(( من أوراق الحرب ))
غُرابٌ
فرغَ من مراسمِ دَفنِ أخيه
لعلَّ نعيبَهُ أصدقُ من ندمِ قابيلَ !
يَرثي ليلاً مشلولَ السّاقين
في عيونِ وسائدِه
أحلامٌ
أماتَها نزَقٌ في قلوبٍ ميّتة
سرقتْ لياليَ دجلةَ
كما سَلبتْ من قبلِها ثيابَ الفرات . . .
. . . . .
نرام سين ١
أيُّها الملكُ العظيم
قد سلبوا ما مَلَكتْ . . .
تهافتوا
جاؤوا بجنائنَ مقلوبة
ما تيسّرَ من مواهبِ الدّمار
زيّنوا بهِ أقنعةً لعبورِ الممنوع . . .
لكنَّ الوحلَ أبداً
ما عكسَ يوماً لعينِ السّماءِ زُرقةَ . . .
. . . . .
يحاورُ دُخانَ سيجارتهِ بصمتٍ عال
يرميها
يسحقُها تحتَ (بسطالٍ) ٢
دونَهُ وسامٌ على صدرٍ
يتنفّسُ هواءَ غيرِه . . .
لا يُريدُ أنْ يتذكّرَ من جبهةِ القتالِ ليلاً
يوخزُ خاصرةَ أمسِه . . .
فالسّبَخُ
لم ينسَ لوناً أحمرَ
يغادرُ ثقوباً
تنزفُ عِشْقاً
يُطفئُ عَطَشاً لشقوقِ الأرض . . .
كيفَ لهذا العِشقِ ألآ يكونَ مِحراباً لصلاةٍ بيضاء ؟!
. . . . .
تيبّسَ الحنينُ حروفاً على شفةِ الطّين
المنايا
تلاحقتْ نحوَ مغيبٍ
لا يُستَردُ حصيدُه . . .
الموتُ
يكتبُ بخطٍّ لا يُمحى
مُذكّراتٍ عن آخرِ سكراتهِ في حناجرَ
تجمّدَ فيها نشيدُ الحياة
كُلُّ حكاياتِ شهرزاد بدفءِ لياليها الألف . . .
سكتَ المُباحُ
صمتاً
لا يكونُ لغيرِ الرّاحلين . . .
. . . . .
القابعون في غُرفِ الأبنوسِ الأسود
يحفرون قبوراً من غيرِ شواهد . . .
ينحتونَ للشّيطانِ وجهاً
أنكرَهُ آدمُ النّبيُّ عندَ الخطيئةِ الأولى
لعلّهُ ربٌّ يُعبًد على قبلةٍ
تُبوصلُها عملةٌ مُنفرجةُ السّاقيْن . . .
إنَّ الأرضَ في الحربِ للفقراء
وحينَ تضعُ أوزارَها
هي بكُلِّ ما تدرُّ
لنُخبةٍعاهرةٍ ممنوعةٍ من الصّرف !
. . . . .
أُطفأتِ الحرب
بحرقِ كُلِّ ما تبقّى من حياة . . .
لا شئَ ينتمي لجذورِه . . .
شُوّهَ التّقويمُ الأحسن
بنسخةٍ طُمسَ عنوانُها البهيّ . . .
القبحُ
يقشطُ الجمالَ من لوحةِ الوجود . . .
تدحرجتِ النّهايةُ صخوراً
لا تستثني من التّعساءِ قماطاً . . .
العائدون منها ميّتونَ بأسماء مثلومة . . .
في عيونِهم احمرارُ نَدَم
تخالفوا بينَ يومٍ كئيبٍ
ويومٍ
يفترسُ اشلاءَهم . . .
دَمٌ غبيّ
أسرجتْهُ آلهةُ العَتمة . . .
. . . . .
ما بعدَ الحرب
حرب
تشقُّ خنادقَها لموتٍ بلا عنوان . . .
نزعتِ الحروفُ ما عليها
خطوطٌ حمرٌ على فيءِ بني عَبْس . . .
الدّخولُ من أبوابٍ عدَّة
الخروجُ من بابٍ واحدة . . .
لا عينَ تُبصرُ ما يَخطفُهُ الظّلام
جُمِعَ لفرعونَ ما رغِب
ولهامانَ ما في جيوبِ النّهار . . .
. . . . .
ليسَ أمامَهُ سوى أنْ يُدخنَ سيجارتَه
الثّانية
ربَما يُفرغُ فيها لعنةَ مَنْ تأبّطَ ساقاً . . .
إذا كانَ الدُّخانُ عرّافاً
فبمَ يُنبئُ هذه المرّة ؟
أتضيقُ العسرةُ على أهلِ أوروك ؟
أيجفُّ الهورُ في بطنِ سَمَكِه ؟
بعدَ خرابِ ما كان
لابدَّ أنْ يتسلّقَ نكبتَهُ بطولٍ آخرَ
أنْ يجلو جُمجمةً
نُخرَتْ بسفسطةِ واعظٍ
أتقنَ رقْعَ خروقِ مولاه . . .
. . . . .
واصَلَ مَضغَ سيجارتِه
لا بغيرِها
عقاربُ السّاعاتِ تُحرق . . .
كم روما أُحرقتْ بعدَ نيرون . . .
كم من بناتِ هيروشيما شوّهتْ وجهَ الأرض . . .
لبلدي منها نسخةٌ أحلكُ سواداً من البيتِ الأبيض !
البغايا
تمضغُ العلكةَ بعدَ الفتح !
. . . . .
انتهى حلمُ الأيّامِ إلى أحاجٍ
علقتْ بأرجلِ الذّباب
حتى تلاشى نقطةً في خيالِ الوهم . . .
قامَ ليرسمَ غصنَ زيتونٍ على سبورةِ الحرب . . .
لكنَّهُ
نسيَ ساقَهُ الخَشبيّة
فسقط . . .
لعلَّ الأرضَ أصبحتْ بساقٍ واحدةٍ كذلك !
أما آنَ للأشجارِ اليابسةِ أنْ تُقلَعَ حطباً لشتاءٍ ماطر ؟
. . . . .
عبد الجبار الفياض
تشرين ثان / 2018
١- ملك الجهات الأربع في الحضارة السومرية .
٢- حذاء الجندي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق