وصل الطائر المهاجر الى مدينة ( حديثة ) ضمن محافظة الأنبار غرب العراق ، مكان رائع مثل روعة أخلاق وكرم وطيبة أهله ، تكثر فيه( نواعير الماء ) التي أخذت مكانها على نهر الفرات لتصبح رمزًا مشهورًا لهذه المدينة العريقة .
حط الطائر وهو يشعر بالتعب قرب إحدى ( النواعير ) الجميلة ، حيث التقى صديقه ( الهدهد ) الذي رافقه في جولة بمدن وقرى وصحاري الأنبار الشاسعة ، أثناء تجوالهم أخبره عن أجمل حكاية يتداولها الناس في أحاديثهم ومجالسهم وهي قصة ( الحبر الأبيض) .
كانت هناك بنت صغيرة تحب القراءة وتتصفح دائما كتب أبيها ، في يوم من الأيام كانت تبحث عن كتاب تاريخ العراق ، فوجدت جنب الكتاب علبة جميلة حمراء اللون ، فتحتها لتجد بداخلها شيئًا أبيض يخرج منه صوت جميل .
قال لها : ماذا تريدين يا جميلتي ؟
ردت مستغربة : من أنت ؟
قال بصوت جميل : ألم تعرفيني ؟ أنا الحبر الأبيض الذي يمسح الأخطاء .
قالت البنت متعجبة : وكيف هذا ؟!
رد الحبر بثقة عالية : هيا بنا نجرب .
في اليوم التالي ، عندما ذهبت البنت الى المدرسة رأت أحد الأولاد وهو يضرب إحدى القطط ، فقالت له : ماذا تفعل ؟! .
رد بعصبية : إنه يزعجني ولا أحبه .
قالت ناصحة : إن الله أوصانا رفقًا بالحيوان وهذا التصرف يغضب الله سبحانه وتعالى .
أطرق الولد برأسه قائلًا : أنا أعتذر لم أكن أعرف ذلك ، ولن أعيدها مره أخرى .
هنا قال الحبر الأبيض : وهكذا مسحنا هذا الخطأ .
في الطريق رأت إحدى الفتيات وهي ترمي الاوساخ على الارض .
قالت معاتبة : لماذا تفعلين ذلك ؟! إنه عمل قبيح وينقل الأمراض للناس ، الآ تشفقين على عامل النظافة الذي ينظف صباحًا ومساء ؟
عندها قالت بصوت خجول : أنا آسفة ، ولن أعيدها مره اخرى .
هنا قال الحبر الأبيض : ومسحنا هذا الخطأ أيضًا .
وعند رجوعها الى المنزل رأت رجلًا فقيرًا وبجوارهِ ولد مشاكس يضحك ويستهزئ به . صرخت وهي غاضبة : لماذا تفعل هذا ، إنه رجل عجوز وبعمر أبيك ؟! .
رد الولد : كنت ألعب ، ولا أعرف أن هذا العمل قبيح . سامحني ياعم ولن أعيدها مره أخرى .
قال العجوز : حسنًا يابني سامحتك لأنك أعترفت بذنبك ، وهذا يدل على أنك ولد لطيف .
هنا قال الحبر الأبيض : ومسحنا هذا الخطأ أيضًا .
عرفت الآن يا أبنتي ما هو عملي ؟
قالت البنت فرحة مبتسمة : نعم ، وكذلك يجب علينا أن نراجع أنفسنا ونصحح أخطاءنا ، ليمحو الله سبحانه وتعالى ذنوبنا وعثراتنا .
مها حيدر
من مجموعتي القصصية ( الطائر المهاجر )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق