بقلم الكاتب والباحث علي محمد العبيدي
..............................................................................
من يعيش لوحده
يتمسك بنجمة ..
جميل أن يكون بريقها
يملأ عيني بالضوء والسَنَا
وحيدٌ أنـا ...
أيتها المترفة الحُسنِ
حولك نجوم كِثار
إن هَبطتِ
لا تأتين وحدك
دسي في جيبك وفيرا من المطر ...
أحب العشق في يوم ممطر بقلب صادق يبلله الفرح ...
وانا اكتب حتى النهاية
أني أحبك ...
تعالي وابذلي عطرك
لكن لا تأتين بدون اشواقك
أيتها النائية في قناديل السماء
أني جمعت لك من حقل الحناء
ما يكفي لأخضب جدائل النهار
ولضفائرك المسدولة ... شعاع ..
نرجسية باقة النسرين قطفتها
من اقصى وادي الورد
مزهوة حين تضميها لصدرك العابق بالعطر وأريج النارنج ...
مهووس بالقلق المترف بثغرك
ممسوس لبريق عينيك النرجسيتين
تبات نشوانة على أحداقي ...
اتدفق فيهما .. وأنسل على جبينك
لأترك قبلة دافئة في ليل موحش الغربة .......
أني شديد الحزن مثل غابة صنوبر جرداء .. مثل سنجاب في في كوة عالية أُطالِع بريقك فتومضين في روحي رفرفات شراع ...
ايتها الغضة المُحبة للفجر وللطلوع
فَفي مكان ما ينتحب الأسى وبأعماق جوفي رعشات أنين
للغادة الجنوبية البعيدة ..
حَمَلَتها الريح انفاسك .. شَهْقْتها في فَجرٍ وردي بكآبة مفرحة .
زائرتي في الغَبش المورق من نداوة جيدك البض ... تعالي بِصحبة العطر والبريق والمطر ..
لم تزل افنان القلب عطشى . ولم يزل نجمك النائي دثارا للصمت الصاخب بالوهج ... والإنتظار
..............................................................................
استهل الشاعر قصيدتة بمقطع يثير الانتباه ، ويستحث المتلقي لمعرفة مقاصد الشاعر وإلى ماذا يهدف , وبالرغم ما كان يعتري الصور من العزلة والوحدة وحالة الخوف من الضياع لكن الشاعر استطاع أن يوظف العلاقة بين الانسان الوحيد وتمسكه بالطبيعة ليملأ منها ناظريه ويحشو فكره من صورها وبهذا يزرع في صدره الثقة من صدق مشاعره واحاسيسه ، لان الطبيعة اذا منحت الانسان هذا الشعور فسوف يقوده إلى معالي الصفات واستقامة التصرفات ونبل السلوك والسر الذي يحرك كل هذه المكونات هو الاحساس المرهف الذي اودعته الطبيعة الصادقة بكل ما فيها من كائنات والتي تحركها عظمة الخالق في نظامها الدقيق المتقن .
ثم يهبط بنا الشاعر إلى مستقر الهدوء والسكينة الثابت بمشاعره الصادقة وقلبه السليم الذي يداعب قطرات المطر التي تعطر وجه الأرض ليرسم لنا صورة العشق النقي، وهنا استخدم الشاعر في هذه المقاطع مجازات بلاغية بديعة اعطت النص لمسة من الجمال وخصوصا في ضبطه صور التشبيه. وقد قرن الشاعر بين المطر والسنا وبريق النجوم والزهور إلى غير ذلك في تشكيل بديع وصياغة تدل على تمكنه في هذا الجانب . لا يخلو النص في بعض المواضع من حالة الخوف وعدم الاستقرار ارادها الشاعر ان تكون خفية بعض الشئ، فقال بعدها(اني شديد الحزن مثل غابة صنوبر جرداء). وقال (في مكان ما ينتحب الاسى وباعماق جوفي رعشات أنين). وهذه المقاطع لها ارتباط مباشر بالخاتمة التي وصف فيها افنان القلب بالعطش، ثم الصمت والانتظار.
ومن خلال التعمق وتامل النص تجد أن التعابير تسودها حالة من التوسل والشوق الذي يصل حد الاستغاثة فرسمت على المقاطع الأخيرة مسحة من الحزن لكنها لم تخل من الأمل بغد مشرق وصباح ندي تلوح تباشيره للناظر من بعيد.
استخدم الشاعر اساليب بلاغية تكمل بعضها البعض ، وطريقة التكميل هذه تضفي على النص ذائقة جميلة تستهوي المتلقي عند البحث في ثنايا القصيدة ، كذلك استخدم الشاعر اسلوب التشبيه بطريقة ممتازة بعيدة عن المبالغة فيها فاضاف من بريق هذا الاسلوب عطرا ورونقا للنص. ومن ناحية البناء اللغوي استخدم الشاعر الجمل الطويلة وبهذا تمكن من اشباع المعاني والاوصاف والصور في القصيدة.
علي محمد العبيدي
16/5/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق