إن تدني مستوى الأخلاقِ في مجتمعنا العربيِّ بشكل عام، _ في زمنٍ رديءٍ أحدبِ الهامةِ والقامةِ؛ اختلت فيه الموازينُ وانشرختْ معه القيمُ _ قد أزاح المنطقَ والقَبولَ والإنصافَ والعدلَ عن مساره الصَّحيح .. وإن الحركةَ النقديّةَ الأدبيّةَ، هي جزءٌ من هذا الخللِ والانزياح ؛ ذلك أنها عصارةُ الروح لهذا المجتمعِ وخلاصةُ فكرِه وثقافتِه ومجموعُ سلوكاتِه وصورةٌ مكثّفةٌ تعكسُ مراياه، بل وجزءٌ كبيرٌ لا يتجزّأ عن هذه المنظومةِ الشاملةِ والتي تفسّرُ حالَنا اليومَ؛ إذ تؤولُ بنا المآلُ إلى قمقمٍ آسنٍ لا يُميَّزُ فيه قبرٌ من جذر.
وأقول آسفةً : لو أننا أحسنّا اختيارَ الرّجلِ المناسبِ في المكان ِالمناسبِ ، ولو آمنّا بمقولةِ " رحمَ اللُه امرَأ عرفَ قدرَ نفسِه .. ولو أنّنا لا ننافقُ ولا نحابي ولا نماري ولا نغالي في المجاملات .. " لَاعتلينا الركبَ واجتزْنا السَبقَ إلى النّضوجِ الحضاريِّ التفاعليِّ الجادِّ بإيجابيّةٍ مثمرة، وبلغْنا أوجَه ضمن معاييرَ وقوانينَ لا يمكنُ التجاوز ُعنها.
وعليه فإنّه حريٌ على النّاقدِ الحقيقيِّ الذي يطرحُ آراءَه ونقدَه البنّاء عن دُربَةٍ وعلم ٍودرايةٍ واِمتهانٍ،، ما بين تمحيصٍ وتحقيقٍٍ وتدقيقٍ وبحثٍ وتحليلٍ وتأمّلٍ وإدراكٍ؛ أن يتوصلَ إلى نظرياتٍ نقدّيّةٍ مكافئةٍ للنّصِّ وموازيةٍ له؛ ليسيرا معًا ( النَّصُّ والنّقدُ ) مجرّدين من الأسماءِ والاعتبارات في مسارٍ صحّيٍّ صحيحٍ محكمٍ، بدءًا من مرحلةِ البنيويّة إلى مرحلةِ التقدّميةِّ، بأدواتٍ نقديّة صارمةٍ ، وثقافةٍ متينةٍ، واِطّلاعٍ واسعٍ متعدّدِ الاِتّجاهات ِوالثقافاتِ، على الحركةِ الأدبية، وتطوّراتِها فكريًّا واِجتماعيًّا وإنسانيًّا ووجوديًّا ونفسيًّا ..لتحقيقِ الفنِّ والجمالِ ومآربَ شتّى لا تكتملُ إلا بالمصداقيّة .. المادة الخام التي تدور حولها الحياة الرائقة الراقية .. دونما زيفٍ أو تزلّفٍ ..
آمال القاسم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق