ماجدة أبو شاهين
جمالية اللغة والدلالة الشعرية
في قصائد حنين الروح
أياد النصيري 2018
_____________________________________
مدخل
ماجدة أبو شاهين-- عربية الاصل تتقن اللغة العربية من حيث الأختصاص في مجال عملها-- لها حضورها المميز في ميادين الأدب والثقافة وحضورها الدائم في أماسي ومهرجانات مدينتها السويداء في سوريا شاعرة مرهفة…من حيث احتراس المفردات وثراء اللغة وخصب الخيالية. ..التعبيرية. .لم تفتقر تيارات رياحها الى كثافة المعنى ولا لاحتواء المسحة الازدواجية كانها استدلال لاكتشاف روحها التي لم تخرج عن الموضوعية ..دون الاعتماد على الخيال الابتكاري الذي أبدعته صورها الذهنية. من خلال مشاهد لم تسبق أنها شاهدتها. . بل ستشاهدها--
…هي شاعرة عربية سورية الصل تنتمي بشعرها الى الحداثة الشعرية وتمتلك ادوات شعرية فريدة ، من خلالها تبحر بصيرتها نحو الابداع واتخاذ السبل الامثل في ايجاد القصيدة وحضورها المستمر
تتداول اللغة الشعرية لدى الشاعرة((ماجدة أبو شاهين)) من خلال اندماج الصور التي تعتمدها ، وهنا تنهض المخيلة ودورها في المعاينة والتطبيق ، فقد لزمت المفردة من أطرافها كي لاتغيب عن الوعي الشعري الذي تملكه ، وهذه دلالة خاصّة تتحلى بها الشاعر ضمن اسلوبية معينة تتكئ عليها للتخلص من الشوائب والحشو وكذلك تمتهن الحداثوية في سعيها لايجاد نصّ يرضي البصر والبصيرة .. ويمكن الحديث هنا عن نوعين من المعينات والقرائن ، فمنها مايتعلق بالعوامل أو أطراف التلفظ والقول والكلام . من ثمّ تحيل معينات العوامل على المتكلم والمستقبل وتسمى بالمعينات الذاتية ... أما المعينات الثانية ، فتحيل الى اللفظة وتلفظها وسياقها التواصلي
ظهرت الشاعرة جلية بعقد الصلة بين صور متباعدة احسنت الشعر بحكم تداعي الصور والمعاني فأتت بخيال مجنح اختلف بألوانه ومعطياته
. تكتب الشعر برهافة الحس وأبتداع الصورة والمقدرة على نحتها . ففي نصوصها الشعرية ، اللغة الشعرية واضحة تتسم بصفاء المفردة ، فهي لا تلجأ إلى أسلوب الغموض الملغز ، الذي يلجأ إليه البعض في الكتابة ، بوعي أو دون وعي من أجل أبهار القارئ بما يمتلكه - الشاعر- من مقدرة على الغوص في متاهات اللغة المبهمة وكأن الغموض هي صفة للتميز وأثارت أندهاش المتلقي0
النص الشعري للشاعرة ((ماجدة أبو شاهين))يستدعي الغوص في ثناياه وفهم مغزاه ووضع التأويل المناسب له ، والتمعن بمعانيه وموسيقاه الشعرية ، فالبناء الفني لنصوصها شكل وحدة واحدة متكاملة ، في ربط النسيج الشعري في النص بالبنية اللغوية المكثفة له . فاللفظ فيه كون صورة في السياق اللغوي ، تنطق بكل المعاني والدلالات ، عبر الكشف عن التناقضات النفسية والانفعالات العاطفية بما يجول في ثنايا الشاعرة ، فتمارس وعيها الأنثوي بشفافية ، في الكشف عن الوقائع والأشياء التي تتعلق بمرتكزات عوالمها ، فهي حين تكتب تخفي وراء نصوصها إحساساً معيناً يستحوذ على مخيلتها ، ينعكس على تجربتها ورؤيتها لمحيطها
حنين
يعود ُالمساءُ...
فتطفو زهورُ الحنين .
على بِركة ِالقلب ِ...كالياسمين..
وحولي يدورُ خيالُكْ
خفيفاً يدورُ ويلهو ..
فيدنو ..ويدنو ..
يلامسُ روحي ..
نَدِيَّ الأصابعِ..
عذبَ الملامحِ ..
ضاوي الجبين
****
عيونُ المساءِ ..
تراقبُ ظِلّي..
تناغي شجوني
وتشعِلُ قنديلَ بوحٍ
بعتمةِ روحي ..
يلفُّ الفضاءَ ..
رداءُ الدجى
ويكشفُ عن عورةِ الذكريات
فأشفقُ منها على سدْرةِ القلبِ
وألجمُ شوقي ..
التماساً لبعض السكون
فهذا المدى ..
تراءى إليّ ..
قوافلَ غيمٍ
تسابقُ خيلَ السماء ..
وتنذِرُ لؤلؤتي بالأفول ..
=======
..إن المشهد الشعري لقصائد الشاعرة ( ماجدة أبو شاهين ) في نصوصها الشعرية الكاملة تمتلك بعداً انسانياً واعياً على أساس الدخول في تقنيات القصيدة بأنها بناء موضوعي شامل بلغة مؤثرة مأنوسة، فهي تهتم بالقصائد القصيرة حدّ الصورة المكثفة الموحية إذ تعطي الشاعرة مفاتيحها ليشترك معها القارئ ومكملاً لفضاءاتها، فهي مكتنزة بالصور المتتابعة لتكون نسيجاً موضوعياً فاعلاً، فالقصيدة عندها هم، فهي مسكونة بها، فقصائد الشاعرة تصل الى الروح والعقل، فهي ليست قصائد عفوية، وإنما التزام شعري يدل على الوعي الذي يميز القصائد ويمنحها قدرة التكامل
------------
آه ٍ لو كان َ بإمكاني....
أن أبذُر َحُبّكَ ..
في حقلي ..
وأكونَ الزارع َوالجاني..
أن أرويَه...
دمعَ المُقلِ
وأداريَه بالأجفانِ
آه...
لو كان بإمكاني ..
أن أحملَ عشقكَ فوقَ الغيمِ
وأمضي كالمطر ِ ِ الحاني
أن أهْميَ غيثاً ...
في تشرينَ
يروّي تربةَ أوطاني
يا نوراً يسكُن ....
ُعين َالشمس ..
يا نبعاً يُطفِئ نيراني
يا حُلماً..
أزهر َ ذاتَ ربيعٍ..
في أوردتي وشرياني..
اتوسّلُ غيماتِ الدنيا
أن تحمِلَ شوقي لِخلّاني
===========
تستمد شاعرتنا ماجدة لُغتها من لغة الحياة العاطفيه اليوميه بعد أن تنصهر في بوتقة الصور والامواج والمصطلحات , تقدم أو تحاول أن تقدم سيرتها الشخصيه .. لا تبدأ من الصفر لكنها تبدأ من (القمة)أو( الذروة) اذا صح التعبير , الرمز المكاني في أشعارها له هذه الدلالات التي تتجسد لنا كجزء هام جدا من حياة هذا الوطن, تتصادم مع الرفض ... ثم تتضافر مع الخطوات السريعه (سالبة كانت أم ايجابيه) ثم ... نسمع صرخات الوليد الشعري عندما تتبلور كل الصور مع كيان ووجدان المتلقي ... اللغة عند ((ماجدة ابو شاهين))تميل الى التوتر ... تنقلاتها لاهثة بسبب السرعة ... الإيقاع محسوس في كل الحروف , تنتقل دائما بنا الى مرحلة عرض التجارب الحياتيه لها , انها مرحلة الإحتكام والتحكم , تتحقق لها دائما الولادة , انها تحاول أن تحقق هذا النوع الواعي من التكامل القائم على التضاد ... أو بطريقة أصح المزاوجة بين هذه الخطوط العكسيه
تتخذ اللغة الشعرية في تجربة (ماجدة أبو شاهين) أهمية بالغة، ولا غرابة في ذلك، لأنها استطاعت بحكم تمرسها بالكتابة الشعرية أن توظف معرفتها العميقة بخبايا اللغة العربية، نظرا لإحاطته بعلوم آلاتها، واكتشافها لأسرارها، تطوعها بجدارة لتنحت منها لغة نضرة حديثة تتفرد بها لا عن باقي الشواعر السوريات فقط، بل وحتى عن بعض الشواعر العربيات
غروبُ الروح
وفي الأفُقِ المُكْفَهرِّ جبيناً
يلُوح ُغرابُ النهاية ..
يوسّع هذا الظلامَ.....
بمِقدارِ حُزنِكْ
وينعق ُ في أذُنِ الليلِ
بعضَ الحكايا..
فيهتزُّ خوفُك ْ
كفزّاعةٍ للطيورِ
تباهي بأثوابِ ظلِّكْ
وتُبعِدُ سربَ الأماني
وتُسرِج عتماً
...علىِ ظهر ِخَيْلِكْ..
******
لِتَنْفَضَّ عنّي..
وأغربْ بعيداً
نذيرَ الظلامِ
لماذا تحومُ بِساحي
وتحجُبُ شمسي
فينأى سلامي..؟!
أحبّ ُ الحياةَ بلونِ الربيع ِ
وعطرِ المطر ْ
ف طِرْ وابتعدْ
سأفتح للقلبِ بابَ السعادة
بابَ البداية ِ
لا ..لا تعُدْ
-----------
والشاعرة طوال عهدها بالكتابة الشعرية، كانت دائما تؤكد على أن ممارسة اللغة تتم عبر شعائر التلقي- من جهة- وشعائر الخطاب- من جهة أخرى- لذلك ترى أن الأصالة والجلال ذاتيان في كل لغة، جريا على القولة المشهورة:
" الأسلوب هو الإنسان نفسه"
إلا أن أصالة (ماجدة ابو شاهين اللغوية ) منها ما هو مرتبط بوظيفة التعليم التي طالت عهدها بها من جهة، ومنها ما هو متعلق بممارسة الكتابة من جهة أخرى، ومنها ما هو لصيق بالذوق من جهة ثالثة، ومنها ما هو نتيجة لطابع الرؤيا الشعرية من جهة رابعة وهنا نقرا كل ذلك من خلال نصها ((المستحيل المستطاب )
رسمتُك َ في الهوى قمراً
وعيناك َ نُجَيْماتٌ
وأنفُكَ زهرة َ النرجسْ
وثغرُك َ من رحيق الشّهدِ ..
غطّتهُ فراشاتٌ
تقبّلُهُ فتُغريني..
أيا قمراً يُهاتفني..
فيوقظُ بالندى ورْدي
نسيمُ الليلِ ..
يحملُ شوقَهُ المحمومَ
قافية ًتغنّيني
تغيب ُ يلفّني ضجرٌ
ويعقد شالَه المخمور َ
زنـــّاراً على خصري ..
يدافعني ..
يُجَرْجِرُني كثاغية ٍ
إلى سكّين أحزاني...
تعودُ إليّ مثلَ الصيفِ...
بين يديك غَلاّتٌ...
وسَلّاتٌ...
من التفاح والزيتون والتين ِ
وتعصرُ من نسيمِ البحرِ أشرِبةً
تعلّل ُمهجتي الحرّى
وتنعشني ..
وترويني
رسمتُكَ كوكبي الأقربْ
إلى جوزاءِ أحلامي
وانت عذابي َ الأعذبْ
فلا تنأى وتُشقيني
--------------------
لقد تجاوزت( ماجدة )فكرة البيت باعتباره وحدة القصيدة، ونظرت إلى القصيدة كوحدة كلية مقسمة إلى عدة أجزاء أن الأبيات بالنسبة إلى الشعر المنظوم نظائر الحروف المقطعة من الكلام المؤلف، والفصول المؤلفة من الأبيات نظائر الكَلِم المؤلفة من الحروف، والقصائد المؤتلفة من الفصول نظائر العبارات المؤلفة من الألفاظ
ومعنى هذا القول أنه إذا كان الحرف لا يحمل دلالة لغوية في نفسه، ولا يؤدي وظيفة مستقلة عن غيره، فإن بيت الشعر أيضاً لا يستقل بمفرده بدلالة مستقلة، ولابد أن ينضم إلى غيره من الأبيات ليشكل بنية دلالية أكبر، تحمل الفكرة الأساسية التي انطلق منها المبدع.
إن الشاعرة (ماجدة )لم تتوقف غايتها عند مجاوزة حدود الجملة إلى الفصل أو مجموعة من الجمل أو الأبيات، وإنما تسعى إلى أن يكون بين الوحدات الكبرى أو الفصول تلاحم دلالي وتماسك يبرر عملية تراتبها وتعاقبها وراء بعضها البعض، ليصبح النص في مجمله وحدة واحدة مكونة من عدة جزئيات، ترتبط كل واحدة منها بما قبلها وما بعدها في صورة تلاحمية.
إن ما تسعى اليه(اماجدة ) هو خلق بنية متماسكة الأجزاء والأطراف لتكون أشبه بالسبيكة المصقولة، التي تتماهى داخلها الجزئيات والأشكال، فلا نشعر بوجود نتوءات تضعف من بنيانها، أو تذهب برونقها وبريقها؛ لذا فهي تولي اهتمامها بالمادة المكونة للنص، ثم العلاقات التي تنشأ بين جزئياته وفصوله ويصوغ ذلك في شكل قوانين ثابتة، لابد من مراعاتها عند إنتاج النصوص "والكلام في ما يرجع إلى ذوات الفصول، وإلى ما يجب في وضعها وترتيب بعضه من بعض وهذا مانجده في نص (أغنية للحب)حيث التناسق الجميل وذو لغة رصينة
أغنية للحب
غازلْتَني.....
أطلقت َ أسرابَ الحمائم ِ
في دمي
وجعلْتَني
مَفْتونةً بأنوثتي
حوريّة.ً ....لوّنْتني
وأعدْتني..
لبراءتي وطفولتي..
جَذْلى بها كالمُغْتَني
أعدو بألوانِ الربيعِ فراشةً
نشوى ....
وأعناقُ الزهورِ تتبعُني
عانقْتني ....
غنّت سواجي الطير .
لحناً في فمي
وعبَرْتَ بِيْ
فوق بحارِ الحبِّ.
هذا المدى....
مرعى خِرافِ سعادتي
نعلو. ..
وتعلو تَمائِمي . ..
ليظلَّ هذا الحلم ُفيكَ مقيّداً
خلفَ تخومِ الوقت . ..
والأنحاءِ و الأبعادِ..
هذا ذراع ُ الشمس ..
لمَّ ستائري ..
يا ليتكِ عُصفورتي...
من حُلمي ما أيقظتني....
--------------------------
ناقشت المخيلة بشكل استثنائي بحيث كانت قادرة على أنتاج تركيب معقد من الفهم وأظهرت الجمال الروحي الذي لايراه القارئ أحيانا مثلما يتحسس الوجع المجازي ونقلته من حيز الوجود الى شكل تيارات او رياح تهز المشاعر وتستنهض العاطفة العميقة التي أستنبطتها من صدق الوجدانية. .ففي قصيدة((امي)) لابد من الأعتراف مسبقا أن في القصيدة المستوى المباشر لمضمون القصيدة على مستواها الدلالي الأرحب تبدو واضحة من خلال ما للافعال من دلالات الحنو والرعاية ولعل في إحالة صورة الأم في النص الى رمزها الأشمل ((القضية)) أن من بين ابرز عناصر نضج هذه القصيدة إمكانية قراءتها على اكثر من مستوى دلالي-ليس في حياة الانسان ماهو أسمى من الأمومة (واقعا ودلالة) بعد معتقداته الدينية ماشد بصيرتي لمفردات النص التي تحتاج الى عين حذقة تدرك خصوصية الشعر وتجيد التحول بين البنيات الشعرية لقصيدتها ثم تختال في جهات النظرحتى تصل الى دلالات انسانية عالية القيمة
نجد ان في هذا النص تشكيلة فنية وجمالية حسية خاضعة لمؤثرات زمانية في مجرى الوحدات الشعرية أصطدام الوعي السردي بالأحداث
·
أُمّي
دثّريني بالحنان
واسكُبي في مُقلَتَيْ بعضَ الضّياء
يا كراماتِ نبيٍّ...
ويا ظلّ إلهٍ
يا بشاراتِ الربيعِ.....
بعد أمطارِ الشتاء
ابذُري ملحَ الطّهارةِ في دمي
يرتقِ في قبضتي ..
وردُ النقاء
ذوّبي جُبن السعادةِ ..
في رغيفِ الفقرِ ..
كي يغدو شهيَّ الكبرياء
حول أتّونِ الحَكايا جمّعينا
غازِلي ليلي بقِنديل ِالغِناء
واحملينا في قِطارٍ من خَيالٍ
أنثرينا خلفَ أسوارِ الفناء
قـَبّلي مني الجبين..
?نه يسمو بطُهرِ القــُبلةِ الأولى
فوق أوجاع السنين
فوق أبراج اليقين ..
لاثمــاً خَدّ السماء
وامنحيني فرصةً....
كي ألثمَ َ القمح َالمُنَدّى
في غُضُونٍ من شقاء
---------------------------
لقد ارتفعت بنا الشاعرة من المستوى الإفهامي العادي إلى المستوى التأثيري، فالشاعرة أبدعت في تحويل اللفظة من أداة إيضاحية في اللغة الشائعة إلى أداة إيجابية في اللغة الشعرية، وبلغت ببراعة درجة التوازن الضروري بين الأصالة والمعاصرة باستعمالها اللغة الواقعية البسيطة مع احتفاظها بعناصر الأصالة فيها، وحققت بذلك شيئين هما: الابتعاد عن الغموض الذي سقط فيه أغلب شعراء القصيدة الحديثة ، والتعبير عن قضية معاصرة
.فلغة الشعر ما لم نستبطن أغوارها كفت عن أن تكون لغة شعرية ، وداخل هذا المجال اللغوي الشعري هناك تفاوتات وتمايزات تجعل من نص شعري ما نصا راقيا وآخر دونه ، وثالث بينهما . ونص مري بذاكرتي ينحاز بأسلوبه الفني وبلغته الشعرية الطازجة الى النوع الأول ؛ فلغة قاموس القصيدة وتنضيدها الفني . هي التي تجعلنا نقبل عليه ونقرأه أكثر من قراءة
شاعرة نجد سلطتها الفنية على جمالية الشعر والصورة والايقاع محكمة تمتعنا في رغبة القراءة لانها تخاطب فينا الروح الانسانية والعقل
يقول الجريح ُ
طريق ُ الظلام ِ طويلٌ
وغرْقى نجومي
وحَمْقى خُطايَ
وفي راحتيّ ..
تعالت أزاهير ُ شوكٍ
فكيف تجودُ
وماذا تُجيدُ يدايَ ؟!
ومن يحتويني ..
يحرّر ُخَطْوِي..
من الطين ِ
قبلَ نذير المنايا
ومن ذا سيدنو
ليرفعَ صخرة َسيزيفَ عنّي ..
وما في الطريق ...
سِواي َ؟!
يقولُ الجريحُ...
لعلّ الصباحَ قريبٌ
يبدّد هذا الظلامَ
فأنجو عسايَ
------------------------------------------
كم هو رائع عندما يكون النص الشعري يلامس الواقعية المباشرة في التحليل والمعنى-- وكم هي مدهشة تلك المفردات التي انتقتها الشاعرة من قاموسها اللغوي( أنفاسي- الجُلّاس ِ - حُرّاسي - إحساسي-)--.وتأملات للدفء والحب( عشق تربع- أضحى فؤادي-وأرق مقلتي- شموعَ الوجْدِ- كنتُ الخَلِيّةَ )وصوت موسيقى تعزف عشق الماضيات، قلة من شواعرنا يكتبن في هذا المضمار الشعري للقصيدة العمودية وقصيدة التفعلية وواحدة من القلة هي (
ماجدة) التي اغنتنا جمالية نصوصها المكثفة في شتى المواضيع اتسمت هذه النصوص بتراكيب لغوية سلسة تسودها المباشرة في الصياغات الشعرية، فإنها بنيت بصياغة سهلة امتدت في فضاءات واسعة لصورة لا ترغب بالغموض ، ولكنها لبست وشاح المباشرة الشعرية وإغناء المفردة أو المعنى الشعري نفسه. إنها نصوص لم تحتمل التأويلات أو الإبحار في قاع المعاني الصعبة . حررت شاعرتنا(ماجدة) نصوصهابعصارة القلب--وهذا نص جديد في كتابات الشاعرة ( عشقٌ في خريف العمر )مكثف بالصور الشعرية
ماذا جرى ؟!...،مُتمَرِّد ٌ إحساسي
والشّيْبُ يضحكُ من لَظى أنفاسي.
عشقٌ ترَبّع َ عَرْشَ قلبي خِلسةً
وهو الزعيم ُبحضْرةِ الجُلّاس ِ
أضحى فؤادي مُضرّجاً بحنينهِ..
وسِهامُ لَحْظِكَ في الهوى حُرّاسي
ماشفّني ألَمٌ وأرّقَ مُقلتي سُهْدٌ....
كهذا السّهم ِفي إحساسي
أذكى شموعَ الوجْدِ داخلَ حُجرتي
وخيالُه ُهو سَلْوتي وإيناسي
راحَ يُعلّلُ صاديات ِسحائبي .
بغرامهِ المسْكوبِ خَمْرةَ كاسي
الطيرُ يشدو في غُصون ِخمائلي
الليلُ يأسو... . و النّهار ُ يُواسي
كنتُ الخَلِيّةَ لا هموم َ تَغُلُّني ..
واليومَ في شرَك ِالغرام ِأُقاسي
رُدَّ إلى قلبي الوَقور ِسُكونَه ُ
وإلى جُفوني غانيات ِ نُعاسي
-----------------------------------
الخاتمة
ظمأ يجتاح الروح، وعين الليل تفتش عن بقايا أبجدية مغموسة بعطرها .. راقصة تلك الحروف التي تنبعث كشعاع وتكتب دقائق الصمت جذوة الشوق على لظى الأنتظار، فالليل ليلك والصمت ترانيم عشق مدونة على رقاقات من شوق، يحتضن الليل بوجع ٍ ولهفة ٍ ويسترق السمع لأيقاعات نبضه
ويبدو أنَّ الشاعرة ماجدة واحدة من الشاعرات اللاتي يبحرن في تلك العوالم المتوالدة بفعل حركة الحياة الظاهرة، فتنتج لنا عوالم جديدة كانت ماكثة في حياة الإنسان الداخلية، فالشعر كدورة الحياة في الطبيعة، أو كالعزف على الأوتار، إذ لابد من مؤثرات كي تنبلج الأحداث وتنتج الدلالات . فالشاعرة ماجدة تعيش حالات مضنية، مما يُفرض عليها من ضغوط الحياة لاسيما العاطفية والنفسية
هكذا أبحرت بنا الشاعرة (ابو شاهين )في رحلة الابداع والتألق، وهذا ما يجعلها أقرب الى قلب العاشق الذي يعزف أجمل الحان العشق والهيام
تشعر بقيمة الكلمة وثباتها مع دف ْ الكون الذي تبحث عنه في رحلتها عند أعتاب القصيدة التي تتمحور كأنثى تزّينت بحيائها من بين قلبين كانت البداية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق