{ العربية وروح العصر }
لايتناسب الجمود والحركة ، ولا "الاصولية" والتطور ، فالاولى تتطلب التسليم بالماقبليات المعرفية كثوابت راسخ لاتتغير ( عابرة للزمن ) ، اما الثانية فتتطلب التحرر والانعتاق من كل قيد او كابح يمنع سيرورتها في سبل التجدد بما يواكب ويتناسب مع تجدد اشكال الحياة وهو امر تفرضه صيرورة الحضارة الانسانية وتطورها المستمر.
فلاتطوير من غير تنوير ، ولاتجدد دون تجرد العقل من قيود الممنوع ، وهنا تأتي جدلية ( الثابت / المتحول ) لتحكم مفهوم التطور وتحدد حقيقته كفعل مغيّرٍ للاشياء نحو التماهي مع الواقع الآني المنفتح على المستقبل .
واللغة من اختراع العقل البشري ، كوسيلة تعبيرية تواصلية مع الاخر وفق آلية :
مخاطِب ـــــ خطَاب ـــــ مخاطَب / في سياق دلالي زمكاني
لتسهيل نقل الافكار والمشاعر بينهما (بتبادلية ادوارهما ) ، فاللغة اوجدها الانسان لتخدم غاياته الحياتية الجمعية ( فلاحاجة لها دون وجود مجتمع ) ، لا ان يخدمها ويسهر على الحفاظ على اصولها من ان يمسها اي تغيير او تهذيب تتطلبهما مواكبة روح العصر، فمازالت الغالبية من المعنيين بالشأن اللغوي العربي من باحثين واكاديميين واصحاب الاطاريح الجامعية ... الخ، يبذلون غاية جهدهم للحفاظ على "تراثية" اللغة ، ويوقفون جلَّ اهتمامهم على ابقائها في حصنها الاصولي الحصين ،ويرفعونها حد التقديس ، فيرمون من ينبري لتحديثها بالزندقة والهرطقة ، ليس له غير المحرقة ، جزاء كفرانه الاثيم !!
اوليست اللغة مادة التفكير ، وآلية الاشتغال العقلي ؟ ، اليست العلاقة بينهما ترابطية متكاملة ، فاذا مانمى احدهما نمى الثاني ، والعكس بالعكس ؟ فلماذا حين ينمو العقل بفعل تغير الواقع المعاش ( ولهذا اكثر من سبب يفرضه التقدم الحضاري الانساني) ،تثور حفيظة اولئك المتعبدون في "معبدها" العتيق البناء، ويصرون على بقاء العقل دائراً في فلكها بلا انفكاك ؟ محظوراً عليه الانعتاق من صورها الذهنية( في زمن تراسل الحواس ) ومرجعيتها المعجمية( وقت تعددية مدلولات الدال) وضوابطها الاملائية ( لاادري مثلاً لماذا الحفاظ على واو"عمرو" والف "مائة" رغم انهما لايلفظان ؟ ونحذف الف "هذا ، هذه ألخ" مع انه يلفظ )، وغير هذا من الاصوليات اللغوية .
لقد غدت العربية لغةالعديد العديد من ابناء الشعوب من غير امة الضاد فهل اوسعنا في لغتنا مساحة للسان هؤلاء ؟ بله لسان اقوام تضمها امتنا بين ظهرانيها غير عربية الاعراق كالكرد والامازيغ وغيرهما؟ ام اننا امة نلجأ لدكتاتورية "التعريب" على غرار "التتريك" و"الفرنسة" مع هذه الاعراق؟، لااريد هنا سوى ان اؤكد ان لسان الامة اكبر من لغتها الرسمية ، واهمال التوازن بينهما جعل من اللغة العربية لغة نخبوية لايتم تداولها الا في صفوف الدراسة وقاعات المؤتمرات، اما في فضاءات الحياة العامة فتسود "اللهجات" المحلية حتى انها اقتحمت جدران مااسلفت ذكرهما من اماكن ، بهذه الدرجة او تلك .
لكي نكرم لغتنا علينا الاهتمام بتحديثها ، فإن تقاعسنا اليوم ، فستضعف غدا ( وقد سلف )،كرباط هوياتي يوحد ابناء العُرب ، فالزمن لايعرف الانغلاق ، ولايأبه ب"تقديس" ما يخترعه البشر.
بنناسبة باسم العراقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق