************************************************
لا يمكن للأسلوب ومفاهيمه أن يكون بديلاً للبلاغة .
كل علم من علوم اللغة العربية له مصطلحات وحدود أتقن ضبطها علماء جهابذة . وفق أصول وقواعد تستند إلى بنية وتكوين الكلام العربي وتراكيبه التي تتألف منها الجمل.
وفي علم المنطق لا يمكن الغاء هوية شيء بهوية شيء آخر أو استبدالها ولا يمكن أن يكون للشيء هويتين.
ولو نظرنا في المطول للتفتازاني أو شرح المختصر الذي شغل طلاب العلم من عصر المؤلف إلى يومنا هذا كيف نتركه وكيف تغطي ما فيه من علم مادة جديدة لا تمت له بصلة، هل يقول هذا باحث متخصص ومتبحر في علوم البلاغة والنقد ويفهم مقاصد ومآلات تراكيب الكلام العربي .
لماذا نهرول نحو سراب لنروي أنفسنا من العطش، والسراب تيه.
لنتأمل عروس الافراح للتاج السبكي الذي أبدع في الربط الاصطلاحي العلمي الدقيق ولو اجتمع أدباء العالم لم يأتوا بما اتى السبكي في كتابه ... ثم جاء بعد القرن العاشر السيوطي ليكتب لنا كتابه الفريد عقود الجمان ليوسع من قواعد هذا العلم ثم تلاه العلامة المرشدي ليشرح عقود الجمان شرحا كبيرا واضاف إليه اضافات في غاية الأهمية. وفي القرن الماضي كان الطاهر ابن عاشور أعجوبة هذا الزمان في البلاغة من خلال كتابه التحرير والتنوير .
ثم يأتيك من يقول لك أن البلاغة العربية اصابها الجمود .
متى كان ذلك، وفي أي عصر حدث .
وقيل هذا الجمود فرض علينا تجاوزها في الدراسات النقدية الحديثة.
كلمة (الفرض) أمرها عظيم ، وهذا يعني علينا جميعا أن نرمي كتب البلاغة في زوايا النسيان أو في سلة المهملات
ويجب علينا استخدام علم جديد .
ويجب أن نسكت ولا نذكر علم البلاغة وفي علم المعاني لا نقول بالفصل والوصل ولا اطناب ولا ايجاز، ولا نقول بالبيان من استعارة وتشبيه وكناية، وننسى البديع والمحسنات اللفظية من جناس وطباق وتورية.
إلى غير ذلك لأنه فرض فرضته الحاجة إلى إلغاء البلاغة لأنها لا تحقق المطلوب منها .
لا ادري كيف حققت المطلوب في عصور الابداع وعلو شأن اللغة، ولم تحقق المطلوب في عصر انحطت فيه اللغة إلى مستويات متدنية حتى تداخل الشعر في النثر وضاع النظم وطغى السرد الممل، والاستعارات الممجوجة تحت اسم الرمزية وما هي إلا تعمية للنصوص الهزيلة.
لنرجع إلى مقدمة المرزوقي في شرحه لديوان الحماسة
ولنرجع إلى مختصر التفتازاني الذي دقق وضبط كل عبارة وجملة وحقق مقاصدها وضبط حدودها بشكل عجيب لنتعمق في دراسة هذه الكتب ، وعلينا أن لا نفارق عبد القاهر الجرجاني. فمن زل عن هذه المناهج فقد ضيع وضاع.
أما الأنزياح ... فهذا قصة المجانين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق