كانت الحياة في القرية هادئة كل الاشياء تسير وفق نظام خاص، رتابة جميلة كانت بساطة الحياه تلمسها في بساطة شخصيات هذه القرية تقابل رجل وامرأة، احبا بعضهما اتفقا على الزواج. تمت كل المراسيم بسرعة غريبة بدات حياة هذه الأسرة ككل البدايات أنجبت هذه الأسرة ثلاثة أطفال. كنتُ أنا الثاني في تسلسل الولادات هذا ما بدأ به صديقي في سرد قصة حياته بعد أن اثاره سؤالي عن ماضيه. وكيف شق طريقه في الحياة؟
يتابع اكمال قصته، مع ولادة الابن الثالث قامت الحرب العالمية الثانية (نسيت ان اذكر لكم أن صديقي هذا هو أحد الرعايا لدولة أوروبية التقيت به في الغربة)
بعد مدة ليست بالقصيرة، استدعي والدي لإداء الخدمة العسكرية في أحد الجبهات تركنا والدي و كان المعيل الوحيد لنا بدأ يُرسلُ بين فترة واخرى مبالغ بسيطة تسد رمق العائلة بصعوبة.
كنا اطفالا لا نعي ماحولنا و لا حجم المعاناة التي تعانيها والدتي. حتى جاء اليوم المشؤوم حضر ثلاثة رجال بزي عسكري أنيق يحملون خبر مقتل والدي في أحد الجبهات وسلموا والدتي أوراق رسمية و معها علبة أنيقة فتحتها امامهم، كان فيها وسام من الأوسمة التي توزع الى الشجعان من الجنود الذين يقومون بأعمال بطولية أخرجت والدتي الوسام وعيونها مليئة بالدموع فغسلت هذه الدموع وسام الموت هدأت قليلا وقامت بعمل سيظل راسخاً في ذاكرتي حيث القت بالوسام في الجدول القريب من منزلنا وامام الجنود الذين احضروه لها قالت لهم؛ هل سيقدم هذا الوسام الطعام والشراب الى أولادي هل سيحميهم من شرور الحياة المتربصة بنا في هذه الحرب الكونية اذهبوا ولا حاجة لي بوسامكم ودعوني أفكر كيف سأكمل الحياة مع أطفالي في ظل غياب والدهم اخذت والدتي بتحمل المسؤولية واصبحت هي الأب وهي الأم اشتغلت في كل عمل شريف يعود عليها باي مردود واخيراً بدأت بالعمل بخدمة البيوت. لكنها استطاعت و بالارادة الحديدية التي امتلكتها الدفع بناء الى بوابات العلم وكان يدفعنا للدراسة شعورنا بوجوب رد الدين لها وقد وفقنا لذلك واجتزنا كل العقبات و عاهدنا أنفسنا أن لا ندعها تحتاج الى شيء.
الى هنا انتهت قصة صديقي مع حياته السابقة وتركني وفي رأسي الاف الأسئلة والتي من خلالها قررت أن أكتب ما يدور في عقلي.
كم تعيسة انتِ ايتها الحرب كم أنتم تعساء ايها الداعون لها.
كبيرة مساحة العذر عندما تنتصرين وكم صغيرة مساحته عندما تخسرين وأنتِ في الحالين تأكلين أبنائنا فعند النصر تأكلين قادة الأعداء وعند الخسارة تأكلين قادتكِ اتكلم عنكِ ايتها الحرب غير المقدسة التي يباع فيها شرف الرجال قبل أن يباع شرف النساء الى متى تبقى الحلول بالدماء؟، الى متى تبقى أوسمة الموت توزع على شواهد القبور؟، هل يمكن لقيمة الوسام مهما بلغت هذه القيمة ان تساوي قيمه الانسان؟! . اني أتصور هذا الوسام هو نقطة لنهاية سطر لحياة إنسان كانت له أحلام وأمال اخذته مصالح لحظة في عمر الزمن صنعها منتفعون من اشعال نار الحروب ورمته في اتونها، ليجمد ويتوقف كل ما في داخله واوهموه بأنه مرصود من عدو في الطرف الاخر وأعطوه سلاح الموت حاول ان يفهم لم يتركوا له اية فرصة حاول ان يفكر لوحده ويجد الحل لكن هيهات، اصوات الاسلحة علت على صوت العقل وجد نفسه مضطراً للقتال. لأن في الحرب لا تتداول الا رسائل الموت ترك كل شيء ورائه عائلته وابنائه و اصدقائه ولفه دولاب الحرب.
ما ضر لو كانت الكلمات بديلاً للرصاص ماذا لو كانت الحشود السلميه بديلاً لفيالق الحرب ما ضر لو كان الإنسان إنسانا.
محمد موفق العبيدي
العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق