أحمد بو قرّاعة : تونس
كُنْتُ مِثْلَكْ
رُبّمَا أَنْكَرْتُ مَا عَرَّاهُ نَبْشٌ أَوْ سُيُول
غَيْرَ أَنَّ فِيَّ شَيْئًا مِنْهُ نَادَانِي يَقُول:
كُنْتُ مِثْلَكْ
كَانَ وَجْهِي مِثْلُ وجْهِكْ
يَعْبِقُ زَهْرًا ،وَ طَوْرًا يُسْتَفَاضُ مِنْهُ دَمْعُكْ
كُنْتُ أَسْقِيهِ بِعِطْرٍ ،خَيْرَ مَشْمُومٍ يَرُدُّكْ
أَكْسِرُ لَحْظِي تَيَاهًا مَا يَطِيرُ منْهُ عَقْلُكْ
كُنْتُ مِثْلَكْ
كُنْتُ مَكْسُوًّا بِلَحْمٍ أَيْنَ مِنْهُ رَقْعُ جِلْدَكْ
فِيهِ إِضْرَامُ لَهِيبٍ لَيْسَ فِيهِ مِنْ عُرُوقِكْ
أَرْكُضُ مِنْ سُخْنِ عِرْقِي نَحْوَ أَخْطَارٍ تَكُدُّكْ
لَسْتُ أَنْصَاعُ لِأَمْرٍ لَوْ رَأْيتَ ضَمَّكَ الخَوْفَ وَ هَدَّكْ
كُنْتُ مِثْلَكْ
لَا أُبالِي باللَّيَالِي
هَلْ نُجُومٌ نوَّرَتْهَا أَمْ عَمَاءٌ و أُفُولْ
أَوْ بِيَوْمٍ كَانَ شَمْسًا حَرَّقَتْ وَجْهَ النَّهَار
اَوْ غُيُومًا تَحْتَهَا أَرْيَاحُ صُفْرٌ مُثْقَلاتٌ بِالغُبَار
أَوْ سَحَابًا دَمْدَمَ الرَّعْدُ و أَنْبَى بِالهُطُول
كُنْتُ مِثْلَكْ
أجْمَعُ الأَشْيَاءَ كَرْهًا واغْتِصَابَا
تَأْكُلُ عَيْنِي السَّمَاءَ و الأَرَاضِينَ انْتِهَابَا
تَأْكُلُ عَيْنِي ، و جَوْفِي جَائِعٌ يَبْكِي ارْتِيَابَا
كُنْتُ مِثْلَكْ
كُنْتُ أَمْشِي نَاسِيًا أَنِّْي أَزُول
كَمْ مَشَيْتُ خَلْفَ نَعْش بَاهِتَ العَيْنِ حَزِين
ثُمَّ عُدْتُ ضَاحِكًا طَلْقَ الجَبينْ
مِثْلُكَ الآنَ أَمَامِي قَدْ تُبَاكِيكَ الشُّجُون
ثُمَّ تَمْشِي ناسِيًا ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ تَكُون
مِثْلَمَا أَنْتَ تَرَانِي بَيْنَ صَخْرٍ وَ طُيُونْ
شَقْفَ عَظْمٍ جَرَّفَتْ قَبْرًا سُيُول
أَنْتَ مِثْلِي
كُنْتَ زَهْرًا ، كَيْفَ تَنْسَى أَنَّ للزَّهْرِ ذُبُولْ
الرّياض : سوسة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق