النص :
-------
لو أثمل مما يعتمر في أعماقي
وأرقص على وقع الشجن
أرتمي في حضن الخطايا،
ليبرأ الإثم ويقضي بطهر الجريمة !
لو أفرغ جام قهري في مدادي،
لتستعر الحروف إذ تكتب بعض ناري،
وتحرق كل مفردات الخوف اللعين
لو أعلن لعرش الظلم إلحادي بآياته،
وأرشقه بوابل من زفرات السخط؛
فيركع، لأرتد، عبثا، عن إلحادي !
لو أصلب الآه على خشبة الموت،
فتنزف بقايا العمر، إلى أن يكون الخلاص
لو أعري ظاهر الأشياء عن باطنها،
وأقف في محراب الحق
لأعلن الولاء لأرواح من رحلوا بخوفهم،
بآلامهم
بطهر آثامهم..!
هناك..
حيث وقفوا خاسرين
........................
الدراسة :
----------
لو ..حرف تتحدد معانيه سياقيا لكثرتها .. ولو استعرضنا الافعال: اثمل
افرغ ،اعلن، اصب ،اعري / ضمن سياقاتها الدلالية لوجدنا ان معناه هو التمني للبعيد
( تمني الاشياء البعيدة التحقق ) ، هناك اذاً دافع ذاتي / موضوعي ، يحمل الشاعرة
على طلب او تمن امرا او اكثر صعب التحقق ، وهو ما تعمل قراءتي التحليلية هذه ،على كشف كنهه ، وسانحو في اشتغالي التحليلي منحى نفسيا ، متسقاً مع ظاهر
الدلالات النصية مثل ( اعماقي ، الشجن ، الخطايا ، الطهر ...) وصولا الى : ( ارواح ، خوفهم ، اثامهم ) :
سأقارب معنوياً مضمر دلالات الاشارات النفسية السياقية لبعض العبارات النصية ( سأنتقي بعضها على سبيل الاستشهاد ) :
( لو أثمل مما يعتمر في أعماقي )
القراءة : ليتني انتشي مما يستوطن اعماق نفسي ( وهي اسرار مدفونة
فيها وكونها اسرار فهي مما يُخشى من كشفها للاخرين ) وهنا يكون الانتشاء بكشف
هذه الاسرار.
و المقاربة :
ليتني انتشي بإعلان ما اريده من افكار او اراء لاتعجب الاخر.
(أرتمي في حضن الخطايا )
القراءة : حضن ، اشارة مكانية .
دلالتها : دفء الالفة ، والامان وهي اشارة متضادة مع الخطايا الدالة على استحقاق العقاب وهو ( لاامان ) فما وجه التلاقي بين متضادين هنا ؟
وجه التلاقي تحدده الاشارة ( ارتمي ) ، فلايعقل ان يرمي احدٌ نفسه في موضع مؤذٍ اولايوفر له الامان ، فتكون الخطايا دلالة مزاحة عن معناها وتعني : ماهو محظور من قِبَل ( الاخر) والمقبول من قبل الشاعرة.
المقاربة ( باستحضار فحوى المقاربة السابقة ) :
اريد ان يضمني انتشاء الاعلان عما اتمناه رغم عدم قبول الاخر به ( هنا الاخر تحددت ملامحه بأنه المعارض لمشيئة وارادة الانسان / اخر سلطوي ظالم بدلالة :
( لو أعلن لعرش الظلم إلحادي بآياته ).
فالاخر هنا له ( عرش / سلطة ) ومعارض لارادة الانسان ( الظلم ) وهو مقدس ( آياته ).
ومقاربته : حاكم قامع لارادة الانسان باعتباره مقدس لايجوز الخروج على احكامه
ولو جمعنا المقاربات الدلالية اعلاه يتولد لدينا المعنى المستتر ( التحتاني ) التالي :
الشاعرة تريد الشعور بلذة المجاهرة برفضها لسطوة من يقمعها عن التعبير عما تتمناه وهو :
( لو أعري ظاهر الأشياء عن باطنها،
وأقف في محراب الحق )
فهي تتمنى ( بدلالة معنى/ لو ، السابق الاشارة اليها ) ان تكشف ( اعري ) الحقيقة ( ظاهر الاشياء) مما يسترها ( باطنها ) ، بذا ستكون ادت رسالتها الانسانية ( اقف في محراب الحق ).
وهي تؤكد رسالتها هذه بقولها :
( لأعلن الولاء لأرواح من رحلوا بخوفهم،
بآلامهم
بطهر آثامهم..!
هناك..
حيث وقفوا خاسرين )
وهذه الرسالة هي تلك الامنية البعيدة التي تشير اليها الشاعرة بـ ( لو ) المؤكدة بتكرار لفظها في لغة النص.
وسيجد القارئ ان باقي العبارات النصية تصب مقارباتها الدلالية في سياقية هذا المعنى.
ـ باسم العراقي ـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق