لبعض المناسبات أو الأشخاص، ولا يمكن إلغاء شعر المناسبات فليست كل مناسبة منفصلة عن أعماق نفس الشاعر ووجدانه، ولكن مثل هذه الكتابة انتظر أن يأتي خاطرها وإلهامها وليس السعي وراءها لصناعتها. هذا بما يخص القصائد أو الأفكار الخاصة بها أما في غير هذا المجال فهناك أعمال عدة وخصوصاً ما يتعلق بفنون الأدب الأخرى أو البحث العلمي شكلت هاجساً واحتاجت إلى مزيد من التفكير والبحث لاعتمادها، و واجهتني كثير من الصعوبات في إنجازها وقد خرجت بالنهاية بالصورة المطلوبة وحققت الهدف المرجو منها، وهناك أعمال قيد الإنجاز.
الليل ....
جنَّ ليلي وصحابي مُقَلُ
هطلت وجداً رماه الأملُ
أنت ياليل إذا القلب شدا
طيفك الصاحي سميرٌ مقبلُ
يوم كنا مثل جفنين تُرى
كم بلثم الهُدْبِ كنا نثملُ
من فرات الخير عذبٌ ماؤنا
والثريا حارس لايأفلُ
أنتِ سري في ثنايا كتبي
ياليالي حِفْظُهُ هل يثْقلُ
ياليالي كيف يفنى شوقنا
هل غدا الإحساسُ لايُحْتَمَلُ
فلِمَنْ أكتبُ شعراً حالماً
في ليالٍ نجمها مُنْتَحَلُ
ورياض القلب مني أقفرت
وعيوني صدّ عنها زُحَلُ
كفّ ياليل هموماً صيَّرتْ
ٱحرفي كلمى، متى تندملُ؟
فيك ياليل جراحي نزفت
وسوادي شَيّعَتْهُ المُقَلُ
في قريض الشعر أقضي خلوتي
وطيوف الغيدِ عني ترحلُ
قلتُ مهلاً إنني صنو الصبا
هذا شيبي صرخةٌ تشتعلُ
فانبرت حسناء من جمع سرى
ليلك اليوم نهار مهملُ
ياإله الكون فاغفر زلتي
وارضَ عني فذنوبي هُطّلُ
إن مثلي ليلُهُ في خلوةٍ
من علوم الشرع عقلي ينهلُ
بين آيات الهدى يرجو بها
فيضَ ذكرٍ بدره مكتملُ
14_ يرى بعض النقاد ان الشاعر إذا أضاف إلى شاعريته وأدبه روح الفلسفة وحكمتها يكون أقرب إلى تصوير خلجات النفس البشرية والتعبير عن أحاسيسها بدقة
ما رأيك بذلك؟
هذا الكلام لايصلح أن يكون حجة لكل شاعر، وأنه بمجرد إضافته لروح الفلسفة وحكمتها يكون أقرب إلى تصوير خلجات النفس البشرية والتعبير عن أحاسيسها، فيأتيك من يقحم في شعره، أو أدبه أفكاراً أو ألفاظاً أو مصطلحات فلسفية في غير محلها ولا يحسن توظيفها في خدمة الموضوع أو الفكرة فيظهر التنافر والتكلف.
ويصدق هذا الكلام إذا صدر ذلك من شاعر متمكن كما ورد في مرثية المعري التي بدأها بقوله: غير مجد في ملتي واعتقادي...... نوح باك ولاترنم شاد
فهذا الارتداد إلى أعماق النفس وانفعالها بالحدث المناسبة ولّد هذه الفلسفة التي بثها الشاعر في محاولة منه لكشف أسرار الحياة، فجعلنا نذكر هذا أكثر من ذكرنا للمناسبة.
15_ هل تخدم المهرجانات الشعرية الأدب ام أنها مجرد لقاء بين الأحبة والأصدقاء من جغرافيات متعددة؟
أي نشاط أو فعالية أدبية لابد أن تحقق فائدة للأدب، وتتفاوت نسبة الفائدة بالنظر إلى الغايات والأهداف من هذه المهرجانات وبرامجها و آليات إقامتها، والمدعوين إليها، وبشكل عام فإن ما يوجه إلى المهرجات والقائمين عليها من اتهامات مختلفة أكثر مما يشير إلى الرضا بإقامتها ، ومع ذلك لا يمكن نفي خدمتها للأدب.
16- هل تفيد العزلة لولادة الإبداع؟
يختلف النظر للجوء إلى العزلة من شاعر إلى آخر فالبعض يرى فيه عاملاً من عوامل ولادة الإبداع والبعض يرى خلاف ذلك، وبرأيي أن الإبداع لايقترن بالعزلة فالمبدع مبدع في كل مكان إذا تمكن من وسائله وأدواته، وتحرر من قيوده، أو تمرد عليها في سبيل توليد الإبداع بالمعنى الحقيقي وليس وهم الإبداع.
17_ النقد يهدف لإضاءة العمل الإبداعي .. ما رأيك بالنقد ؟
النقد ليس أمراً جديداً فهو شائع منذ القدم في الأدب العربي والعالمي و الغاية منه تحليل الأعمال الأدبية وتفسيرها وتقييمها، وأنا لست ضد النقد الذي يؤدي وظيفته وفق منهجية صحيحة ومعايير محددة ورؤية صائبة من مختص غير دخيل على الأدب والنقد ، أنا مع النقد الذي يبني ويؤسس ويسهم في إثراء الساحة الأدبية وتلمس مواطن الخلل لإصلاحها وإبراز الجماليات لامتثالها والارتقاء بها .
ولست مع النقد بمعنى الهدم والتجريح والشخصنة كما يذهب بهذا الاتجاه كثيرون اليوم ممن يدعون الانتساب لهذا المجال، ولست مع فوضى النظريات النقدية التي يتشدق بها من يسمون أنفسهم مثقفين زوراً .
قيل لابن المقفع: " لمَ لاتقول الشعر مع علمك به؟"، فقال: " أنا كالمِسَنّ أشحذ ولا أقطع". فالناقد تكتمل ملكة النقد عنده إذا كان صاحب إنتاج أدبي، أما إذا كان صاحب إنتاج أدبي وذا ذوق مطبوع مثقف كان أصح بصراً، وأقوم حكماً، وأصدق نظراً.
- ما رأيك بالألقاب التي يطلقها البعض على شاعر ما؟
لا أحبذ الألقاب العامة التي تطلق على بعض الشعراء كأمير وشيخ وغير ذلك، وأرى جلها من باب التحيز، أو الإطراء أو النفاق، أو المودة، تلقى جزافاً بلا معايير أو ضوابط ومرجعية حقيقية متفق عليها، ولا مانع من الألقاب الخاصة عند التميز أو التفرد بصفة أو عمل، أو موقف ما.
18_ كيف تفسر التجاور والتحاور الغريب الذي تمنحه مشاعر الحب للقصيدة والمخزون الشعري؟
التجاور والتحاور يختلف باختلاف الشعراء ومدى تمكن الشاعر من إجراء هذا التجاور بين مشاعر الحب المختلفة المعنوية والمادية والعذرية وغير العذرية في إطار تحاور غير مخل يخدم النص، ويسهم في إثراء مخزونه الشعري، ويضفي عليه سمة جمالية ومتعة نفسية تلامس ذائقة المتلقي، أما إذا لم يكن الشاعر متمكناً من إجراء هذا التحاور والتجاور فلن ترى سوى حشو لمفردات متنافرة لا فائدة ترجى منها كما يحصل عند من لا يتقن هذا الأسلوب عند التجاور والتحاور بين الشعر العمودي والأشكال الشعرية الأخرى أو بين الفنون الأدبية أو غيرها من الفنون والعلوم فتجد نفسك أمام مجرد شكل هجين.
19_القصيدة رسالة مفتوحة للعالم ، كيف كانت رسائل قصائدك للقارىء
سؤال مكرر سبقت الإجابة عليه.
20_ هل طباعة الدواوين تؤثر على تقييم الشاعر والكاتب؟
ليس لطباعة الدواوين أثر على تقييم الشاعر والكاتب إلا عند قلة من السطحيين الذين يذهبون في هذا الاتجاه، لأن المادة التي يقيم من خلالها الكاتب أو الشاعر إنتاجه الأدبي بغض النظر عن طباعته، فالطباعة ماهي إلا أداة من أدوات التوثيق والنشر للأعمال يستحب للكاتب أو الشاعر استخدامها إذا سمحت له الظروف، ولا ينبغي أن نعلل بأن الشعراء القدماء لم يطبعوا دواوينهم ، فنحن نعيش في عصر غير عصرهم، حيث تعددت وسائل الطباعة والنشر في عصرنا.
21_كلمة تحب توجيهها للقراء؟
احرصوا على قراءة ما ينفعكم في حياتكم العملية والعلمية وينمي عقولكم ويثري معارفكم قراءة واعية قائمة على التفكر والتأمل والتدبر والفهم الملاحظة وبعيداً عن التعصب، ولاتحكموا على كاتب أو شاعر أو عالم، إلا بعد أن تقرؤوا له، وليس تأثراً بمايقال عنه، فربما يكون القائل متحاملاً عليه لايراه إلا بعين الذم، أو محباً متعاطفاً لايراه إلا بعين المدح.
شكرا لحضوركم ومتابعتكم أحبتي ..
دمتم بود .
ليلاس زرزور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق