28. ثلاث أكوام من التراب
قيل أن بهلول من العصر العباسي يتهم بالجنون عكس كونه عبقرياً فذاً فقد وضع في أحدى شوارع المدينة وفي موقع يزداد به المارة ثلاثة أكوام من التراب وبدأ ينادي بأعلى صوته تراب للبيع ... تراب للبيع. ألتمت الناس حوله وتجمهر الكثير من رواد المدينة وبالصدفة كان أحد البرامكة وهو أحد الوزراء في تلك الحقبة وسأل عن سبب وجود هذه التظاهرة من الناس ... قالوا له أن بهلول ينادي بأعلى صوته تراب للبيع ... تراب للبيع وصل البرامكي وشاهد بأم عينه بهلول فأراد أن يسيطر على الموقف وينهي تظاهرة الناس... قال له أني أشتري هذا التراب حتى ينتهي الموضوع فقال بهلول أن سعره ألف درهم وعلى الفور أخرج البرامكي كيساً وقال له خذ هذا ثمن التراب وأنصرف وكذلك أنتم أيها الناس انصرفوا ... فرد بهلول على البرامكي قال كيف تشتري حاجة دون أن تعرف ما هي تلك الحاجة ... فقال البرامكي على السريع قل بسرعة ... قال بهلول:
الكوم الأول ... لا تبيع سر لزوجتك.
الكوم الثاني ... لا تأمن حكومة.
الكوم الثالث ... إذا شفت الدنيا ضاقت بك التحق إلى أهلك وعشيرتك.
أخذ البرامكي التراب وأنصرف الجميع ورمى البرامكي التراب أرضاً ورجع إلى البيت. كان أحد الخلفاء مولع بمسابقة الديكة في العصر العباسي وكان لديه ديك يعشقه ويحتفظ به لكونه من الديكة التي دائماً ما تفوز بالمعارك... وضع البرامكي عينه على ديك سيده فسرقه في ليلة مظلمة وذهب به إلى البيت إلا أن الخبر انتشر في المدينة أن ديك الخليفة سرق ومن يعثر عليه له مكافأة مجزية وكذلك قتل السارق حياً أو ميتاً ... خاف البرامكي من الحادث وسر إلى زوجته بأن هذا الديك يعود إلى الخليفة ... فقالت زوجة البرامكي ولماذا أنت محتار سأذبحه وأنتف ريشه ونحرق ريشه ونصلخ لحمه ونأكله وكأن شيئاً لم يكن ... ارتاح البرامكي لرأي زوجته ونفذت الأمر وانتهى كل شيء.
بعد مرور مدة من الزمن حدث خلاف بين البرامكي وزوجته ووصل إلى الطلاق فطلق زوجته وعند الطلاق ذهبت الزوجة إلى الخليفة وقالت له أن الذي سرق الديك هو البرامكي ذبحه وأكله وحرق ريشه ... أصدر الخليفة أمراً بإلقاء القبض على وزيره البرامكي حياً أو ميتاً ...
سمع الخبر البرامكي. أنذهل وخاف وتذكر أكوام بهلول ... لا تبيع سر إلى زوجتك ولا تأمن من حكومة وإذا رأيت الدنيا ضيقة حولك ... أهرب إلى أهلك وعشيرتك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق