قصة قصيرة بعنوان:"الجب المهجور"
و هو في دوامة الروتين اليومي يساير الساعات كالمعتاد لا تبديل فيها حين زحف الأيام و لا تغيير،كان الخريف قد طوق الأمكنة و الطبيعة قد خلعت عنها رداء الصيف إذ قام عمر من فراشه و لبس لباسه الرياضي كالمعتاد و هم خارجا إلى الغابة التي تجاور بيته العتيق،و ما إن دلفها حتى طفق بالركض بوتيرة منتظمة كعهده دائما طاف لنصف ساعة ثم توقف ليستجمع أنفاسه الحارة و البخار يخرج من فيه كقطار بخاري قديم حينها هاجمته صرخات إغاثة لم يعرف وجهتها،اقتفى أثرها و نبضه يتسارع و الصوت يرتفع حتى وصل إلى جب مهجور في طرف الغابة،لم يذكر أنه سمع به قبل هذا و لم يره هنا أبدا،دنا منه و دلى رأسه و نادى داخله:من هناك؟ و إذا بشيء غريب يصدمه على وجهه أسقطه أرضا مغميا عليه،و لما استبطأته زوجه خرجت للبحث عنه في الأرجاء و لكن بلا جدوى،طلبت العون من جيرانه فهبوا مسرعين لتمشيط المدينة حتى وجدوه ممددا قرب صخرة كبيرة،تحسسوا نبضه فوجدوه على قيد الحياة،لطموه لطمات خفيفة فبرق عينيه و فغر فمه،و انفجر بالقهقهة و الضحك كالمجنون،أخذوه إلى بيته و وضعوه بمضجعه و تركوه بين دهشة ابنه الصغير وليد و زوجه عاتكة و هو يقهقه بشدة ثم يبكي بحرقة،استدعت أم صغيره الإسعاف فأخذوهم مسرعين إلى المصح،فحصه الطبيب ثم سأله عن اسمه و إذا به يرطن بلغات حية و أخرى اضمحلت،فاندهش الطبيب و طلب من زوجه أن تأتي به غدا ليبت في حالته التي بدت نادرة مستعصية عليه،و في طريقها إلى خارج المصح جاءها ممرض قد رآها حينما دخلت المصح فأخبرها أن زوجها لم يصب بأي مرض أو جنون بيد أنه قد أصيب بمس أو سحر ما فقد مرت عليه حالة مماثلة لأخته،كانت تنظر إليه في استغراب و تعجب كبيرين،فنصحها براق تجده بالمسجد الذي يقرب بيتها،لم تعر كلامه أدنى اهتمام في بادئ الأمر و لكنها فكرت فيه مليا و هي عائدة و ابنها إلى الدار محملة بقفف من الهموم و بجراب من الأحزان،وضعت المريض على سريره و اقتعدت كرسيا في ركن من البيت برهة ثم غادرت مغلقة الباب وراءها و هي تمسك وليدها من يده في اتجاه المسجد،طرقت باب بيت الإمام الراقي فخرج،حكت له القصة،فلم يتوان و لم يتقاعس في أداء واجبه فأتى مسرعا و ما إن دخل غرفة العليل حتى شرع بغناء أغان بذيئة قالت زوجته و هي تضع كفيها على أذني وليد:إنه لم يسمعها قط ولا يعرفها ،فتح الراقي المصحف و بدأ يقرأ عليه من آيات الرحمن واضعا يمناه على جبهته و المسكين يتلوى كالثعبان،يرتجف كالمحموم،يضحك حينا و يبكي أحيانا أخرى،و إذا به يسترخي بعد تنهيدة عميقة خالها الجميع أنه قد لفظ آخر نفس و حسبوه أنه صار من الأموات،أفاق مفزوعا كالنائم أو كالخارج من الماء قائلا:أين أنا؟ أين كنت؟لم يدر ما الذي أصابه،و الذي جرى،فاستطرد الإمام:قد انتهت المهمة على خير و الحمد لله،عانقته زوجه و الدمع يبلل مقلتيها الحزينتين و ناما على حالتهما تلك تعبين مكدودين و لم يستيقظا إلا و السواد قد طلا الموجودات و أخرسها،نادا على صغيرهما فلم يسمعا له جوابا بحثا عنه في الدار و بجوارها و لم يجدا له أثرا.صرخا معا:ولييييييد.......ولييييييد. -----انتهت.
بقلم الأستاذ:بن عمارة مصطفى خالد.
الجب المهجور//بقلم الأستاذ بن عمارة مصطفى خالد
نـــوافــير للآداب والثــقافة ... رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني
أهلاً وسهلاً بك أنت الزائر رقم
النصوص الأكثر قراءة اليوم
-
بقلم كمال جوبراني اجل اعلنت انفصالك نهائيا من قلبي اغلقت سفارة حبك والبعد عن دربي انت طعنت الفؤاد و خان عهد حبي زرعت الغدر لا الحنين وزد...
-
الهاويه تلك الصخورُ الشاهقات نوازل في عقدهن دون العقول عحيبُ ان الصعودَ دون المعارف حاذر وان بلغ...
-
قراءة نقدية للناقد الاستاذ الفاضل جاسم أل حمد الجياشي في نصي ( الحب هو الاقوى).. قصة قصيرة شكري وتقديري له.. ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،...
-
المداد الحزن مداد القلم لونه الأسود كحل الألم قصائدي به تكتحل حزني حزن شجرة أو سمكة نسيها صياد ذهب ليثمل قصائدي تحاول الإنتحار كأوراق قررت...
-
حلم نوبل يقترب •••••••••••••••• منذ سنوات طويلة لم يحتفل العالم العربى بجائزة نوبل بعد رحيل الأديب العالمى /نجيب محفوظ » لقد آن الآن أن يتس...
-
لاعجة الوصل ما عاد لحديث الامس غيثه..... تربو به ارض القصائد بعد رمي الجمرات وقد كانت به الارواح تسمو كزهور غضة سقياها رحيق الرضاب ومناحل ال...
-
هذا العشق في قلبي يحويني يكملني يغويني مثل حمامات صدقا اغرقت أشواقي بالمواويل هو الحب غزى روحي جعلني اطرب اتغندج واحلم بك في كل يومي وفي لحظ...
-
هذا العلَم العلَّامة الثَّبْت الفهَّامة الدُّكتور /محمَّد أحمد الدَّالي/ الَّذي جمعتني به الأقدار في المدرسة الفنِّية الجويَّة في مدينة حلب ...
-
قاسي القلب كفّ يدك عنّي فقد ذبتُ فيكَ ولم يتبقَ مني غير نَفَس هو أنت للهروب ألف طريقٍ تسلك ما طاب لكَ المقام يوماً بين خافقي والأضلعِ. F . G
-
وادي الدنا غربةٌ تقتاتُ على أنفاسي كنزاعِ المحتضرِ لا حبيبٌ أُردُّ لهُ ولا عُمْرٌ بهذا التّيهُ أُشْقِيتُ بهِ مرارةً بالمنتظرِ سُجِنْتُ بوا...
مجلة نوافير /قــسم الأرشيف
-
◄
2023
(607)
- نوفمبر 2023 (2)
- أكتوبر 2023 (26)
- سبتمبر 2023 (53)
- أغسطس 2023 (114)
- يوليو 2023 (107)
- يونيو 2023 (73)
- مايو 2023 (62)
- أبريل 2023 (36)
- مارس 2023 (56)
- فبراير 2023 (54)
- يناير 2023 (24)
-
◄
2022
(216)
- ديسمبر 2022 (25)
- نوفمبر 2022 (14)
- أكتوبر 2022 (18)
- سبتمبر 2022 (50)
- أغسطس 2022 (13)
- يوليو 2022 (13)
- يونيو 2022 (14)
- مايو 2022 (19)
- أبريل 2022 (7)
- مارس 2022 (2)
- فبراير 2022 (27)
- يناير 2022 (14)
-
◄
2021
(712)
- ديسمبر 2021 (28)
- نوفمبر 2021 (17)
- أكتوبر 2021 (14)
- سبتمبر 2021 (11)
- أغسطس 2021 (21)
- يوليو 2021 (71)
- يونيو 2021 (56)
- مايو 2021 (59)
- أبريل 2021 (104)
- مارس 2021 (69)
- فبراير 2021 (108)
- يناير 2021 (154)
-
◄
2020
(190)
- ديسمبر 2020 (108)
- نوفمبر 2020 (61)
- أكتوبر 2020 (21)
-
◄
2019
(31)
- يناير 2019 (31)
-
◄
2018
(1010)
- ديسمبر 2018 (64)
- نوفمبر 2018 (109)
- أكتوبر 2018 (125)
- سبتمبر 2018 (68)
- أغسطس 2018 (21)
- يوليو 2018 (73)
- يونيو 2018 (68)
- مايو 2018 (98)
- أبريل 2018 (146)
- مارس 2018 (124)
- فبراير 2018 (108)
- يناير 2018 (6)
-
▼
2017
(785)
- ديسمبر 2017 (97)
- نوفمبر 2017 (5)
- أكتوبر 2017 (93)
- سبتمبر 2017 (79)
- أغسطس 2017 (173)
- يوليو 2017 (142)
- يونيو 2017 (140)
- مايو 2017 (56)
اخر المشاركات على موقعنا
بحث هذه المدونة الإلكترونية
مجلة نوافير للثقافة والآداب 📰 صاحب الإمتياز الاستاذ الشاعر والكاتب الأديب علاء الدين الحمداني شاعر وأديب / عضو اتحاد الصحفيين/ عضو وكالة انباء ابابيل الدولية/نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة قلم
أحدث التعليقات
Translate
من نحن
نـــوافــير للآداب والثــقافة ... مجلة عراقية عربية 📰 رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني
جميع الحقوق محفوظة لدى مجلة نوافير الإليكترونية ©2018
تنوية
المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة المـجلة ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق