علم البلاغة:
ومعناه الفصاحة في القول والكلام, مع الحرص على إضافة الجماليات اللغوية عليهما ليساهم
في زيادة نأثيرهما على القارىء أو المستمع.
_ اصطلاحاً علم البلاغة هو استخدام أسلوب الوصف للتعبير عن الكلمات , وهو
أحد علوم اللغة العربية المهمة والذي يعمل على إيصال الافكار والمعاني بأفضل الطرق ,
مع الحرص على إضافة الجماليات اللغوية عليهما ليساهم في زيادة تأثيرهما على القارىء أو المستمع .
مصطلح البلاغة ظهر للمرة الأولى مع عبد القاهر الجورجاني في كتابه "أسرار البلاغة"
فقد حاول أن يجد تحديدا للمصطلحات التي كانت في عصره فضفاضة في معانيها , غير دالة عليها .
فالبلاغة عنده هي " في وصف الكلام بحسن الدلالة , ثم شرحها بصورة أبهى وأزين , وأنقى وأعجب لأن تستولي على هوى النفس , وتنال الحظ الأوفر من ميل القلوب"
وهكذا بنى الجورجاني نظرية شاملة تبناها عديد من الدارسين واعتبروها أساساً للعديد من مجالات الدرس اللغوي الحديث .
يقسم علم البلاغة في اللغة العربية, إلى ثلاثة أنواع من العلوم :
أ. علم المعاني .
ب. علم البيان
ج. علم البديع.
_فعلم المعاني يقسم إلى مجموعة فروع , من أهمها : الخبر والإنشاء .
فالخبر: هو نقل الكلام وهو يدل على صدق أو كذب الناقل أو المتكلم .
أما الإنشاء فهو الكلام الذي يحمل الفكرة مع تنوع المعاني الخاصة بكلماته.
- أما علم البيان فهو:
" العلم اللغوي البلاغي الذي يعني الوضوح والإفصاح وإظهار المقصود بأبلغ لفظ , حتى تظهر الحقيقة لكل سامع" ( إسلام غنيمات)
كما انه يعرَّف من قبل علماء اللغة بأنه" العلم الذي به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه "
وهو يحتوي على مجموعة من القواعد المستخدمة لإيصال المعنى بطرق وفنون مختلفة مثل استخدام فن :التشبيه , أوالاستعارة أو المجازأو الكناية .
أ_التشبيه وهو إنشاء علاقة تشابه بين أمرين, لوجود صفات مشنركة بينهما, وله أربعة أركان:
المشبه , والمشبه به, وأداة التشبيه , ووجه الشبه .
ب_ الاستعارة : هي تشبيهٌ حُذف أحد طرفيه المشبه أو المشبه به , وعند غياب أحدهما تظهر الاستعارة. وكل استعارة تحوي تشبيهاً لكن, ليس كل تشبيه يحتوي على استعارة .
ج_ الكناية : هي الأسلوب الذي يستخدم عندما يكون للكتابة أو اللفظ معنى ظاهراً ولكن يراد به معنى آخر يكون مخفياً .
ويقول الجرجاني عن الكناية بأنها " سميت كذلك لأنها تخفي وجه التصريح بالشيء , فلا تصرح عنه بشكل مباشر إنما بلفظ آخر. "
فقولنا : فلان كثير الرماد , لا يعني ( كثرة الرماد عنده ) وإنما ذلك كناية عن جوده وكرمه بأنه كثير.
_ علم البديع هو العلم الذي يبحث في تحسين الكلام اللفظي أو المعنوي ويقسم إلى الفروع الآتية :
1_ الطباق وهو الذي يجمع بين متضادين في المعنى مثل ( يتعاقب الليل والنهار )
2_ المقابلة وهو تركيب يجمع بين أكثر من لفظ ويقابله أكثر من لفظ مضاد له .
كما يقصد بالتقابل , وجود طرفين من الألفاظ يحمل أحدهما خلاف المعنى الذي يحمله الآخر
3 _السجع : وهو أحد فنون البديع التي تميزت بها اللغة العربية, وهو من أبواب البلاغة المزينة لكلامهم , وقد كان هذا الفن منتشراً في الفنون النثرية القديمة كالخطب , والمقامات ,
ويعتبر من أبرز فنون البلاغة في القرآن الكريم .
تعريف السجع :
السجع هو تشابه فواصل الكلام على نفس الحديث , وذلك بأن تحتوي الجمل على نغمة إيقاعٍ
متشابهة , مما يعطي رونقاً ونغمة موسيقية للتعبير , يكون لها أجمل الأثر
في نفس وأذن السامع .
والسجع نوعان هما : السجع الطويل والسجع القصير.
4- الجناس
هو تركيب يحتوي على كلمتين متشابهتين لفظاً, لكنهما تختلفان في المعنى , وهناك نوعان :
_ا لجناس التام : وهو اتفاق اللفظ مع اختلاف في المعنى
الجناس المنقوص : مثل كلمتي : تقهر وتنهر , تشابه في اللفظ واختلاف في المعنى .
_ قدمت البلاغة العربية خدمة جليلة للُّغة العربية وللقرآن الكريم , لكنها _ وبعد ازدهارها_
دخلت في عصور التجمد والتكرار مما فرض تجاوزها في الدراسة النقدية الحديثة , ولكن
هذا التجاوز لا يعني قطيعة ابستيمولوجية مع البلاغة , بل مجرد تطوير , وهكذا حل الحديث عن
" الأسلوبية الجديدة " بدل القول : بلاغة جديدة.
( بوطاهر بو سدر _ظاهرة الانزياح _ الألوكة الأدبية .)
فما هي إذن "الأسلوبية الجديدة "؟
مصطلح "الأسلوبية " Stylistique" يطلق على منهج تحليلي للأعمال الأدبية ,
يركز على استبدال الذاتية في النقد التقليدي, بتحليل علمي موضوعي للأسلوب في
النصوص الأدبية, يعنى بدراسة الخصائص اللغوية التي تنقل الكلام من مجرد وسيلة
إبلاغ عادي إلى أداء تأثيري فني.
_ ما الانزياح ؟
_تعددت مصطلحات الأسلوبية ومفاهيمها وآليات اشتغالها , ويعتبر " الانزياح"
من أشهر هذه المفاهيم , التي ظهرت مع الشعرية الحديثة , وذاك أن الشعرية
تختلف عن غيرها اختلافاُ كبيراً , فاللغة العلمية البحتة مثلاً , تميل للأسلوب
التقريري المباشر الذي تكاد تنعدم فيه نسبة التأويل , مما يضع المتلقي أمام
دلالة واحدة على العموم, رغم اختلاف المتلقين ومستوياتهم ومشاربهم الثقافية.
تعريف الانزياح:
لغوياً يقال : زاح الشيء , إذا ذهب وراح , وفي المعجم يقال: انزاح انزياحاً
فهو منزاح, وانزاح الشيء أي ذهب وتباعد .
نقول : العالم " ينزاح انزياحاً" بسبب الكورونا .
وفعل ينزاح هنا , جد معبر عما يحصل في الكون من تغيرات و تقلبات خارجة
عن كل ما هو مألوف, بسبب تداعيات وضراوة فيروس " كورونا "
تبنَّى مفهوم الانزياح عدد من الباحثين والنقاد منهم "جون كوهن"الذي يرى :
" أن الشرط الأساسي والضروري لحدوث الشعرية , هو حصول الانزياح ,
باعتباره خرقاً للنظام اللغوي المعتاد وممارسة استيطيقية ."
ورغم أن الانزياح, هو مصطلح حديث ارتبط بالأسلوبية وبالشعرية الحديثة , لكن
لهذا المفهوم جذوراً بلاغية تعود إلى البلاغة اليونانية , كما نجد عند أرسطو,
الذي كان يفرِّق بين اللغة العادية المألوفة والشائعة, وبين اللغة الغيبية غير المألوفة ,
مؤكداً أن الثانية هي اللغة الأدبية. لانها "تعبير عن الحركية والتجدد والحياة"
على عكس اللغة العادية الدالة على السكون والنمطية .
أما في البلاغة العربية , فقد اهتم البلاغيون بالخروج عن القاعدة والمألوف
بتسميات مختلفة يظهر فيها تقارب من مصطلح الانزياح , كمثل الاستعارة والتقديم
والتأخيروالعدول وغير ذلك ..
ويعد الجرجاني من أبرز النقاد الذين تطرقوا لمواضيع تلامس الانزياح بمعناه
, حيث أولى عناية خاصة لل"عدول " وعده ميزة كبيرة للشعر.
حديثاً , اهتم معظم النقاد بمفهوم الانزياح , وعلى رأسهم " عبد السلام المسدي "
و"صلاح فضل" وغيرهما, ولديهم مصطلحات متباينة , تتداخل مع مصطلح الانزياح
, وأهمها : العدول والتغريب .
فالتغريب يسعى لصدم المتلقي بخروجه على ما هو معتاد , وذلك بجعل
المألوف لديه غريباً , عن طريق التنوعات الفنية .
فالانزياح إذن, ظاهرة هامة في اللغة العربية, وأداة فنية وجمالية تنبه لها
العرب منذ القدم ولو بمصطلحات أخرى أهمها "العدول"
كما نجد عند ابن جني
, وعبد القاهر الجرجاني وابن رشيق القيرواني
بعد كل ما تقدم ذكره , تتضح أهمية الإلمام بالأساليب البلاغية, كمحطة رئيسة على طريق
إخراج أعمال أدبية وشعرية إبداعية .
المراجع :
_ ما هو علم البيان إسلام غنيمات موقع موضوع
الكلام والأسلوب : عبد العزيز السبيل مجلة الشرق
ظاهرة الانزياح بو طاهر بو سدر شبكة الألوكة
علم البيان نورا شيشاني
_ "الاستعارة هذا الرافد العظيم برحابته الدلالية وابعاده الإيقاعية الشعرية."
( قول للأستاذة زهرة خصخوصي )
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق