( دراغونوف )قِصَّةٌ قَصِيرَةٌ // بقلم الاستاذة هند العميد

. . ليست هناك تعليقات:

قِصَّةٌ قَصِيرَةٌ بِعُنوان ( دراغونوف)
صَمْتٌ مُطْبِقٌ ، أوراقُ أشْجَارٍ مُتدليةٌ ومتقاربةٌ كغابةٍ كثيفةٍ ، بَيتٌ مَهجورٌ قُبالَةَ نَظْرِ المُرَاقبِ ، قَنَّاصٌ ، تُغَطِّي نِصفَ وجهِهِ وعينِه اليُمْنَى بندقيتُهُ ( الدراغونوفُ ) القنَّاصَةُ ، عَدَسَتُها الدقيقةُ تُقَرِّبُ إلى نظرِهِ مَاكانَ بعيدًا ، مُتَرَبِّصًا مُنتظِرًا مُرَاقِبًا لإىِّ حركةٍ مُتَوَقَّعَةٍ مِنَ العَدوِّ ،لا يسمحُ لإيعَازِ عَقلِهِ بالوهنِ أنْ يُحَرِّكَ أيَّ طرفٍ مِنْ جَسَدِهِ سِوَى ظَهْرِ كَفِّ يَدِهِِِ اليُمْنَى حِينَ تَمْسَحُ عَنْ جَبْهَتِهِ قَطرَاتِ العَرَقِ التي تَنْبُعُ مِنْ تَحتَ خَوذَتِهِ الخَضْرَاءِ ، وكَومَةِ الوَرَقِ المُغَطَّى بِه كَتَمْويهٍ ، عيناه لا تُراقبُ إلا الهدفَ والأفْعَى المارةَ قُبالتَهُ مُتَوَجِّسًا منها خِيفةً أنْ تَنتبَه لوجودهِ ،فموقِعُهُ المُعْتلِي فَوقَ التلَّةِ كموقعٍ لاصطيادِ الهدفِ كانَ ملجأً لكلِّ دابةٍ خَطرةٍ وبعدَ ساعاتٍ طوالٍ يبدأُ العَدْوَ بالحركةِ البطيئةِ بغيةَ التَّقَرُّبِ لِذَاكَ المبنى المهجورِ والذي قد اُبلِغَ القناصُ سَلفًا بإنَّه مَأوَى لهم ،حركاتٌ حَذِرَةٌ وهادئةٌ ومُتوجِّسةٌ مِنْ جُنديٍّ مَا، يبدأُ القناصُ بالتركيزِ عَبرَ عَدَسَتِهِ وهو يبلعُ رِيقَه مُتتبعًا لحركةِ الخَصْمِ ، يظهرُ بشكلٍ شِبهِ عَلنِيٍّ أمَامَهُ بجسدٍ كاملٍ ، وبوجْهٍ مُلَثَّمٍ تَمَامًا، يَضَعُ المُراقِبُ إصْبَعَهُ عَلَى زِنَادِ الضغطِ فيوقِفُه الشابُّ حِينَ أخذ جَرةَ مَاءٍ يشربُ منها وكأنَّه عَائدٌ من بَيْدَاءَ ، أطالَ الشربَ ورَاحَ يتلذذُ الماءَ المُنحدِرَ منها، تَمْتَمَ القناصُ كلماتِ اعتذارٍ بلسانِ حالِهِ قائلاً : عُذرًا ياصديقُ فَلَدَيَّ أخٌ جنديٌّ مِثُكَ وَعَدَنِي الضابطُ أن يمنحَنِي إجازةً إن أتممتُ مُهمتِي لأعودَ بما جمعتُ من رواتبَ كي يتزوجَ من حبيبتِه ( هناءَ ) أنا آسف لكنَّ أخى أعزُّ منكَ ، ضغط الزنادَ ، لتستقرَ الرَصَاصَةُ  بقلبِ العَدوِّ ، لتقعَ جرةُ الماءِ من يدِهِ مُعْلِنَةً أنَّ لا قوةَ الآن في مَنْ كَان يَحْمِلُها، سقطَ على وجهِهِ وقد تَوَقَّفتْ عَقَاربُ سَاعَتِه وإلى الأبَدِ ، نَهضَ الجنديُّ المُكلَّفُ بالمَهمةِ بعدَ أنْ تَأَكَّدَ أَنَّ لامُناجَي لعدوهِ ليعِيقَ اغتنامَه لعدوهِ بمايحملُ مِنْ ماءٍ أو مَأكَلٍ أو حتَّى إسعافَاتٍ أَوَليَّةٍ ، تَقَرَّبَ وبدأ يُفَتِّشُ ويأخذُ ماينفعُهُ ، ووجدَ هاتفًا لم يزلْ يعملُ بحالٍ جَيدٍ، فَهَمَ بالرحيلِ وَخَلَّفَ بظهرِهِ المقتولَ ، فأستوقفتْهُ رَنَةُ رِسَالةٍ قَادِمَةٍ إلى الهاتفِ المُغتنَمِ ، كُتِبَ فيها، آهٍ لو كنتَ تعلمُ كَمْ اشتاقُكَ ياحبيبي، وأنني انتظرُ عَوْدَتَكَ كَأمٍُ تنتظرُ وَلِيدَها بَعْدَ عُقْمٍ طَالَ لِسِنينَ ....... هناءُ.      

٢٠١٨/١٢/٢٢
هنـــد العميـــد/ العـــراق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نـــوافــير للآداب والثــقافة ... رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني

أهلاً وسهلاً بك أنت الزائر رقم

النصوص الأكثر قراءة اليوم

اخر المشاركات على موقعنا

بائعة البخور // بفلم الكاتبة // مها حيدر

بحث هذه المدونة الإلكترونية


مجلة نوافير للثقافة والآداب 📰 صاحب الإمتياز الاستاذ الشاعر والكاتب الأديب علاء الدين الحمداني شاعر وأديب / عضو اتحاد الصحفيين/ عضو وكالة انباء ابابيل الدولية/نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة قلم

أحدث التعليقات

Translate

تابعنا على فيسبوك

من نحن

نـــوافــير للآداب والثــقافة ... مجلة عراقية عربية 📰 رئيس مجلس الأدارة الاستاذ الشاعر علاء الدين الحمداني
جميع الحقوق محفوظة لدى مجلة نوافير الإليكترونية ©2018

تنوية

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة المـجلة ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك