جاسم العبيدي
تصرخ بي وهي تولول خوفا
ويلك آمن ياولدي
ويلك لا تذبح روحي
شاخت يدي الآن
جسدي يتضوربين يديك
وآنفرجت أسنان السكين
تقص الشعرالأخضر
أمسكتُ بمشط خشبي كان لأمي
وهي تمشط شعر الحسناوات
تنزع أوراق شجيرات الحناء وتحفظها
صبغا للشعر الأسود
حين يطل الشيب على مفرقها
لتظل على ذات جمال
•
الآن تجدد عمري
وبلغت بما زاد على الستين
وتعلمت بأن أنزع كل الأوراق من الأشجار
تربكني الأغصان ..
الأشواك
أتامل خصر نحيلات الحسناوات
أتامل أمي حين تتمتم بآسم الله على رأسي
وتردد ماكانت تسمعه من كتب الأذكار
وفي الدرس الأول من نطق الباء
لا تقتل شيخا ياولدي
لاتقطع شجرة
وأنا أتساءل محزونا
آه يا أمي
- لم تقتلني الآن جذوع الأشجار ؟
لمَ أُقتلُ مخضوبا بدمي
وتخضب رأسي دون عناء
لم تنصب لي فخا حين أحاورها
ولماذا تنفض جلباب أبي في جسدي
وجعا مازال يقاتلني
الآ ن كبرت وما زال الفأس يراودني
كي أقطع أعناق الأشجار
وأنا أصرخ يا أمي
أولا تدرين بأن الأشجار تموت عناءا واقفة
كي نلبس نحن وريقات الأشجار
•
آخر جذع من شجر الأرض
كان أبي يحرسه
لينام بظل الجذع الأكبر منه
أتوقف بين الشجر اليابس مهموما
منزوع الرأس
الأشجار بلا أوراق
ها هي تعبر ذاكرتي
أ؟ غصان تتمايل فوق الانهار
كانت تنعشني حين تباغتني أمي
لتشد حبال الليف على جنبيها
كي تصنع للأطفال (مراجيحا )
كان الزمن الأول ينعشنا بحكايات براءتنا
آه من شجر بات الآن بلا أغصان
وحين تطل الظلمة ليلا
أفتح باب الدار
لا شيء يرد الضحكة للأطفال
أوراق يابسة
أغصان ماتت فيها الروح لتشعلها النيران
أبكي من وجع لكن بكاء الأطفال
لا ينبت شجرة
أو يرجع حلم الأغصان
•
إحتست التربة دمع الأشجار
وما بين ذراعي وذراع الأشجار
حرارة جسد
ما بين القلب الساكن فيَ
وفي قلب الأ شجار
وجع يتناوب
إيه ياامراة أرغمت الريح
على أن تنحت من تربتها
جسدا
لتظل الأشجار لها واقفة
تنحت قامتها برشاقة خصر وجمال قوام
لكن الريح هنا عاتية تحلق كل رؤوس الأشجار
واقفة تبقى تهتز كما تبغي
ووصية أمي تتبعني
ياولدي لا تقطع شجرة
الجنية ياولدي تسكن مابين التربة والجذر
تتعمق في رأسي الأوهام
قد تأتيك مساءا
أشعر أن يديها تمسك أقدامي
لكني مثل القرد أفر سريعا فوق الأغصان
أتقافز
تمنحني الأشجار العمر الآخر
ياالله
هل أن الأشجار تشيخ ....؟
هل تملك قلبا مثلي
يتألم من أول حب
ياأمي كيف أداري وجعي
الفأس تصارع كفي
هل لي أن أ غفو تحت ظلال الفاس
أم أن الظل يتابعني في كل مكان
الليلة يسحبني الظل
يطاول قامة تلك الشجرة
وأنا مثل القرد سريعا أستمتع بصعود الأشجار
لكن حديقتنا باغتها الفأس
تكسرت الأغصان
لكني لا أذكر أن الأشجار تموت بكاءا واقفة
مازال حداء الشط ينادمها بحفيف الماء
وأبي في عالمه الأخر مازال يحب الأشجار
ينعشها بدموع العينين
لكني لم أشهد يوما رغم الحب
أن أبي كان يمجد يوما عيد الشجرة فيقيم لها حفلا في العام
•
آه يا أبناء الأرض
ها قد قطَّعت الحرب رؤوس الأحياء ...
الأشجار
وما زالت تقطف من يزرعها
هامت كل طيور الحب محلقة بسماء أخرى
حملت أعشاش العشق
وطارت من دون قرار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق