الأديب السوري د. زياد العوف
- الدكتور زياد عزالدين العوف من مواليد مدينة دمشق- سوريا (1950م).
- الشهادات العلمية:
-1 ليسانس في اللغة العربية وآدابها من كلية الآداب-جامعة دمشق (1974م ).
-2 دبلوم الدراسات المعمّقة في علوم اللسانيات من ( مركز البحوث الألسنية والسيميولوجية ) في جامعة ليون الفرنسية (1987م ).
-3 دكتوراة في علوم اللسانيات ، مع درجة الشرف الأولى، من المركز السابق في جامعة ليون- فرنسا (1992م ).
- الدرجة العلمية:
أستاذ الدراسات العليا (سابقاً) في علم الدّلالة ولسانيات النصّ والنقد الأدبيّ الحديث.
له عدد من الكتب والدراسات المشورة، منها:
- الأثر الأيديولوجي في النصّ الروائي- ثلاثية نجيب محفوظ
- أعلام الأدب العربي الحديث- قراءة جديدة.
- مقالات في الأدب والفكر والحياة.
- المغامرة النصيّة في رواية " الشمس في يوم غائم" للروائيّ السوري حنّا مينة.
- المعنى بين التعيين والتضمين في ضوء علم الدلالة.
- العرب والعربية- مقاربة لغوية اجتماعية.
- التحليل النفسي واللغة ( ترجمة ).
- التداولية ( ترجمة ) .
عمل في سلك التعليم في مراحله الثانوية والجامعية والعليا في كلّ من: دمشق والجزائر والكويت والسعودية وليبيا.
- وهو متفرّغ الآن للكتابة والتأليف ...
كان لنا معه هذا الحوار القيم الثري ..
1_ لكل أديب طفولة راعفة بالحب والشوق فماهي أبعاد طفولة الأديب وكيف التقى بكرَّاسة الأدب ؟
أودّ قبل الإجابة على هذا السؤال أنْ أوضّح بعض النقاط فيما يخصّ مفهوم " الأديب " الذي أُجري هذا الحوار مع الشاعرة والإعلامية المتألّقة ليلاس زرزور انطلاقاً منه، وبناءً عليه.
فأنا، على وجه الدقّة، أكاديميّ وناقد وكاتب..على أنّ الأستاذة ليلاس قد تساءلت: هل ستجري هذا الحوار معي بوصفي أديباً أم شاعراً أم قاصّاً وروائياً ؟
فاخترت صفة الأديب لاعتبارين اثنين:
الأول، أنّ المقالات النقدية والثقافية والفكرية التي دأبتُ على نشرها منذ بضع سنوات على متصفّحي في الفضاء الأزرق تمنحني هذه الصفة؛ إذ إنّ "المقالة" فنّ أدبي راسخ بين فنون الأدب.
أمّا الاعتبار الثاني فناشئ عمّا أسميه بالظلّ الإبداعي لكلّ ناقد، هذا الظلّ الذي يرافقه في كتاباته النقدية، مع اختلاف استمراره وأهمّيته بين ناقد وآخر.على أنّ ظلّي الإبداعي، فيما أرى، يكاد لا يفارق كتاباتي البحثية والنقدية؛ إذ إنّي شديد الحرص على تقديمها في قالب أدبي جميل يخفّف من وطأة منهجيّتها الصارمة ومصطلحاتها العلمية الجافة.
كما أنّي أرى أنّ صفة "الكاتب" هي الأقرب إلى ما أكتب من مقالات بخاصّة؛ إذ إن مفهوم
" الأديب " يحيل على مدلول تاريخي قديم استقرّ في العصر العباسي، ولا أراه ينطبق على معطيات عصرنا الحاضر.
-1 أعود إلى السؤال الأول فأقول: لا ريب في أنّ المشاعر المختلطة والمحتدِمة في مرحلة المراهقة ترجع إلى عوامل بيولوجية وبيئية وثقافية مختلفة، على أنّها أكثر حدِّة ورهافة لدى أديب المستقبَل الذي يعبّر عنها بوسائل وأساليب تتناسب والمراحل العمرية المختلفة... فعندما أعود بالذاكرة إلى مرحلة المراهقة تتراءى أمام ناظري كتاباتي المدرسية المشحونة بعاطفتي الجيّاشة وأسلوبي الأدبي الاستعراضي وأفكاري التي تفوق عمري الزمنيّ، ما يدلّ على موهبة أدبية مبكّرة، شهد بها أساتذتي الفضلاء، فأثنوا عليها وشجعوني على تنمية موهبتي بالمطالعة الخارجية الغزيرة والمنظّمة، وهكذا كان..
ومن كتاباتي الطريفة حينها نص قصصيّ كتبته في بداية المرحلة الثانوية تحت عنوان رمزي هو " عائد الحيوي " انتقد فيه النمو الماديّ غير المتوازن للحضارة الحديثة- أواسط ستينيات القرن الماضي- على حساب القِيم الروحية والإنسانية؛ إذ مالبث ( عائد الحيوي ) الذي عاد إلى الحياة بقدرة قادر، كما هو شأن أهل الكهف مثلاً ،أن آثر العودة إلى قبره بعد أن صدمته وقائع الحياة الحديثة، ولكنه أخفق في ذلك؛ حيث سوّيت المقبرة التي خرج منها بالأرض تمهيداً لإشادة مشروع عمرانيّ حديث.
2_ الحب والشوق والوطن والحنين هي مفردات الأديب فما هي مفرداتك ؟
قد تكون مفردات الحب والشوق الوطن والحنين هي الأكثر تداولاً لدى الأدباء... على أنّني لا أجد نفسي في مفردات بعينها؛ إذ يتعلّق الأمر بصدق التعبير وأصالة الفكرة في أي موضوع يتناوله الكاتب أو الأديب؛ فالعبرة إذن ليست بالمفردات المستعملة، بل في المشاعر والآراء والأفكار المعبَّر عنها.
3_ لكل أديب بُعد يميزه عن الآخرين ، فما هي أبعاد حروفك ؟
إنّ البعد الذي يميّز حرفي إنّما هو الصدق والأصالة وملامسة قضايا المجتمع، مع نزعة إنسانية لا تخطئها العين.
4_ من ترى من الكتاب في عصرنا من يستحقُّ لقب كاتب ، وماهي صفات الكاتب الفذ؟
كثيرون هم الكتّاب دون ريب...على أنّ الكاتب الحقّ إنما هو من يمتلك رؤية فكرية واجتماعية وجمالية توجّه كتاباته وتؤطّرها.
5_ الكلمة لديك تحمل بُعدا ذاتيا ، وبُعدا وطنيَّا ، وبُعدا إنسانيا . هلّا حدثتنا عن هذه الأبعاد في نتاجك الأدبيّ ؟
تتجلّى هذه الأبعاد لدى الكاتب، منفصلة أو مجتمعة، حسب طبيعة النصّ، في الشكل والمضمون على السواء.
وأظنّ أنّ البعد الذاتي فيما أكتب يتجلّى بخاصة في الأسلوب؛ إذ إنّ "الأسلوب" -كما يُقال- هو الرجل.
أمّا البعد الوطني لديّ فيتمثّل في صدق الانتماء لوطني، وعمق التفاعل مع قضاياه، والتّطلّع إلى خروجه من محنته سليماً معافى ليستعيد ألقه ودوره العربيّ الرياديّ. أمّا البعد الإنساني لدي فأظنّه السِّمة العامّة التي تغلب على كلّ ما أكتب؛ إذ إنّ الإنسان أخو الإنسان، وآمال الإنسانية وآلامها متشابهة في النهاية مهما اختلفت الأوطان وبعُدتْ المسافات.
6_ مارأيك بالمسابقات الأدبيّة ، وما مدى نزاهة لجان التحكيم ؟
المسابقات الأدبية مطلوبة ومفيدة لتشجيع المبدعين ودفعهم للتجويد، من جهة، وللترويج للأدب الرفيع والأصيل، من جهة أخرى.
أمّا فيما يخصّ لجان التحكيم، فينطبق عليها ما ينطبق على نظائرها في مجالات الحياة الأخرى. على أنّ الإنصاف وعدم المحاباة في قرارات هذه اللجان له أكبر الأثر في تطوّر الإبداع الأصيل.
7_ كيف تكتب ،
وما هو تصورُّك للأدب وطرق التعبير عنه ؟
ليس لي طقوس معينة لمزاولة الكتابة..على أنّ التنظيم والاستثمار الأفضل للوقت والهدوء والسكينة الداخلية والخارجية عوامل لا بُدّ منها لأي جهد إبداعي وفكريّ.
أمّا الأدب.. فهو "التعبير الجميل عن الحياة ونقدها"، المتمثّل في تسليط الأضواء على جوانبها ابتغاء لفت الأنظار إلى النقائص بشتى أنواعها، في دعوة ضمنية إلى العمل على تجنّبها. ما يجعل الحياة أكثر جمالاً.
ويكون التعبير عن ذلك بالأساليب الإبداعية الفنية التي يتيحها النص الأدبي بوصفه كذلك.
8_ ماهي الموضوعات التي تتناولها في كتابة نصوصك ؟
يتوقّف ذلك على نوع المقالة، ففي المقالات النقدية، وهي الغالبة على ما أكتب، أتناول الأعمال الأدبية الروائية القيمة والرصينة بالتحليل والدراسة والنقد؛ ما يجعلني مشاركاً بشكل ما في القضايا التي تتناولها هذه الأعمال. أمّا في المقالات والكتابات الأخرى فأسعى لتسليط الضوء على بعض قضايا الفكر والمجتمع والحياة.
9_ ماهي الشروط التي ينبغي أن تتوفَّر للكاتب الناجح ؟
ليس هناك من شروط بعينها، لكنّني أرى في الموهبة والثقافة والمتابعة العميقة والجادّة لشؤون الحياة والفكر والشعور بالمسؤولية والانضباط الذاتي وحسن استثمار الوقت المتاح عوامل لا بدّ منها لأيّ كاتب يسعى للنجاح.
10_ ماهو رأيك بمصطلح أدب ذكوري وأدب نسائي ؟
لا أرى هذا المصطلح دقيقاً؛ فهنالك أدب إنسانيّ يُعنى بقضايا الإنسان، ذكراً كان أو أنثى، ومن ذلك مثلاً الأدب الذي يهتمّ بقضايا المرأة في المجتمعات الإنسانية.
على أنّه يمكن الحديث عن الأدب النسوي بالإشارة إلى الانتاج الأدبي للأديبات، بصرف النظر عن مضمونه.
11_ ما رأيك بمستوى الحركة الأدبية الراهنة في وقتنا المعاصر ؟
الأدب والأبداع إنّما هو صنو الحياة يواكبها في مسيرتها فيتأثّر بكل عناصرها؛ فيتقدّم بتقدّم المجتمع ويتخلّف بتخلّفه. وليس هذا حكم قطعيّ بطبيعة الحال، فهنالك دوماً استثناءات ، لكنه الأغلب الأعم...فأدبنا في العالم العربي اليوم يعكس بصورة أو أخرى حال مجتمعاتنا. هذا ، إنْ كان الأديب صادقاً مع نفسه.
12_ ما رأيك بالنقد ، وهل أنصفك ؟
أرى أنّ النقد الأدبي في العالم العربي، وبخاصة الأكاديمي منه، مقصّر بوجه عام بحق الأدب المعاصر؛ إذ يصرف جلّ اهتمامه على أدبنا القديم وصولاً إلى عصر النهضة. أمّا النقد الصحفي المتداول، ففيه الغثّ والسمين.
وبخصوص كتاباتي فأنا شاكر للنقّاد والقرّاء قبولهم الحسن لها.
13_ ما رأيك بمكانة المرأة العربية ككاتبة وشاعرة ؟
لقد حقّقت المرأة العربية منذ منتصف القرن الماضي انجازات لا يمكن إنكارها في كافة المجالات، ومن ذلك المجال الإبداعيّ بأنواعه، وهناك أسماء نسائية أدبية كبيرة زاحمت المبدعين من الرجال.
على أن الطريق لا يزال طويلاً أمامنا جميعاً، نساءً ورجالاً للوصول إلى ما هو مأمول.
14_ يُقال إنَّ الأديب يكتب بحبر الروح ، مامدى صحّة هذا الرأي ؟
شخصياً..لا أميل إلى مثل هذه المبالغات. الأديب الحقّ كائن واعٍ وحسّاس يتفاعل ويتأثّر ويفكّر ويُنضِج تجربته الأدبية بهدوء ورويّة على نار الجهد والعمل الدؤوب ،ثمّ يحاول التعبير بصدق وأصالة عن تجاربه الحيوية بأنواعها.
15_ هل أثّرت التقنيَّات الحديثة ووسائل التواصل الإجتماعي على تطور الأدب العربيّ أم أنّه أساء له ؟
وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدّين؛ إذ يتعلّق الأمر بحسن الاستخدام أو إساءته.
لقد شرعتُ في نشر مقالاتي وبعض أبحاثي النقدية منذ عدّة سنوات على ( الفيسبوك ) قبل نشرها في المجلّات أو الكتب، فكان لما لاقته من حسن الاستقبال لدى القرّاء والنقاد وقعاً جميلاً في نفسي، وكان ذلك بمثابة الجائزة الفورية التي يتلقّاها الكاتب عن عمله.
16_ ما أحب أعمالك إليك .. هل تحدثنا القليل عنه ؟
لعلّ أطروحتي للدكتوراة التي دافعت عنها في جامعة ليون الفرنسية في مطلع عام ( 1992م)
والتي ترجمتها إلى العربية ووضعتها بين أيدي القراء في العام التالي لمناقشتها بعنوان ( الأثر الأيديولوجي في النص الروائي- ثلاثية نجيب محفوظ ) أقرب الأعمال إلى نفسي، وذلك نظراً للجهد العلمي المنهجي الصارم الذي بذلته لإنجازها طيلة خمس سنوات كاملة، بالإضافة إلى التقدير الكبير الذي حظيت به لدى العلماء المختصين عند المناقشة وبعدها...لقد وضعتُ فيها منهجاً نقدياً دقيقاً ومتكاملاً لدراسة الخصائص الفكرية للنص الروائي من خلال الصياغة الفنية لهذا النص، وذلك استناداً إلى أحدث وأهم النظريات والمناهج السيميائية واللسانية الحديثة.
كما أنّ كتابي الأخير ( أعلام الأدب العربي الحديث- قراءة جديدة) الذي صدر العام الماضي في القاهرة له في نفسي مكانة خاصّة.
17_ كيف ترى الوطن في كتاباتك ؟
الوطن هو المحيط الجغرافي والاجتماعي والإنساني والنفسي الذي يؤطّر نشاطنا الإنساني ، ومنه نشاطنا العلمي والإبداعي..فهو حاضر بشكل أو بآخر بكلّ ما نكتب.
18_ما الفارق بين الأدب الغربي والأدب العربي ؟ وأين تجد نفسك بينهما ؟
الأدب ابن محيطه وبيئته، من هنا ينشأ الاختلاف بين آداب الشعوب؛ فالأدب نشاط إبداعيّ يرتبط بمحيطه القريب، لكنّه لا ينفصل في الجوهر عن بعده الإنسانيّ. ولا شكّ أنّ الآداب الغربية في عصرنا الراهن تعكس التقدّم الحضاري لمجتمعاتها التي تعبّر عنها، وهي قِبلة أنظار جميع الأدباء في العالم، يتأثرون بها دون إغفال خصوصيات أوطانهم، وهذا ما أحاوله فيما أكتب.
19_ لو جلست وتساءلت حول ما أنجزته فماذا تقول ؟
لا شكّ أنّ الطموح أكبر ممّا يحقّقه المرء، على أنّني لن أبخس نفسي حقّها؛ فأنا راضٍ إلى حدّ كبير عمّا أنجزت.
20_ همسة في أذن الأدباء على كثرتهم ؟
الأدب فعل إبداعيّ جادّ يتطلّب الم٠وهبة والعلم والدأب والإخلاص.. مع تمنياتي للجميع بالتوفيق الدائم والنجاح.
أخيراً..لا يسعني في نهاية هذا الحوار الشائق مع الشاعرة المبدِعة ليلاس زرزور سوى التعبير عن امتناني العميق لإتاحة هذه الفرصة الثمينة للتعبير عن شؤون النفس وشجونها..
شكرا لحضوركم ومتابعتكم أحبتي ...
دمتم بود ..
ليلاس زرزور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق