كلنا حَراميَّة // قصة قصيرة // بقلم الأستاذ // علي البدر

. . ليست هناك تعليقات:

"كلنا حَراميَّة" قصة قصيرة
علي البدر
وأخيرًا تحقق حلمي. قاعةٌ واسعةٌ ومجموعةٌ من الطالبات والطلبة. عيون شاخصة نحو أستاذ علم النفس وهو منهمك بتحليل نظرية فرويد، كرائد لمدرسة التحليل النفسي. ورغم تفوقي في الدراسة كنت أواجه صعوبة في التعبير وكأن قوة تخرسني. ولم يختلف هذا الأستاذ عن زملائه في تلك النظرات غير المريحة والتي تحاول أن تزيد من إحساسي بالدنو والضآلة والتي تشعرني بالألم خاصة عندما تنسجم محاولاته مع همهمات الصف والتي تشعرني بالضياع والوحدة.

   ومن عادة بعض الأساتذة، ألتأكد من أسماء الحاضرين ليؤشر على الغياب وليتعرف على أسمائهم نتيجة التكرار. وكم كرهت تلك اللحظات التي يقرأ فيها إسمي. يتوقف لحظة ويستمر عندما تكتمل الهمهمات وتعابير اللإستهجان وكانت كلمة "الحرامي" هي الأقسى. لحظات لاتنسى. أستاذ جديد دخل علينا مرة. لم تكن معه اية قائمة. تقدم بهدوء وانحرف يمينا وتوقف قرب الرحلة الثالة الملاصقة للنافذة الثانية. نظر إلي باستغراب وقال: أنت صالح جابر! أجل أنا صالح جابر وسأبقى أفتخر بهذا الإسم. جاءت هي واعتذرت إلي رغم أنني لكمتها بقوة ودحرجتها من أعلى السلم. وكانت النتيجة، عقاب قاس من المدير لطفل في الأول متوسط وتقرير بنهاية البطاقة المدرسية. يميل الى السرقة والجسارة وهو حاقد، إعتدى على مدرسة العلوم وينبغي الحذر منه. 

            ولم أعرف قبلها أن التقرير السنوي بحقي بهذا اللؤم إلا بعد أن تجرأت وفتحت الظرف وأنا أنتقل إلى الثانوية. دخل المدير وفتش جيوبنا وحقائبنا فوجد قلما ثمينا في حقيبتي. من أين لك هذا القلم وأنت بهذا الحذاء الممزق والجواريب المختلفة اللون؟ 
- ولماذا هذه العصبية. لَقَبٌ قد تفتخر به يومًا ويتباها خلاله اللصوص بأنهم سراق وفي وضح النهار

- مستحبل يا استاذ. تهمة لاحقتني وأنا في آخر مرحلتي الجامعية. أقسمت وأنا طفل أن أحد الطلاب دس قلمًا ثمينًا في محفظتي فلم يصدقوا.
- - لا عليك. أنا أصدقك. لأنك الوحيد الذي لم يغش في امتحان الشعر. كل الصف متهم بالغش وقد وقعوا في فخ رسمته إليهم لكنهم فشلوا إلا أنت.

           وكنت دائم التساؤل. هل ياترى سأرى ذلك اليوم الذي يمتلك السارق حريته في الحديث عن بطولاته؟ مستحيل. مستحيل. صداع في عمق رأسي وألم أسفل رقبتي وصدىً أرعبني وأزال الغطاء عن وجهي.
- قم يا رجل واذهب إلى السوق. تفحصتُ القائمة باستغراب. يازوجتي الحبيبة. هذه قائمة تسوّق لأولِ الشهر ونحن الآن في آخرة ننتظر الراتب. أعدكِ بأكلةٍ شهيةٍ بعد أيام.

        نظرتْ إليَّ وبين هزل وجد، وضعتْ راحةً يدِها على رأسي وبدت تمررها ببطء فشعرت باطمئنان كنت في حاجة إليه . إبتسمتْ في وجهي وقالت. أسكت يا حرامي. طوقتُ خصرها بذراعي وشعرت أنني أسعد إنسان، لكن رجلًا بدا عليه الوقارُ وهو ينظر إلى الملايين هاتفًا ومبتسمًا وبلا استحياء:
- كلنا حرامية. كلنا حرامية...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نـــوافــير للآداب والثــقافة ... رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني

أهلاً وسهلاً بك أنت الزائر رقم

النصوص الأكثر قراءة اليوم

اخر المشاركات على موقعنا

بائعة البخور // بفلم الكاتبة // مها حيدر

بحث هذه المدونة الإلكترونية


مجلة نوافير للثقافة والآداب 📰 صاحب الإمتياز الاستاذ الشاعر والكاتب الأديب علاء الدين الحمداني شاعر وأديب / عضو اتحاد الصحفيين/ عضو وكالة انباء ابابيل الدولية/نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة قلم

أحدث التعليقات

Translate

تابعنا على فيسبوك

من نحن

نـــوافــير للآداب والثــقافة ... مجلة عراقية عربية 📰 رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني
جميع الحقوق محفوظة لدى مجلة نوافير الإليكترونية ©2018

تنوية

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة المـجلة ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك