سعدي عبد الكريم
في بدايات القرن العشرين اجتهد علماء اللسانيات على ايجاد تعريف ناجع للغة، فذهب عالم اللسانيات (فردناند دي سوسير) إلى القول بأن اللغة هي عبارة عن:-
(نظام من الرموز الصوتية الاصطلاحية في أذهان الجماعة اللغوية، تحقِّق التواصلَ بينهم، ويكتسبها الفرد سماعًا من جماعته).
وقد اعتبر (سوسير) اللغة في تموضع اشتغالالها البدائية هي مجموعة من العلامات الاعتباطية، تمظهرت بالتقادم حتى أصبحت فيما بعد علامات قصديّة في فحوى تلازمها الإستخدامي بالمجتمعات عبر الأزمنة، لذا هو يتفق مع ما ذهب إليه العالم النحوي العربي أبو الفتح عثمان المشهور بـ(ابن جِنِّي) المولود في الموصل عام ٣٢٢ هجري، حينما صرح بأن اللغة هي عبارة:-
(أصوات يعبِّر بها كلُّ قوم عن أغراضهم).
واتفق ايضا مع العالم العربي ابو زيد ولي الدين عبد الرحمن بن محمد المشهور ب(ابن خلدون) المولود عام ٧٣٢ هجري، حين عرَّف اللغة على إنها:-
(اللغة في المتعارف هي عبارة المتكلِّم عن مقصوده، وتلك العبارة فعلٌ لسانيٌّ ناشئ عن القصد بإفادة الكلام، فلا بد أن تصير ملَكة متقررة في العضو الفاعل لها، وهو اللسان، وهو في كلِّ أمة بحسب اصطلاحاتهم).
آخذين بنظرية التماثل والمقارنة، بأن آراء العلماء العرب جاءت متقدمة بأزمان بعيدة عن آراء بارت وسوسير وآراء بعض علماء اللسانيات المحدثين.
ومن هنا كان علينا لزاماً بيان فصل من التفضيل في أقدمية آراء علماء اللسانيات العرب، على علماء اللسانيات في الغرب.
وهذه الآراء الثلاثة سنناقشها في فصل من فصول كتابنا النقديّ القادم الموسوم (الدال والمدلول في المعنى اللغوي).

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق