قِصَةٌ قَصِيرَةٌ
بِعُنوان ( الاهْتِمَامُ الزَّائدُ كَحَلاوَةِ العِلْكَةِ)
كَانَتْ الجَدَّةُ تُطَرِّزُ قِطْعَةَ قُمَاشٍ أبيضَ بِوَرْدٍ زَاهٍ غَيرِ مُنْتَظِمٍ نِسْبِيًّا ، حِينَ سَمِعَتْ طَرْقَاتِ البَابِ الشَّدِيدةِ التِي لا تعتادها إلا تلكَ البِنْتُ المُتزوِجَةُ حَدِيثًا فِي العَائِلَةِ ، " ياسمينُ " ابنةُ العشرين رَبِيعًا العَرُوسُ مُنْذُ سِتَّةِ أشْهُرٍ وَنِصْفٍ ، تَعَوَّدَ أهْلُهَا عَلَى زِيَارَاتِهَا الطَوِيلَةِ عَقبَ كُلِّ جِدَالٍ بَينَهَا وَبَينَ زَوجِهَا ، تَدْخُلُ صَارِخَةً مُثَرْثِرَةً بِمَا حَدَثَ بَينَهُمَا دُونَ أَنْ يَسْتَفْسِرَ حَالَها أَحَدٌ، مُلْقِيةً اللومَ عَلَى إِهْمَالِ زَوجِهَا لِتَفَاصِيلَ قَدْ يَتَجَاوَزُهَا أَغْلَبُ الرِّجَالِ بِطَبْعِهِمْ ، لَكِنَّ الشَّابَةَ تُرِيدُ أَنْ يَكُونَ زَوجُها عَلَى سِنٍ وَرُمْحٍ مِنَ التَّرْتِيبِ والتَّهْذِيبِ بِكُلِّ شَارِدَةٍ وَوَارِدَةٍ فِي أُمُورِ حَيَاتِهِ ، لَمْ تَكُنْ تَجِدُ مِنْ مُهَدِّئٍ لِرَوعِهَا إلا العِلْكَةَ التِي تَمْضُغُهَا بِافْتِراسٍ وكَأنَّهَا تُفْرِغُ كُلَّ طَاقَاتِهَا السَّلْبِيَّةِ فِى حَرَكَةِ فَكِّهَا المُسْتَمِرةِ ، وكَعَادَةِ الأهْلِ يَسْتَمِعُونَ لَهَا ويُهَوِّنُونَ عَليهَا بِكَلِمَاتٍ تَجِدُهَا مُجْحِفَةً حَقَّهَا لِمَا لا تُعَادِلُهُ مِنْ غَضَبٍ ، اِبْتَسَمَتْ الجَدَّةُ ولَوَّحَتْ بيدهَا لياسمينَ بِإنْ اقْتَرِبِي ، جَاءَتْ الشَّابَةُ بِخطواتٍ تُسْمِعُ كُلَّ مَنْ حَولهَا بِفِعْلِ الضَّرْبِ عَلَى الأرْضِ وهِيَ تَضُمُّ يَديهَا نَحْوَ صَدْرِهَا قَائِلَةً: نَعَمْ جَدَّتِي..
والجَدَّةُ تَجُرُّهَا مِنْ يَدِهَا لِتُجْلِسَهَا بِجَانِبِهَا : يا حَبيبتِي لا تُحَلُّ المَشَاكلُ هكذا ؛ فَالرَجُلُ أو أى إنسانٍ يَضْجُر مِنْ كَثرَةِ اللومِ ، وإنْ كَانَ مِنْ شِدَّةِ الاهتمامِ ، ياسمينُ وهِيَ تَبْصُقُ العِلْكَةِ مِنْ فَمِهَا لِتُقَاطِعَ جَدَّتَهَا بِعَصَبِيَّةٍ : لَكِنَّنِي أهْتَمُّ بِهِ يا جَدَّتِي وهُوَ لا يُقَدِّرُ لِي ذَلكَ
-الجَدَّةُ : لِمَ بَصَقْتِي عِلْكَتَكِ يا حَبيبتِي ؟؟
-الشَّابَةُ : لأنَّ حَلاوَتَها انتهتْ ولو طَالَ بَقَاؤهَا سَأستمرُ بِمَضْغِهَا إلَى أَنْ أُصَابَ بِمُشْكِلَةٍ فِي فَكِّي ،
-الجَدَّةُ : أرأيتِ كيفَ تَضُرُّ حَلاوَةُ الاهتمامِ لَو زَادَتْ ؟!.
٢٠١٨/١٢/٢٠
هنـــد العميـــد/ العـــراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق