عبث الحروف ......عطايا الله
عابثة
تشاغبني
على سطور ناعمة
تلك الحروف
مخملية ناعسة
تجذبني الى هيامها
تستبيح قدسيتي
تنهمر ماطرة
تغدقني ...
أطاوعها بين الحين والاخر
فتغتال قلمي
عَقَرتْ فيوض إنهِمارَ تَبَتُلي
غادرة ... تمكر بي
تستدرجني ... متاهة
تصفدني ...تارة ... أصفدها
لعوبة تُجيد هتك رؤايّ
تَغلغَلتْ ... تمادت بإتقان
رَسَمتْ دورها
أقنعتني ماهرة
تنفذ دواخلي
بالوان قوس قزح
أغرتني أبعادها
انهمرتُ متلاشيةٌ
فأصابها سحري
أنّسَلتْ مطواعة
بين أناملي
فنَبَتُ على الريح
زهرة إقحوان
لم يزل ندى عطرها
يبلل جيّد الحروف
# عطايا الله
ارتحالات الذاتِ وجماليةِ الصورالشعرية ودلالالتها المعنويةُ
في قصيدة ( عبثُ الحروف) للشاعرة عطايا الله محمد
أياد النصيري
&&&&&&&&&&&
مرهفةً الحسِ إنسانة قبلَ كلِ شيءٍ ولكنها شاعرةٌ مُجيدةٌ وتعملُ جاهدةً على أنْ يكونَ صوتها تلقائيا لا يكونُ على حسابِ الرؤيةِ الفنيةِ أوْ تركيبِ الصورةِ الشعريةِ بلْ هيَ تخاطبُ الآخرُ في صورها عبرَ جملِ تحمل بينَ طياتها زخما تلميحيا زاخرا بالشعاعِ منحازا للترميزِ ومرتديا ثوبَ المجازِ والمعنى التجريديِ المبسطِ إنَ جازَ لي التعبير هيَ الشاعرةُ (عطاء محمد )
عطايا اللهِ . . الاسمُ المفضلُ بالنسبةِ لها . . أسماها ومنحها إياهُ والدها واعتزتْ به...صدر لها منجزٌ شعريٌ ديوانُ (مواقدِ ذاكرةٍ مقيمة) نشرتْ لها نصوصٌ شعريةٌ في الجرائدِ والمجلاتِ العراقيةِ على أرضِ الواقعِ كتبَ عنْ أعمالها ونصوصها الشعريةِ بعضَ النقادِ منحتْ لأكثرَ منْ مرةِ شهادةِ دكتوراة فخريةِ منْ مؤسساتٍ رصينةٍ هناكَ شاعرات حقيقيات يمتلكنَ الموهبة إلا أنَ النقدَ ظلمهنَ لاسيما تدخلٌ في عمليةِ الترويجِ والإشهارِ العلاقاتِ والاخوانياتِ والمصالحَ الذاتيةَ لهذا تجدُ الحضورَ الشعريَ النسويَ الحقيقيَ قليلاً بعضَ الشيءِ لابدَ أنْ نقفَ هنا ونعرجُ عنْ بعضِ لوحاتها الشعريةِ ونصوصها النثريةِ حيثُ يكونُ هذا الاختزالِ حلقةً فيزيائيةً طوقتْ لوحاتها الشعريةَ وماوضعته في قارورةِ الألوانِ كانَ مزيجُ منْ نبيذٍ وشمعٍ ودمعٍ ومدادٍ يشبهُ الصديدُ . ذاتَ أنينٍ داخليٍ تمثلُ في الألفاظِ التي اختارتها الشاعرةُ حيثُ تنسجمُ هذهِ الألفاظِ معَ إيقاعِ القصيدةِ ومضمونها فلمَ تكتمُ أنفاسها بالغموضِ والإبهامِ والشاعرةِ ( عطاء ) تتفاعلُ معَ المتلقي وتجعلهُ يندمجُ معَ المفرداتِ والاستعاراتِ . . وصورَ تلتقي بتلذذٍ معَ ذهنيةِ المتلقي . . ومنْ خلالِ إيماءاتٍ دلاليةٍ تحملُ صفةَ التفسيرِ . . وليستْ الشكلانية . . أيْ أنَ المفردةَ عنْ الشاعرةِ ( عطاء ) تنسلخُ عنْ معناها القاموسيِ الجافِ . . وتتحول إلى حالةٍ منْ علاقةٍ كاملة ثلاثيةٍ أطرافها ( الشاعرةُ . . النصُ . . المتلقي . . ) وبذلكَ تكتملُ اللوحةُ بمدلولها المعنويِ الالتقائي الذي ربطَ الأطرافُ الثلاثةُ في نصها الشعريِ (( عابثةَ- تشاغبني على سطورٍ ناعمةٍ - - تلكَ الحروفِ مخمليةً ناعسةً - تجذبني إلى هيامها - تستبيحَ قدسيتي - تنهمرَ ماطرةٌ - تغدقني . أطاوعها بينَ الحينُ والآخرِ - فتغتالُ قلمي)) أنَ ذاتُ الشاعرةِ تحفرُ في الذاكرةِ لترسمَ صورا وتستعيد رؤى وتعانقَ أزمنةً تركتها لتعيدَ إنتاجها على نحوٍ يدخلها في حيزِ مناخاتٍ الابتكاروتبعدها – في الآنِ نفسهُ عنْ مداراتِ التشكلاتِ التقليديةِ عبرَ الارتكازِ على متغايراتْ أسلوبية تحاولُ تفصيلَ الإبداعِ على مقاسات خاصة تستعيرها الذاكرةُ لتستحضرَ زمنا آخريبعدها عنْ زمنها الراهنِ ويوثقها بأزمنة ذاتية أليفة تضربُ جذورها موغلةٌ في أيامٍ زمنية فائتة والشاعرة عبرتْ ذلكَ كلهُ إلى صورٍ غارقةٍ في الخيالِ بقدرِ استعانتها بمتلازماتِ يومية بسيطةٍ تستدعيها منْ الواقعِ إنهُ – بعبارةٍ أخرى – تتكئُ على المكرور والمتداولَ اليومي لكنها تلبسهُ حللاً جديدةً
((عقرتْ فيوضَ انهمارٍ تبتلي غادرةً . . . تمكرَ بي تستدرجني . . . متاهةٌ تصفدني . . . تارةٌ . . . أصفدها لعوبة تجيد هتكَ رؤايَ تغلغلتْ . . . تمادتْ بإتقانِ رسمتْ دورها))
استخدمتْ الشاعرةُ (عطاء محمد) أسلوبا سهلاً ممتنعا بكلماتٍ قصيرةٍ ورؤيةِ جماليةٍ تجذبُ المتلقيَ لقراءةِ النصِ وإتمامهِ حتى آخرٍ كلمةٍ لما يحوي منْ عناصرَ المفاجئةِ والجمالِ والتزويقِ اللفظيِ ففي ذلكَ أعطتْ للنصِ لون عاطفيٍ جريءٍ يضيفُ لقصيدةِ النثرِ إحساس إيقاعيٍ ضمنَ لغةٍ جزلةٍ حيثُ انتقتْ الشاعرةُ الصورَ بعنايةٍ لتعبرَ عنْ العاطفةِ التي تختلجُ في صدرها بوضوحٍ وحتى يتسنى للقارئِ الوصولِ إلى المغزى الذي تريدهُ الشاعرةُ فالكلمات إيحائيةٌ توحي بالحزنِ الشفيفْ وخصائصُ صوتيةٌ حسيةٌ مؤيدةٌ سماتِ شعرِ وإغماءاتِ التعبيرِ التي ترفرفُ بأجواءِ الإبداعِ الشعريِ وإذا ما دخلنا في النصِ نجدُ أنَ ذاتُ الشاعرةِ تحاولُ جاهدةً التوسلِ بقصدياتْ ضاغطةً بغيةَ الاقترابِ منْ سطحِ الانكشافِ الدلاليِ لتعلنَ عبرها عنْ أزمنةٍ ذاتيةٍ خبيئةٍ في الأعماقِ السحيقة منْ الذاكرةِ تستطيلُ خلالَ النصِ لتكونِ الأكثر إفصاحا عن رأى مستبدةً في الروحِ الشاعرةِ
(( أطاوعها بينَ الحينُ والآخر- فتغتال قلمي أقنعتني ماهرةٌ- تنفذُ دواخلي بألوانِ قوسِ قزحٍ))
المبدعةِ ( عطاء ) لها تجربةُ شاعريةٍ فيها منْ الخصوصيةِ ما منحنا الجديدُ الضاجْ بالحيويةِ والتدفقِ بنصوصٍ تحلقُ بنا عاليا بأجنحةِ مفرداتٍ مفعمةٍ بالإشراقِ والتألقِ انفتحَ النصُ على همومِ الذاتِ الشاعرةِ ومعاناتها منْ خلالِ صورٍ شعريةٍ فيها الشفافيةُ والتكثيفُ يستفزُ المألوفُ الشعريُ بنسقٍ جماليٍ وفقَ معاييرِ قصيدةِ النثرِ وسماتها في شكلها ومضمونها إلا أنها ذاتُ مناخٍ شعريٍ واحدٍ يكادُ يهيمنُ على نصوصها الشعرية وقدرتها على تحويلِ اللفظةِ منْ معناها الوضعيِ إلى معناها الشعريِ وبلغةِ انزياحيهْ خروجٍ عنْ المألوفِ والسائدِ منْ اللغةِ الذي يزيدُ منْ المسافةِ الجماليةِ أنَ ذاتُ الشاعرةِ استطاعتْ فنيا أنَ تتمظهرْ في هذا النصِ عبرَ الحالةِ الشعريةِ ( الإيحاءُ والتلميحُ والإشارةُ . . ) وأنْ ترسمَ روحيةُ التفاصيلِ
((أغرتني أبعادها—انهمرتْ متلاشيةً- فأصابها سحريٌ- انسلتْ مطواعةً بينَ أناملي- فنبتَ على الريحِ زهرة أقحوان-- لمْ يزلْ ندى عطرها- يبللُ جيدٌ الحروفِ))
نص فيه من الموسيقى الداخلية المتأتية من الكثافة والتوهج والايقاع الداخلي الذي يحدثه مسافة التوتر التي اعتمدتها الشاعرة (( عطاء محمد)) في تكوينها اللغوي لجملها الشعرية
&&&&&
....................................................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق